تنتظر مصر خلال الأيام القليلة القادمة وعقب إجازة عيد الأضحى، البعثة الفنية لصندوق النقد الدولى فى زيارتها للقاهرة، لبحث عدد من الملفات الاقتصادية حول القرض المزمع بقيمة 4.8 مليار دولار، وسط مشكلات متفاقمة يعانى منها الاقتصاد، تتمثل فى تراجع الاحتياطيات الأجنبية لمصر إلى 15 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضى، وارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة إلى 170 مليار جنيه، وتراجع قيمة الجنيه بأكثر من 5%، خلال الـ20 شهرًا الماضية، وسط توقعات بأن يتم إلغاء دعم الطاقة عن "بنزين 95"، كأولى الخطوات لتوفير نحو 3.5 مليار جنيه، وتنفيذًا لشروط صندوق النقد الدولى.
وخلال الفترة الماضية، كانت هناك محاولات للتعتيم الإعلامى على شروط أو حقيقة البرنامج الإصلاحى الذى طلبه صندوق النقد للموافقة على القرض، منها تضارب تصريحات عدد من مسؤولى حكومة الدكتور هشام قنديل حول حقيقة خفض العملة المحلية للموافقة على منح "القاهرة" القرض المزمع، فقال الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى: "لا نية لإجراء خفض تدريجى لقيمة الجنيه المصرى أمام الدولار خلال الفترة القادمة، موضحًا أنه يخضع لقوى العرض والطلب، وأن البنك المركزى المصرى لا يستهدف سعر محدد للعملة المحلية لافتًا إلى أن ما تردد خلال الفترة الأخيرة عن خفض تدريجى للعملة المحلية بشرط فرضه صندوق النقد الدولى، لمنح القرض المزمع بقية 4.8 مليار دولار، لا أساس له من الصحة".
فى المقابل قال ممتاز السعيد، وزير المالية، أن كريستين لاجارد، رئيس صندوق النقد الدولى، خلال زيارتها الأخيرة إلى القاهرة مع بعثة الصندوق، طلبت خلال لقاء مع الرئيس محمد مرسى، بحضور أعضاء المجموعة الاقتصادية بالحكومة، خفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكى، إلا أن طلبها قوبل بالرفض.
طارق حلمى العضو المنتدب السابق للمصرف المتحد، قال لـ"اليوم السابع"، "أوضاع الاقتصاد المصرى فى الوقت الراهن تتطلب عقد عدة مؤتمرات اقتصادية خارج مصر ويتطلب ذهاب أعضاء المجموعة الاقتصادية للحكومة إلى المستثمرين الأجانب فى بلدانهم، وشرح الرؤية الاقتصادية لمصر خلال السنوات القادمة، فى ظل تراجع الاحتياطى الأجنبى وفجوة عجز الموزانة العامة للدولة"، مضيفًا أن المستثمرين الأجانب يتطلعون إلى تسهيلات استثمارية وتشريعية، وأيضا طرح الحكومة لأفكارها حول الخطط الاقتصادية لجذب التدفقات النقدية لمصر.
وطالب "حلمى"، حكومة الدكتور هشام قنديل، بوضع خطط اقتصادية "خمسية" و"عشرية"، محددة الملامح والأهداف، موضحًا أن المستثمر الأجنبى عندما يقرر دخول السوق، فإن استثماره عادة ما يكون متوسط وطويل الأجل، وبالتالى لابد من وضع كافة التفاصيل الخاصة بالاستثمار من قبل المسؤولين المحليين، تضمن له الاستمرارية فى الأسواق المحلية للعمل على تنمية وزيادة معدل النمو ومستويات التشغيل.
وأكد العضو المنتدب السابق للمصرف المتحد، على أهمية اختيار الملحق التجارى المصرى فى سفارات وقنصليات مصر الخارجية، فى كافة دول العالم التى نستهدف تنمية العلاقات التجارية والاستثمارية معها، وأن يكون على دراية كاملة وفنية بالمسائل المالية والاقتصادية نظرًا لدوره كسفير اقتصادى للبلاد، وأن ترسل إليه فى إطار تنسيق كامل مع كافة الجهات المحلية، توصيات المؤتمرات والملتقيات الاقتصادية، لشرح كافة زواياها للمستثمرين الأجانب.
من جانبها قالت الدكتورة رانيا المشاط، وكيل محافظ البنك المركزى المصرى لشؤون السياسة النقدية، لـ"اليوم السابع"، إن البنك المركزى، حاول بعث رسالة طمأنة حول أوضاع الاقتصاد المصرى، موجهة لجميع المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، حول استقرار السياسة النقدية، ووضع إطار قوى لها، وتحقيق استقلالية العمليات التشغيلية، ورفع معدلات السيولة، تتويجًا لنجاح برنامج الإصلاح المصرفى، الذى شرع البنك فى تنفيذه منذ عام 2004.
وأضافت "المشاط"، أن البنك المركزى نجح فى تجاوز العديد من التحديات خلال الفترة التى أعقبت ثورة يناير، منها طمأنة المستثمرين وإزالة حالة عدم اليقين والتشكك فى كل ما يحدث، والاضطرابات الأمنية التى واجهتها مصر خلال الشهور الأولى للثورة، وأيضا عدم قدرة الأشخاص على سحب الأموال والأرصدة الخاصة بهم من البنوك العاملة فى السوق، مؤكدة أن "المركزى" عمل على رفع معدلات السيولة النقدية داخل البنوك، بعد فترة من توقف العمل بالبنوك لأكثر من 5 أيام، لتلبية السحوبات النقدية، وذلك عن طريق نقل الأموال والنقدية بالطائرات الحربية لتوصيلها إلى العملاء فى كافة المحافظات، لافتة إلى أن "المركزى" نجح فى تغطية كافة السحوبات بالتنسيق مع البنوك العاملة محليًا.
وقال نضال القاسم عصر، وكيل محافظ البنك المركزى المصرى لقطاع العلاقات والاستثمارات الخارجية، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الشريحة الثانية من الوديعة القطرية بقيمة 500 مليون دولار، سوف تعمل على دعم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى خلال شهر أكتوبر والذى سيعلن نهاية الشهر الجارى، مؤكدًا أن هناك استراتيجية اتبعها البنك المركزى، للنهوض بوضع الاحتياطى الأجنبى، خلال السنوات الماضية، وأيضا خفض مستوى التضخم، وتفعيل الدور الرقابى، والسيطرة على سعر الجنيه المصرى، مضيفًا أن أى مستثمر لم يجد مشكلة فى توفر السيولة بالعملة الأجنبية فى السوق المصرية، حال قراره بالخروج من مصر.
وأشار "عصر" إلى أهمية الاستقرار السياسى والأمنى خلال الفترة القادمة، للعمل على عودة المستثمرين الأجانب مرة أخرى للسوق المصرية، وأن أبرز التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى حاليًا يتمثل فى عجز الموازنة العامة للدولة، والعمل على رفع نسبة النمو لأكثر من 5%، لزيادة نسب التوظيف، وخفض مستوى التضخم، لزيادة تنافسية الصادرات المصرية للخارج.
مصر تنتظر بعثة صندوق النقد بعد العيد وسط تضارب التصريحات حول شروط القرض.. تراجع الجنيه وتفاقم عجز الموازنة العامة ونزيف الاحتياطى الأجنبى أبرز التحديات.. وإلغاء دعم الطاقة أولى الخطوات
الجمعة، 26 أكتوبر 2012 10:08 م