الصدع السياسى فى الكويت يتسع مع اقتراب الانتخابات

الجمعة، 19 أكتوبر 2012 05:07 ص
الصدع السياسى فى الكويت يتسع مع اقتراب الانتخابات البرلمان الكويتى - أرشيفية
الكويت (أ ب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طوال سنوات كان نواب المعارضة فى البرلمان الكويتى هم الأقوى فى منطقة الخليج العربى، حيث كانوا عادة ما يطالبون باستجواب رئيس الوزراء وآخرين بشأن الفساد وإساءة استغلال السلطة.

والآن وفى ظل أزمة سياسية تتعمق بشأن مجلس الأمة (البرلمان) والانتخابات القادمة تضع القوى الصاعدة المناهضة للحكومة ضغوطاً متزايدة على النظام الحاكم وقدرته على إدارة شئون البلاد بشكل كامل فى هذه الدولة التى تعد من أهم حلفاء البنتاجون فى الخليج.

ومازال حدوث انتفاضة كاملة فى الكويت أمراً مستبعداً حيث لا تزال الأسرة الحاكمة فى الكويت هى مصدر الدفعات المالية المقدمة للحكومة وجميع الفوائد التى تعد أساساً للعقد الاجتماعى فى البلاد.

لكن جماعات المعارضة بقيادة الإسلاميين المحافظين تذوقت السلطة وتريد المزيد، ما يثير تساؤلات حساسة مثل مدى تأثير الإسلاميين المعارضين على علاقات الكويت الوثيقة بالغرب ومحاولة تقييد حرية التعبير.

كما يبعث هذا بجرس إنذار لدول الخليج الأخرى، الخاضعة لحكم مقيد مثل الإمارات العربية المتحدة، والتى تتخوف من تصاعد نفوذ الجماعات الإسلامية بتأثير الربيع العربى وفوز الإخوان المسلمين فى الانتخابات المصرية.

وقالت إيمان البيضة، وهى كاتبة عمود فى صحيفة الجريدة، ذات التوجه الليبرالى: "كلما امتلك الإسلاميون المزيد من السلطة، كلما زادت التوترات فى المنطقة".

وتصاعدت التوترات خلال الأسابيع الماضية من حيث الحجم وقدر الغضب فيما قضت الكويت شهوراً فى أزمة سياسية معقدة، بلغت ذروتها الأسبوع الماضى مع قيام أمير البلاد بحل مجلس الأمة، ما يمهد الساحة أمام انتخابات جديدة يتوقع أن يحقق الإسلاميون وحلفاؤهم من القبائل فيها أداء قوياً.

ولم يحدد الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح موعداً للانتخابات بعد، الأمر الذى أثار احتجاجات من قوى المعارضة؛ حيث وقعت مصادمات يوم الاثنين بين محتجين وقوات الأمن بعدما ألقى بعض المتظاهرين الأحذية على قوات الأمن.

وحطم نائب سابق هو مسلم البراك أحد المحرمات السياسية فى الكويت، بعدما حذر الأمير البالغ من العمر ثلاثة وثمانين عاماً من أن البلاد تطالب بالانتخابات ولن تتساهل مع الحكم المستبد.

وقال البراك أمام أكثر من ثمانية آلاف من المحتجين: "لن نترككم تحكمون هذا البلد وحدكم".

ودعا البراك أيضاً إلى إنشاء ملكية دستورية، ما يعنى إنهاء احتكار الأسرة الحاكمة للمناصب الرئيسية مثل رئيس الوزراء وهو ما يمكن أن يفتح الباب أمام قوى المعارضة للسيطرة على شئون البلاد.

ويعد البرلمان الكويتى هو الأكثر جرأة سياسيا فى دول الخليج العربى، لكن الانتقادات عادة ما تكون محصورة فى مجلس الوزراء ولا تصل إلى الأمير.

وقال سعد بن طفلة، ناشر جريدة الآن الإلكترونية، ووزير الإعلام السابق، إنه ولأول مرة فى تاريخ الكويت يوجه الناس فعلاً اللوم إلى الأمير بشكل مباشر على ما يحدث فى البلاد واصفاً هذا الأمر بأنه تاريخى.

ولم تواجه الكويت الغنية بالنفط احتجاجات واسعة منذ اندلاع انتفاضات الربيع العربى العام الماضى فى أنحاء الشرق الأوسط. لكن المعارك السياسية والاضطرابات العمالية عطلت الكثير من خطط التنمية وأعادت كتابة قواعد المعارضة السياسية. وفى العام الماضى، توجه عشرات المحتجين المعارضين للحكومة إلى مقر مجلس الأمة خلال مناقشة بشأن مساعى مساءلة رئيس الوزراء حول اتهامات بالفساد.

كما تعد الكويت واحدة من الحلفاء العسكريين الأكثر أهمية إستراتيجية فى الخليج لواشنطن. وتزايدت أهميتها لدى واشنطن بشدة عقب انسحاب القوات الأمريكية من العراق فى ديسمبر.

وهى الآن مركز للقوات البرية الأمريكية فى منطقة الخليج حيث تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب إلى مجابهة الحشد العسكرى الإيرانى.

وتحركت المواجهات السياسية فى الكويت التى ظلت تنضج ببطء على مدار سنوات إلى مستوى جديد فى انتخابات فبراير عندما حصل الإسلاميون ومناصروهم على الأغلبية فى مجلس الأمة المؤلف من خمسين مقعدا.

وجاءت مطالبهم بسرعة: مناصب هامة فى الحكومة وكلمة أعلى فى تعيين الوزراء الآخرين.

وحاولت المؤسسة المذهولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

فحل الأمير البرلمان الذى تقوده المعارضة وأجرى تعديلات الدوائر الانتخابية التى بدت أنها تعطى ميزة لقوى معارضة الحكومة.

وفى سبتمبر رفضت محكمة كويتية الطعن الذى تقدمت به الحكومة وحركت المياه الراكدة باتجاه إجراء انتخابات جديدة يتوقع بشكل كبير أن تكون فى صالح المعارضة.

ووفقا للقوانين الكويتية، من حق الأمير أن يحدد موعد إجراء الانتخابات أوائل ديسمبر بعد مرور ستين يوماً على حل البرلمان.

إلا أن جماعات المعارضة تخشى من أن الحكومة قد تحاول تعديل قوانين الانتخابات لإعطائهم ميزة.

وفى وقت سابق من الأسبوع الجارى، ردد المحتجون هتافات ضد أى محاولة لما أسموه بسرقة حقوقهم. وكان فى التظاهرة أيضا علامات على ظهور تحالفات غير معتادة: الكويتيون ليبراليو الفكر الذين انحازوا - فى هذه اللحظة، إلى الإسلاميين والفصائل التقليدية الأخرى.

لكن فى العمق، نجد أن الطرفين على خلاف شديد بشأن قضايا اجتماعية مثل الاختلاط بين الجنسين والموسيقى وحقوق المرأة.

وأدانت الجماعات الليبرالية وبصوت جهير جهود الإسلاميين الرامية إلى فرض الرقابة على الفنون والكتب التى توصف بأنها معادية للإسلام.

لكن بعض الليبراليين يميلون إلى دعوة الإسلاميين لإجراء إصلاحات سياسية واسعة وما يثار حول فساد الأسرة الحاكمة دون رقيب.

ويعتقد بسام العسوسى، العضو بجبهة المنبر الديمقراطى السياسية الليبرالية، أن الكثير من الليبراليين سيأسفون على دعمهم للإسلاميين إذا ما عاودوا السيطرة على مجلس الأمة وشرعوا بالدفع من أجل قيود اجتماعية أكثر تشددا وإجراءات معادية للغرب.

وأكد أن الحكومة قد يكون عندها الكثير من أوجه القصور بالفعل لكنه قال فى الوقت ذاته إن زعماء المعارضة ليسوا الأشخاص الذين سينقذون البلاد متهما إياهم بأنهم رجعيين وليسوا تقدميين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة