تقول جمعية أسسها رجل أعمال ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر إنها تستطيع ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص فى الاقتصاد الذى طالما هيمن عليه أعوان الرئيس السابق حسنى مبارك لكن هناك مشككين يخشون ظهور زمرة أخرى تحتكر الأعمال.
وتهيمن جماعة الإخوان المسلمين الآن على الحياة السياسية فى مصر بعد الإطاحة بمبارك. لكن قوتها أقل من ذلك فى الاقتصاد الذى هيمنت عليه حفنة من رجال الأعمال المقربين من جمال مبارك نجل الرئيس السابق المسجون حاليا.
ويقول معارضون إن الإخوان يريدون أن تكون لهم فى عالم الأعمال نفس قوتهم فى السياسة ويتطلعون لمكافأة أولئك الذين دعموا الجماعة ماليا خلال السنوات الطويلة التى كانت محظورة فيها.
ويثير هذا استياء الليبراليين الذين رأوا فى الإطاحة بمبارك العام الماضى فرصة لقيام اقتصاد على أساس الجدارة.
ويشدد حسن مالك رجل الأعمال والعضو فى جماعة الإخوان المسلمين على أن هدفه هو ترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص منذ أن أسس الجمعية المصرية لتنمية الأعمال (ابدأ) فى مارس قبل ثلاثة أشهر من فوز محمد مرسى العضو فى جماعة الإخوان برئاسة مصر.
وتبنى مالك فى تأسيس الجمعية نموذج جمعية موسياد التركية التى تجمع رجال أعمال متدينين من أصحاب الشركات الصغيرة يتبادلون المعلومات والعقود لتحدى الهيمنة التقليدية للمجموعات الكبرى. وقال مالك وهو سليل عائلة لها باع فى الأعمال واكتسب ثروته من البرمجيات والمنسوجات والأثاث إن الجمعية ترحب بكل من يرغب فى العمل معها.
وأضاف أن التوزيع غير المتساوى للفرص هو ما تسعى الجمعية لتغييره فى مصر الجديدة.
وسارعت شركات كثيرة ومن بينها عدد كبير من الشركات الصغيرة التى تكافح فى ظل ضعف الاقتصاد للانضمام إلى جمعية ابدأ التى أصبحت تضم أكثر من 400 عضو. وتقول الجمعية إن هناك 1000 شركة تنتظر الانضمام إلى عضويتها.
ويمثل بعض الأعضاء شركات رائدة مثل السويدى اليكتريك لصناعة الكابلات وشركة جهينة للصناعات الغذائية وشركة حديد المصريين. وازدهرت هذه الشركات خلال حكم مبارك الذى دام ثلاثة عقود لكنها لم تواجه دعاوى قضائية ضد الفساد كتلك التى أقيمت بعد الإطاحة بمبارك فى فبراير 2011.
وفى علامة على طموحاتها واتصالاتها الجيدة فى مواقع السلطة الجديدة أرسلت ابدأ وفدا من 80 من رجال الأعمال كثير منهم من الشبان الذين ليست لهم صلات شخصية بالإخوان لمرافقة مرسى فى رحلة إلى الصين فى أغسطس.
وقال أسامة فريد رئيس لجنة التعاون الدولى فى ابدأ، إن زيارة مرسى للصين شكلت تحولا عما كان يحدث فى الماضى حين كان مبارك يصطحب معه نحو عشرة رجال أعمال من أصحاب الحظوة فى رحلاته الخارجية لاقتناص الفرص المتاحة.
وقال فريد إن فى "ابدأ" رجال أعمال كانوا فى وضع جيد فى عهد مبارك ورجال أعمال جددا يتطلعون للازدهار فى مصر الجديدة. وأضاف أن الجمعية لا تحاول استبدال ما هو قائم بل تحاول تقديم بديل.
وضاعف مالك لقاءاته مع الدبلوماسيين الأجانب ورجال الأعمال وممثلى بنوك دولية. وينسب إليه مسئولون فى الإخوان الفضل فى تسهيل حصول مصر على قرض بقيمة مليارى دولار من تركيا الشهر الماضى. ومنذ الإطاحة بمبارك شهد رجال مثل مالك تغيرا هائلا فى أحوالهم.
فقد كان رجال الأعمال الذين لهم صلة بالإخوان مجبرين على العمل تحت قيود على حجم الثروة التى يستطيعون جمعها. وصودرت عقارات من بعضهم خلال التسيعينيات وألقى القبض على بعضهم بتهمة غسل الأموال أو تمويل جماعة الإخوان.
وأمضى مالك وشريكه السابق خيرت الشاطر وهو أيضا من كبار رجال الأعمال فى جماعة الإخوان المسلمين أكثر من أربع سنوات فى السجن معا فى عهد مبارك الذى سعى لكبح جماح الإخوان كما حظر الجماعة رسميا.
وقالت مصادر لرويترز إن الرجلين يتنافسان الآن على النفوذ الاقتصادى داخل الجماعة. وبينما يسعى مالك لتوسيع نطاق عمل جمعيته افتتح الشاطر سلسلة متاجر وأجرى محادثات فى دبى فى الآونة الأخيرة لتأسيس بنك هناك للمساعدة فى إدارة أموال الجماعة.
ويشك بعض رجال الأعمال فى دوافع ابدأ. فقد قال مدير بشركة تعمل فى القطاع الزراعى لرويترز إنه لا يزال يحاول اتخاذ قرار بشأن عرض قدمته الجمعية لينضم إليها. وقال "أتفق مع أهدافهم فى توسيع نطاق الأعمال.. لكن ما أخشاه أن تتحول ابدأ إلى شلة أخرى مقربة من الرئاسة الإسلامية على غرار شلة جمال مبارك."
وفى تركيا التى ينظر إليها البعض فى جماعة الإخوان المسلمين نظرة إعجاب لإظهارها أن الديمقراطيين الإسلاميين يمكنهم تولى السلطة من الحكام العسكريين وأقامت جمعية موسياد علاقات مع نظرائها المصريين قبل أكثر من عشر سنوات حين كان رجال الأعمال الأتراك يحاولون إيجاد سبل لتعظيم الاستفادة من أسواق المنطقة.
وظهرت موسياد كجماعة ضغط لأعداد متزايدة من رجال الأعمال فى الطبقة الوسطى بالتزامن مع صعود حزب العدالة والتنمية الذى وصل إلى السلطة عام 2002 والذى له جذور فى الإسلام السياسى. وتقدم موسياد نفسها كشريك للمستثمرين الأجانب الذين يتطلعون للعمل فى تركيا بل وفى أرجاء العالم الإسلامى.
وقال كوراى تشاليشكان أستاذ العلوم السياسية فى جامعة البوسفور فى اسطنبول "ابدأ" و"موسياد" تمثلان تجمعا ضخما لرؤوس أموال صغيرة." وتابع "أولئك الموالون لنظام مبارك كانوا تجمعا صغيرا لرؤوس أموال كبيرة."
ونظرا لأن موسياد تضم الآن آلاف الأعضاء وتحظى بمكانة مميزة لدى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان المنتمى لحزب العدالة والتنمية فقد أصبحت تمثل تحديا لجمعية رجال الأعمال العلمانيين المهيمنة فى تركيا توسياد.
رويترز: الشاطر ومالك يتنافسان على النفوذ الاقتصادى داخل الإخوان
الخميس، 18 أكتوبر 2012 12:14 م