أكتب هذه الكلمات، وأنا فى قمة الحنق والمرارة، لأننى أيقنت تماماً، أن شيئاً لم يتغير فى مصر.. صحيح خلعنا مبارك، ولكن ماذا عن الملايين الذين اغتصبوا السلطة فى مختلف مؤسسات الدولة؟! ولهذا بعد عامين من قيام الثورة لم نتحرك خطوة واحدة إلى الأمام، بل عدنا خطوات إلى الخلف، حتى أوشكت أنا شخصياً على الترحم على أيام مبارك!!
وزارة الرى، شأنها شأن باقى وزارات الدولة، لا تكمن مشكلتها فى حلول وزير محل وزير، ولكن الكارثة الكبرى تكمن فى الفِرَق وكادر الموظفين البيروقراطيين، الذين يسيطرون على كافة مفاصل الوزارة. وهؤلاء والحمد لله، حدث عنهم ولا حرج... فأستطيع أن أجزم بأن ما لايقل عن 99% ممن عينوا للعمل فى تلك الوزارات عينوا بطريق الخطأ، وللتوضيح فإنهم قد عينوا على حساب وجماجم الكفاءات. فمن كان له ظهر كان له المكان فى الوزارة أو الهيئة.. ولهذا أَنَى ننتظر الخير على أيدى هؤلاء، حتى ولو أتينا بمهاتير محمد أو رجب طيب أردوغان على رأس الوزارة!!
دعونى أدخل فى الموضوع لأدلل على صدق ما قلته أعلاه، اتصل بى أبناء قريتى، وهى قرية كفر غنام مركز السنبلاوين، محافظة الدقهلية، أبلغونى بأن زراعاتهم قد ماتت وفقدوا مصدر دخلهم وبارت أراضيهم، لسبب بسيط ألا وهو عدم وصول مياه النيل إلى الترعة التى تغذى نحو700 فدان من أراضى القرية!!
ومشكلة قرية كفر غنام أنها آخر قرية فى محافظة الدقهلية، وجزء كبير من أراضيها يتم ريه من الزقازيق، فهى بالتالى تقع فى آخر الدقهلية وآخر الشرقية، وبحكم هذا الموقع العاثر، نادراً ما تصلها مياه النيل العذبة، هنا تفتق ذهن مسئولى وزارة الرى بالشرقية إلى أن وصلوا إلى فكرة تركيب ماكينة لرفع مياه الصرف والمجارى لتعويض مشكلة عدم وصول مياه النيل العذبة للقرية!! لك أن تتخيل أن 700 فدان يتم ريها من مياه الصرف والمجارى!! لك أن تتخيل مدى قذارة المنتجات، ولهذا لا تجد فلاحاً يأكل مما تخرجه هذه الأرض التى تسرح فيها الديدان والحشرات!!
قبل نحو شهرين، كلمنى أهالى القرية لأساعدهم، باعتبارى ابنا من أبناء القرية، فاتصلت بوكيل وزارة الرى بالزقازيق، السيدة أمانى وكافة المسئولين بمركز كفر صقر، ولكن كانت النتيجة صفراً كبيراً.
فما كان أمامى إلا الاتصال بمكتب وزير الرى، هنا كانت الكارثة، حيث تم نقلى إلى نحو خمسة موظفين داخل الوزارة، بخمسة أرقام هواتف مختلفة، ولهذا لم أعد أعرف أسماء من تحدثت إليهم، وفى النهاية تفتق ذهن أحدهم بأن طلب منى بأن أرسل لهم الشكوى قبل تحديد الموعد للقاء الوزير، قلت خليك وراء الكذاب، وبالفعل أرسلت الشكوى وعنوانها (عاجل جداً)، أرسلتها مرة بالبريد الإلكترونى (غير المفعل بالطبع)، ومرتين على فاكس معالى الوزير، مضى الآن أكثر من شهر، ولم يتعطف علينا أحد من جهابذة الوزارة بالرد، تماماً مثلما كان الوضع خلال العهد البائد، فهم لا يعرفون غير حكمة مبارك "الكلاب تنبح والقافلة تسير".
لقد ضمنت الشكوى مقترحاً يقترحه أهالى القرية لحل هذه المشكلة الخطيرة، وهو أن يتم تحويل أراضى قرية كفر غنام ليتم ريها من ترعة الشعلة القادمة من السنبلاوين، وسيتطلب تنفيذ هذا المقترح التنسيق بين وكيل وزارة الرى بالدقهلية والشرقية، حيث يلزم حفر مسافة محدودة جداً، ليتم ربط ترعة كفر غنام بترعة الشعلة، وعندها ستحل المشكلة وستروى الأرض بماء عذب لتعود لها الحياة، وتعود الحياة لأكثر من 250 أسرة تعيش على عائد هذه الأرض!!
ولهذا، فإن رسالتى إلى السيد وزير الرى، أرجوكم إذا كنتم تنشدون حقاً الخير لهذا البلد عليكم أن تغيروا عتبة وزارتكم، ياسيدى، فاقد الشىء لا يعطيه!! عليك أن تبذل بعض الجهد وأن تراجع ملفات هؤلاء الموظفين، عندها ستدرك الحقيقة المرة، الآلاف من المتفوقين ألقى بهم إلى قارعة طريق الفقر والبطالة والتطرف، واستولى على حقوقهم أشخاص لا علم ولا مهارة لديهم، فأنى يتأتى الإصلاح التقدم على أيديهم؟!
ما قلته بشأن وزارة الرى ينطبق بالتمام والكمال على كافة مؤسسات الدولة ووزاراتها دون استثناء، ولهذا إذا أردنا حقاً الخير لمصر، فعلينا إجراء حركة تطهير شاملة وقاسية، وفى نفس الوقت تغذية هذه المؤسسات بدماء شابة جديدة، لتُدخِل الحياة على هذه المؤسسات، ولكن مشكلة كفر غنام لا يمكن أن تنتظر كثيراً يا معالى الوزير، فقد اتبعت الطريق الذى رسمه لنا جهابذة وزارتكم، أما وأن تعذر على الوصول إليكم، فما كان أمامى سوى الصعود بها إلى الصحافة، وأخشى ما أخشاه أن يتحرك أهالى القرية تحركاً غير محمود، تحت ضغط المشكلة وتجاهل الوزارة!! فهل تتفضلون بعمل شىء من أجل هؤلاء الفلاحين البسطاء، والحل موجود وبسيط، فقط المطلوب هو الإرادة والقدرة على عمل شىء. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماء
ربنا يوفقك بجد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عمار
أبشر
أبشر يا دكتور بالخير مادام في مصر مثلك