أكد الناقد الدكتور صلاح فضل، رئيس الجمعية المصرية للنقد الأدبى، أن دفن الناقد الدكتور الراحل عبد الرحمن أبو عوف فى مدافن الصدقات، يعد إهانة كبيرة للمثقفين والكتاب والنقاد كافة، وأنه يجب أن يكون للمبدعين والمثقفين موقف إزاء هذا التصرف، وألا يسمحوا بتكراره مرة ثانية.
وقال "فضل"، خلال الندوة التى أقيمت مساء أمس، الأحد، لتأبين الراحل "عبد الرحمن أبو عوف" بجمعية النقد الأدبى، إن الخطاب النقدى منذ السبعينيات ارتكب خطيئة كبرى عندما زعم ممثلوه، وأنا أولهم، وعبد الرحمن أبو عوف ورجاء النقاش، أنهم يلتمسون طرق الحداثة وقطعوا الطريق على النقاد الماركسيين ذوى الحس الاجتماعى المهتمين بالواقع، وظنوا أن الدنيا قد تجاوزتهم وتجاوزت أفكارهم، فعزف "النقاش" عن الكتابة، ولكن "أبو عوف" لم يفعل ذلك، ولم يتوقف، وواصل عمله وحلمه بمشروعات طويلة المدى دون أن يعلى من النبرة المذهبية، وهذا فارق بينه وبين الناقد الكبير محمود أمين العالم الذى ظل متمسكا بمذهبه.
وأشار "فضل" إلى أن "أبو عوف" لم يكن متعاليًا، ولكنه كان قليل الكلام متأملا، وهو ما جعله نموذجاً أصيلاً للذين يوقدون شعلة الأضواء حول الأخريين دون أن يستضيئون بها.
كما أكد الروائى إبراهيم عبد المجيد، أنه كانت تربطه بـ"عبد الرحمن" علاقة صداقة قوية، وقال، لم نستطع فى يوم من الأيام أن يطلب "أبو عوف" منّا شيئا ونرفض القيام به، وكأنه يأمرنا دون أمر، وأنه كان إنساناً ملتزماً راهباً للفكر والثقافة لم يهدر وقته، ولم يسع للشهرة، وكان يرى أن اهتمامه بالشهرة والظهور سوف يشغله عن القراءة والعمل النقدى، كما أنه لم يحصل على جوائز ولم يهتم بها فى حين أن هناك من أنصاف المثقفين والمواهب من يحصلون على جوائز كثيرة.
وقال الروائى، "فؤاد قنديل" لا يصح أن نتباكى ونقوم بالتأبين وحسب، بل علينا أن نفعل شيئا من أجل "عوف"، ومن أجل الثقافة المصرية، وهو أن نقوم بطباعة أعماله ونشرها مرة أخرى، وهو ما لاقى تأييدا من الحضور، مشيرًا إلى أنه عرف "أبو عوف" فى ندوة نجيب محفوظ عام 68 وأول ما لاحظه أنه كان مستمعاً ومتأملا جيدا، وذلك ما مكنه من تقديم الكثير للنقد العربى الثقافة العربية، وذكر أنه قدم للهيئة كتابا يحوى حوارات مع عمالقة الثقافة فى مصر، منهم د. شكرى عياد ود. زكى نجيب محمود وغيرهم من العظام.
كما أشار "قنديل" إلى دور النقاد المبدعين من خارج الأكاديمية البحثية الذين يمثلهم أبو عوف والنقاش وفاروق عبد القادر من هؤلاء النقاد الذين لم يتقوقعوا داخل أسوارهم الجامعية، بل يخرجون للعمل والبحث على أرض الواقع.
أما الناقد د. مصطفى الضبع، الذى يختلف عنه كثيرا، لأنه من جيل آخر، أكد أن علاقته بعبد الرحمن أبو عوف كانت مثالا جيدا للكبار الذين يشعرون بقيمة الأجيال الجديدة وقدرتها على تقديم ما يفيد الثقافة، وتابع أن النقاد يحتاجون خصوصا فى بدايتهم إلى دافع كى يقوموا بالعمل والإنتاج، وأبو عوف واحد من هؤلاء الذين كانوا يخلقون لنا دوافع للعمل، وكثيرا ما كان يتصل بنا للعمل على ملف ما أو يطرح قضية ما ويطلب منّا البحث فيها لنشرها فى مجلة الرواية التى أسسها، وأشار إلى قدرته على كشف المبدعين الجدد وتقديمهم للجمهور وللأوساط الأدبية والثقافية كعادة النقاد الكبار الذين يقومون بدورهم.
وقال د. عبد السلام الشاذلى، إن لعبد الرحمن أبو عوف منجزا نقديا هاما وكثيرا ما أختلف مع السابقين عليه، رغم تقديرهم، فذكر أنه حينما قام بإجراء حوار مع د. شكرى عيّاد وسأله عن الكتاب الجدد قال له إن إبراهيم أصلان كاتب انطباعى، وهذا ما جعله يوطد علاقته بـ"إبراهيم أصلان"، ويعيد قراءته ليكتب عنه ويثبت أن "أصلان" يقدم قراءة شديدة العمق تنم عن وعى نقدى للحياة وللإنسان المصرى والثقافة، ولكن بأسلوب مختلف وبسيط، وقال رغم أن لى مآخذ على منهجية أبو عوف، إلا أن نتاجه ومنجزه شديد الأهمية.
وتحدث هشام داوود، نجل شقيقة الراحل عبد الرحمن أبو عوف، والذى كان يعتبره ابنا له وشكر وزير الثقافة على جهده لنقل "أبو عوف" لمستشفيات جامعة القاهرة، والذى ربما يكون جاء متأخرا نظرا للظروف والقدر، وقال إن رواية "عودة الروح" لتوفيق الحكيم هى أولى الكتب التى أحدثت تغييرا فى مسار حياته حينما أهداه أخيه الكبير عبد الملك أبو عوف عالم الصيدلة ومؤسس كلية الصيدلة بجامعة المنيا، ومن المفارقة أن أبو عوف حين توفى وجدنا فى حقيبته التى كانت معه فى المستشفى قبل وفاته بعض الجرائد ومصحف إضافة لرواية "عودة الروح" لتكون أول الروايات وآخرها.
كما أشار إلى دور شقيق أبو عوف الثانى "إبراهيم" نقيب أطباء الأسنان بالمنيا، والذى كان يسارياً وكان أيضاً سبباً فى انضمام أبو عوف لمنظمة "حدتو"، وأضاف أنه عمل طوال حياته بشركة أدوية ولم يحبذ أن يعمل فى المؤسسة الثقافية الرسمية حتى يكون حراً، أيضا تحدث عن اعتقاله عام 1975 حيث تم توجيه تهمة قلب نظام الحكم له ولعدد من النشطاء المثقفين، مثل صلاح عيسى وصافيناز كاظم وغيرهم، وكانت تلك التجربة سببا فى مرضه بالدرن نظرا لسوء الاهتمام فى مستشفى السجن.
وتحدث أيضا عن فترات العزلة التى كان ينكسر فيها أبو عوف عقب وفاة أمه أو شقيقته أو ليأس ما من الظروف التى تمر بالمجتمع كان يخرج منها قويا منتجا وكأنه أعاد اكتشاف نفسه من جديد.
عدد الردود 0
بواسطة:
قارئ
اسألوا: اين كان اتحاد الكتاب اثناء مرض ووفاة ابو عوف