أيمن نور

مندور.. زعيم الطليعة!!

الإثنين، 02 يناير 2012 07:33 ص


من أعظم وأنقى وأشرف رموز الحركة الوطنية فى مصر الدكتور محمد مندور..
أسماء وأوصاف كثيرة يمكن أن تطلق على المفكر السياسى، والصحفى، والمحامى، والناقد الأدبى الدكتور محمد مندور «1907-1965» فهو «زعيم الطليعة الوفدية»، وهو المفكر «الليبرالى الاجتماعى»، وهو «الإصلاحى الديمقراطى التقدمى» وهو رجل «الحلول الوسط»، وهو رمز تحالف اليمين واليسار المصرى، وهو رئيس تحرير جريدة «الوفد المصرى»، وقبل هذا كله هو العلامة البارزة فى مجال النقد الأدبى.

الدكتور مندور بالنسبة لى شخصيا، ومعه الدكتور عزيز فهمى، هما علامة فارقة فى حياتى السياسية والحزبية، سواء فى شطرها الأول بـ«الوفد» «1983-2001» أو شطرها الأخير بـ«الغد» «2002–2009».

دخل مندور إلى حزب «الوفد» عبر بوابة العمل الصحفى تاركا المحاماة، فعندما عهد إليه بإدارة صحيفة «الوفد المصرى» فى نوفمبر 1945، حولها من نشرة داخلية إلى صحيفة ثورية قادت توجهات الحزب، وأضافت إلى رصيده بالشارع -الذى كان قد تعرض لخصم كبير- بفعل حادثة 4 فبراير 1942، كما عمَّقت الصحيفة الرؤية الاجتماعية للوفد، رغم صعود قوى محافظة داخل الحزب فى هذه المرحلة، تحت رعاية شخصية من النحاس لهذا المنبر الصحفى الذى تحول إلى منبر سياسى داخل الوفد أو تيار حقيقى داخله.

عندما بدأت فى منتصف التسعينيات سلسلة مقالات «23 حلقة» بجريدة الوفد، تحت عنوان «الطريق الثالث» راجت شائعات داخل الوفد -الحزب والصحيفة- أن السلسلة تهدف للترويج لمشروع حزب جديد!! وتوقف نشر هذه السلسلة أكثر من مرة، ثم كانت تعود كل مرة بتعليمات وتدخل مباشر من الراحل فؤاد سراج الدين، الذى كان مدركا أن هذه السلسلة ليست إلا محاولة مخلصة لتحمل عبء التنظير لتيار ليبرالى إصلاحى يتبنى مواقف أكثر عملية تجاه المجتمع ويتوافق مع تطورات اقتصادية واجتماعية متلاحقة، غابت عن برنامج الوفد الجديد الذى كان خاليا من ليبرالية الوفد التقليدية أو الرؤية الاجتماعية التى مثلها مندور.

فرغم العلاقة غير الحميمة التى ربطت بين سراج الدين والطليعة الوفدية ورموزها فإن التسامح الليبرالى الفطرى فى شخصية سراج الدين دفعه لاحتمال رؤية إصلاحية تخرج من رحم الوفد وتبقى غير متصادمة مع شخصه وزعامته، بل أزعم أن الرجل كان شغوفا بالوقوف على المزيد من أطروحات «الطريق الثالث» وتحديدا فى إطار تجربة تطوير حزب العمل البريطانى إبان الصعود الأول لنجم تونى بلير كزعيم شاب للحزب وتحوله من اليسار إلى يسار الوسط بعد إلغاء البند الرابع من منافستو الحزب والذى كان يدعو للتأميم أو يسمح به.

رغم العداء التقليدى بين فؤاد سراج الدين وتيار الطليعة الوفدية، فإنه كان يحمل تقديراً خاصاً لشخص الدكتور محمد مندور والدكتور عزيز فهمى، وعبد الرءوف أبوعلم، ورفيق الطرزى، وأذكر أنه فى سنوات سراج الدين الأخيرة سمح بضم بعض الأسماء المحسوبة على بقايا الطليعة الوفدية لعضوية الهيئة العليا للحزب، مثل: منير شنب، وطرباى، وحامد الأزهرى، كما قبل -بحذر- خلافة أحمد الخواجة لوحيد رأفت فى رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بالوفد، وبقى الموقف من انضمام الدكتور عبد المحسن حمودة لعضوية الجمعية العمومية للوفد مرتبكا دائما!!

كان غياب فؤاد سراج الدين فى عام 2000 هو كلمة السر فى بداية تحويل مشروع «الطريق الثالث» من مجرد أطروحات متناثرة لبرنامج حزبى يمتد لتصل مساحته 2200 صفحة تقدمت بها كأول برنامج لحزب الغد الذى حمل اسم حزب «الغد المصرى الليبرالى الاجتماعى» واختلفت الأسماء بتعدد مرات التقديم باختصار كلمة من اسم الحزب فى كل مرة من مرات التقديم،وبقى البرنامج تجسيدا لأفكار الطريق الثالث التى زاوجت بين أفكار رموز الحركة الليبرالية المصرية أمثال الإمام محمد عبده، وأحمد لطفى السيد، ومحمد حسين هيكل، وقبل الجميع الدكتور محمد مندور، والدكتور عزيز فهمى!!
عندما نقول إن حزب غد الثورة تأسس بحكم قضائى يوم 11 أكتوبر 2011، فإننا نتجاهل أن هذا الحزب هو جيل جديد من أجيال الغد المتعاقبة وامتداد لرموز فِكرية وسياسية ليبرالية وإسلامية ويسارية أحَبت هذا الوطن واحترمت حقه فى الاختلاف.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة