نادر بكار

رقعة الشطرنج!

الجمعة، 13 يناير 2012 07:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحيانا أشعر أن المشهد السياسى فى مصر تحول إلى ما يشبه رقعة ضخمة للشطرنج، صحيح أنه قد يتبارى عليها أكثر من لاعب فى نفس الوقت خلافا للمعهود، لكنها، كما الحقيقية، تظل غير قابلة للقسمة إلا على لاعب واحد فى نهاية المطاف!

وبادئ الرأى فإن القوى السياسية والمجلس العسكرى والأحزاب وآخرين كلهم مشارك وفق أهدافه وقناعاته بنصيب ما من رقعة الشطرنج، وإن كنت أثق أنك لو أمعنت النظر فستجد أنه ليس بالضرورة أن يكون كل أطراف اللعبة على نفس القدر من الحنكة والمهارة، بل ربما قد تفاجأ بأنهم ليسوا بلاعبين أصلا، إذ يمكن أن يكونوا عن غير قصد بمثابة قطع يحركها غيرهم على الرقعة بمنتهى اليسر، لاسيما أولئك الذين يصرون على قراءة المشهد باعتباره حلبة للمصارعة، فهم أقرب الناس للوقوع فى فخ الاستخدام من غيرهم.

المهم أنه قد استهوتنى مسألة رقعة الشطرنج هذه كثيرا، فظللت أنقب وراء أسرار اللعبة لأفهم كيف يحسم اللاعب الماهر «الدور» لصالحه؟ فإذا بجهابذة اللعبة قد كشفوا الكثير منها وبثوا خبراتهم فى هذا المضمار لكل ناهم متعطش، فخذ عندك مثلا اتفاقهم على أنه رغم كون رقعة الشطرنج تعتمد بالأساس على الذكاء فى أكثر درجاته حدة، فإن كثيرا من اللقاءات قد يتفوق فيها الأصبر والأكثر اتزانا وقدرة على تحليل المواقف وإعادة تقييمها، على ذكى ربما كان الطيش رفيقه الدائم.

وقالوا الفرق بين اللاعب المبتدئ والآخر المحترف حساسية الأخير للمواقف الحرجة، فهو على علم بحركات خصمه التى تمثل «تهديدا مباشرا» من تلك التى لا تحتاج كبير عناء لمواجهتها.. حساسية تمتد لتشمل «عنصر التوقيت» أيضا، إذ إن اللاعب الماهر يعلم متى يقدم على حركة بعينها ومتى يؤخرها، متى يستمر فى خطته المعدة مسبقا ومتى يعدل عنها إلى «خطة بديلة».. قلت فى نفسى: أو هناك خطة بديلة؟ فلكأنى بالخبراء سمعوها، فرمانى جهبذ منهم ببصره شذرا، وقال: هذه بديهيات يا فتى، ينبغى أن تكون مستعدا مع كل حركة على الرقعة بخطة بديلة وإلا فإن احتمال أن يتوقع خصمك حركة لك فيعمد إلى إفسادها ليس منك ببعيد.

وماذا عن «ثبات الأعصاب» هل له دور فى حسم اللقاء، أفتونا يرعاكم الله؟ هزوا رؤوسهم بالموافقة، قالوا: أما تدرى أن ثبات أعصابك وتركيزك غير المنقطع كفيل بأن يقلب لك هزيمة محققة إلى نصر مبين؟ نعم قد يباغتك خصمك بحركة لم تدر بخلدك أو يثخن بك الجراح، فيخرج لك قطعة تلو أخرى من جيشك، فإن خانتك أعصابك طرفة عين فخسارتك إذن مرشحة للتضاعف سريعا، ووحدها رباطة الجأش قد تعيد لك أحكام القبض على زمام الأمور.

ظللت أحصى ما قالوه مخافة أن أذهب عنه: الصبر، الاتزان، الحساسية للتوقيت، الخطة البديلة، وثبات الأعصاب، هل من مزيد يا رفاق؟ همهم أحدهم: آخر ما نوصيك به ألا تغفل أبدا عن «رؤية متكاملة» لرقعة الشطرنج، فلاعب ينغمس فى مراقبة قطعة بعينها أو يشرد ذهنه مع كل خسارة عارضة تلم به سيخسر اللقاء حتما لا ريب.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

أخوك من الحرية والعدالة

نادر بكار المحترم

عدد الردود 0

بواسطة:

عاطف الهوارى

حفظك الله

حفظك الله اخى اسال الله ان يرزقك الاخلاص والقبول

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل السيد

ليس كل ما يعرف يقال

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل السيد

ليس كل ما يعرف يقال

عدد الردود 0

بواسطة:

ابولمار

اسقاطات رائعه

عدد الردود 0

بواسطة:

بنت مصرية

الرائع نادر بكار

عدد الردود 0

بواسطة:

فارس محمود

بارك الله فيك

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد نبوى نبوى

والله انى احبك فى الله

مقال ممتاز وجزاك الله خير

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن

مقال رائع من فيلسوف السلفية

شكرا لليوم السابع على مقالات المحترم \ نادر بكار

عدد الردود 0

بواسطة:

mohamed Kamal

good artical

good luck nader "ela el Amam daeman"

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة