صلاح عيسى

السلطانية بين العسكريتاريا والإسلامنجية

الأربعاء، 11 يناير 2012 10:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثر الكلام عن مستقبل مصر، بمناسبة اقتراب العيد الأول لثورة 25 يناير 2011، وامتطى المحللون السياسيون شاشات الفضائيات يقرأون الطالع ويفتحون المندل ويضربون الودع، ويوشوشون الدكر، ويتنبأون بطبيعة السلطة التى سوف تتولى حكم المحروسة، فى أعقاب المرحلة الانتقالية التى يفترض أن تنتهى فى 30 يونيو من هذا العام.
ولأن الكلام ليس عليه، كما يقول المثل الشعبى المصرى، جمرك، فقد أطلق هؤلاء العنان لخيالهم السياسى الخصيب، فانقسموا إلى قسمين:
يقول الأول منهما، إن الصدام على السلطة قادم لا محالة بين الإسلامنجية، الذين فازوا بالأغلبية البرلمانية، وبين العسكريتاريا الذين أوشكوا على مغادرة السلطة، وأن الطرفين سيدخلان خلال الشهور القليلة المتبقية على تسليم وتسلم السلطة، فى مرحلة يتبادلان فيها عض الأصابع وشدّ الشعر، على نحو قد ينتهى - والعياذ بالله - إلى حرب أهلية، لا تبقى من أهداف الثورة الثلاثة هدفاً، ولا تذر منها خبزاً أو حرية.. أوعدالة اجتماعية.
أما القسم الثانى من المحللين فيستبعد هذا الاحتمال تماماً، فيؤكد أن الطرفين قد عقدا فيما بينهما صفقة، أو هما فى سبيلهما لعقدها، تقضى بأن يتقاسما السلطة، بحيث يترك العسكريتاريا للإسلامنجية السلطتين التنفيذية والتشريعية أى الحكومة والبرلمان، ويترك الإسلامنجية للعسكريتاريا سلطة السيادة ولا يتدخلون فى شؤون المؤسسة العسكرية وتطبيقا لمعاهدة «منا الأمراء ومنكم الوزراء» التى أنهت الخلاف بين المهاجرين والأنصار فى «سقيفة بنى ساعدة».. فسوف يكون للعسكريتاريا حق تسمية رئيس الجمهورية القادم، وتحديد سلطته بحيث تشمل كل ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية، وكل ما يتصل بالشؤون الخارجية، مقابل أن ينفرد الإسلامنجية بالشؤون المحلية الداخلية.
فى الظاهر، يبدو وكأن التحليلين، أو النبوءتين، يقودان إلى نتيجتين مختلفتين ومتضادتين فى الاتجاه، فالأولى تنتهى - والعياذ بالله - إلى حرب أهلية، وبحر من الدماء، والثانية تنتهى بتوافق ما، يسفر عن حالة من الاستقرار عند القمة، بين الذين يملكون «شرعية الصناديق» والذين يملكون «شرعية الحماية» أو القوة.
لكن فريقاً ثالثاً من المحللين يؤكدون أنه لا فارق بين النتيجة فى الحالتين، فسواء وقع الصدام بين الطرفين، أو اتفقا على تقسيم السلطة بينهما، فإن الخاسر الوحيد، هو قوى الثورة، التى سوف تخرج من المولد بلا حمص، ومن السلطة بلا نصيب، ومن الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية.. يا مولاى كما خلقتنى.
والحقيقة أننى لا أعرف على أى مصادر يستند الذين يشيعون هذه التحليلات، ولكن طريقة عرضهم لها تكشف عن أنهم يعتمدون على الحدس والاستنتاج، والقياس على السوابق - والهواجس - التاريخية، ويسعون لدعم مواقفهم السياسية، أو مواقف القوى التى يتعاطفون معها مما يجرى، أو لتبرير إخفاقاتهم الانتخابية، أو أخطائهم السياسية التى انتهت بوقف ثمار الثورة بين يدى القوى التى تحالفوا معها، فتخلت عنهم.. وأنكرتهم وعملت لحسابها قبل أن يصيح الديك فجر يوم 12 فبراير 2011.
ومع أننى لا أستبعد أن تكون هناك مشاورات تجرى، للتوصل إلى ترتيبات لنقل السلطة وتحديد اختصاصات كل المؤسسات، بل وأطالب بأن يشترك الجميع، فى إطار حوار وطنى للتوافق حول مسودة الدستور، الذى أسقطه الثوار من حسابهم فى سياق انشغالهم بإقصاء العسكر عن السلطة حالاً بالاً، إلاّ أننى أخشى أن يقودهم الانشغال بتحليل الصفقة الوهمية بين العسكر والإسلامنجية، إلى المصير الذى انتهى إليه انشغال الشيوعيين المصريين، فى أعقاب صدور قرارات يوليو 1961 الاشتراكية، بتحليل طبيعة السلطة الناصرية، بين الذين قالوا إنها تحولت إلى سلطة اشتراكية بعد صدور هذه القرارات، والذين قالوا إنها لاتزال سلطة رأسمالية، وهو ما أسفر عن تفكك الحركة الشيوعية، ودفع كثيرين إلى اعتزال الحوار حول الموضوع، فما يكاد أحدهم يقترب من دائرة الحوار حوله، حتى يصيح: تأتى السلطانية تانى!
فى إشارة إلى قصة «عوف الأصيل» الذى غرقت به باخرة كانت تحمل تجارته، ولم يبق له منها سوى «سلطانية» وضعها فوق رأسه، حتى وصل إلى جزيرة، استقبله حاكمها، وكاد أن يفتك به، لولا أنه خلع السلطانية من فوق رأسه ووضعها على رأس الحاكم الذى فرح بها واتخذ منها تاجاً للجزيرة.. وعوضه عنها بباخرة من البضائع النادرة، استثارت حسد شقيقه «قاسم» الذى ظل يتجسس حتى عرف مصدر ثروة شقيقه، فباع ما أمامه وما وراءه، ورحل إلى الجزيرة ليقدم هداياه إلى حاكمها، الذى لم يجد ما يكافئه به سوى أن يخلع تاج الجزيرة - الذى هو السلطانية - ليضعه فوق رأسه..!
وتوتة.. توتة.. خلصت الحدوتة.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

حسين عبد العزيز

الحلم بالكرسى

عدد الردود 0

بواسطة:

علي عبد الحليم

ومــــن الـــســـــلــــطــــانـــيـــــات مــــا قـــــــتـــل

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

السلطانيه لاتزال فى راسى

عدد الردود 0

بواسطة:

mazen

لا صراع ولا يحزنون ، العسكرى يساق يوماً بيومٍ ولا يمتلك اوراق لانه يجهل فنون اللعبة تماماً

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

انت لسه عايش في مية البطيخ

عدد الردود 0

بواسطة:

الحاج صلاح

ستكون السلطانيه من حقك

عدد الردود 0

بواسطة:

محمدعلى عزب

مافيش خيار تانى

عدد الردود 0

بواسطة:

ايوب المصري

شجاعتك ترفعك عاليا

عدد الردود 0

بواسطة:

نادر سليمان

أمناء الشرطة

حتى أمناء الشرطة بيكتبوا مقالات!!

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو

طول عمرك باشا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة