محمد إبراهيم الدسوقى

عندما يخذلك المصرى

الإثنين، 26 سبتمبر 2011 09:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محمد إبراهيم الدسوقى
اقتطع من وقتك دقائق معدودات، لمراجعة كل تجارب التقدم الناجحة شرقا وغربا فى عالمنا المعاصر، لتعرف أن عمودها الفقرى ونقطة ارتكازها كانت وستظل المواطن، الذى فطن منذ البدايات إلى أن أى تغيير وتحول فى بلاده سيكون هو المستفيد الأكبر منه، يقينه من الاستفادة وتقديره لاحتياج الوطن له وقت الضيق جعله يشارك بكل طاقته وبهمة فى تنفيذ الخطط الموضوعة للارتقاء به وانتشاله من كبوته وتعثره، بعدها يطالب بحقوقه بصوت عال بدون حرج، لأنه جاهد وبنى بيده العارية الكثير والكثير من المشروعات ومنشآت الإنتاج التى تدر عائدا، حينئذ لا يستطيع كائن من كان أن يلومه أو يعتب عليه، فهو مستحق لنصيبه منه. فالوطنى الحق المحب لبلده ـ وليس برفع الشعارات وترديد الأغانى الحماسية ـ لا يضغط على مواطن الألم والوجع لديه، حينما يمر بلحظة ضعف تفقده مؤقتا اتزانه، مثلما يفعل معظم المصريين فى لحظتنا تلك.

فالمصرى ـ واعذرنى لوصفه هكذاـ يخذلك بعد الثورة بسلوكه غير الرشيد الدال والمؤكد على أنه لا ينظر لأبعد من قدميه، ويقدم منطق الأنانية على ما سواه، وقبل أن تتهمنى بالإساءة عامة للشعب المصرى، أجب على سؤالى التالى: لماذا يصر المصريون على إظهار أسوأ ما فى شخصيتهم؟

انظر للفوضى الشاملة التى أصبحت تدور فيها حياتنا اليومية، فالباعة يغلقون الميادين والشوارع الرئيسية، وان تحدثت معهم، حول خطأ ما يفعلونه يردون باتهامك بالوقوف ضد أكلهم عيش بالحلال، وينسون أن ما أسس على باطل فهو باطل، وأنهم كانوا يشتكون من رجال الأعمال الذين استولوا على كل شئ فى البلد، ونهبوا أموالنا وأرضنا، بينما هم يرتكبون نفس الجرم، فمن يبنى بدون ترخيص، ثم يلقى بالمخلفات فى الطرقات، ومن يتعدى على الأراضى الزراعية بالبناء عليها، ومن يتركون سياراتهم وسط الطريق، ومن يتعمد البلطجة من سائقى الميكروباص، ومن يرفعون أسعار المواد الغذائية والخضار والفاكهة، ومن يهربون البنزين، لبيعه بأزيد من سعره، ومن يتقاعس من رجال الشرطة عن القيام بواجبه، لا تقل جريمته فى بشاعتها عن جرائم احمد عز، وفتحى سرور، ومحمد إبراهيم سليمان وغيرهم من أباطرة عهد حسنى مبارك.

أعلم جيدا أن الحكومة عليها دور وهى مقصرة فى أدائه، لكن قبل لوم الحكومة والمجلس العسكرى على تقصيرهما وعدم استجابتهما لمطالب الثوار، مطلوب منا أن نتوقف عند سلوكنا غير المتناسب كلية مع ما نتطلع إليه من بناء دولة متقدمة يحصل فيها كل مواطن على حقه، ولكى ننجز هذا يجب علينا المشاركة فى البناء وليس وضع العراقيل، فما أسهل أن نعتصم ونسد شارع القصر العينى ونمنع السيارات من العبور، فالفكر الشائع بين المصريين حاليا، هو أن لم تستطع الفوز بحصة الآن فلن تفوز بها فيما بعد، حينما تستقر الأمور وتقوى شوكة الدولة، وأصارحك القول بإن هذا ابتزاز رخيص لا يجوز الإقدام عليه، فقبل أن نطالب بالحقوق والمكتسبات يتوجب أن نعمل أولا، فكيف أطالب بزيادة المرتب والمصانع متوقفة، بسبب الإضرابات والاعتصامات، حتى فى الموانئ مع علمنا أننا نستورد اغلب حاجاتنا من الخارج.

وسأنهى كلامى بحكاية صديق لى تحمس بعد الثورة وأسس بالتعاون مع أشقائه جمعية خيرية لمساعدة المحتاجين والمحرومين من خلال برامج لمحو الأمية وتنظيف الشوارع بالأحياء الفقيرة والعشوائية يوم الجمعة، وفى إحدى المرات ذهب إلى المطرية وبدلا من شكره على مجهوده ومن معه اشتبك معه السكان الذين احتجوا بعنف على الأتربة المتصاعدة، جراء رفع أكوام الزبالة، وكلما انتهى من تنظيف جزء القى الاهالى فيه على الفور أكياس القمامة، تلك سلوكيات مرفوضة وهى ليست فردية ولا أرى عيبا فى نقد الذات، فالانضباط السلوكى يشكل البداية الصحيحة والمنطقية للمحافظة على مكتسبات الثورة وبدونها سوف تستمر خسائرنا وندور فى دائرة مفرغة، فنحن من يفرط فيها ويخذلها بسوء التصرف.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة