مع كامل الاحترام والتقدير للمجلس العسكرى الحاكم فى مصر فالحقيقة التى لا يجب أن تغيب عن ذهن أحد أن هذا المجلس ليس مجلس قيادة الثورة بل هو مجلس عسكرى يدير شئون البلاد لحين تسليمها لحكومة منتخبة ديمقراطية وبالطريقة التى تتوافق عليها القوى السياسية وليست الطريقة التى يراها المجلس العسكرى.
المجلس العسكرى ليس معنيا بالحياة السياسية، هذا أمر مفروغ منه ورئيس المجلس نفسه أكد غير مرة أن الجيش سيسلم السلطة والسؤال الذى يثير اللغط الآن هو حول كيفية تسليم السلطة؟
يبدو لى أن هناك من يرى أن طول العشرة يولد المحبة أو الألفة، بمعنى أن وجود المجلس فى الحكم لمدة تجاوزت ما تم الاتفاق عليه ربما يكون جعل البعض يفكر فى البقاء فى السلطة أو التحول نحو العمل السياسى فى إطار ما يعرف بال "مهمة القومية" على اعتبار أن مصر فى مرحلة تحول وتحتاج إلى حاكم قوى على طريقة سالف الذكر الرئيس المخلوع الذى كان يعتقد أن الشعوب العربية يجب أن تحكم بالحديد والنار.
تحركات المجلس الأعلى ومحاولته فرض طريقة معينة للانتخابات فى ظل فرض قانون الطوارئ والتعامل مع الأحزاب والكتل السياسية بطريقة تجعل من المجلس العسكرى فوق الجميع، كل هذه أمور تثير الريبة وتعيد للذاكرة أيام ثورة 23 يوليو وما حدث من استغلال تعاطف الشعب مع الثوار للسيطرة والهيمنة على مقدرات الشعب وحرمانه من حقوقه التى نصت عليها البيانات الأولى للثورة والإعلانات الدستورية المتتالية التى خرجت من مجلس قيادة الثورة آنذاك والتى سرعان ما نسيها الجميع بعدما ارتفع فى الآفاق لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وبالتالى كان كل مناد بالديمقراطية خائن أو عميل.
اليوم نسمع نغمات من هذا القبيل مثل تنظيمات تمول من الخارج وعملاء يهددون أمن الوطن، كما أننا نشهد هوجة السماح لرموز النظام القديم ورموزه بالعودة بعباءة جديدة إلى الحياة السياسية دون عقاب أو تشريعات تحول دون ذلك، بل على العكس نرى وسائل إعلام تروج لهم وتستقبلهم استقبال الفاتحين وكأن الثورة التى قام بها الشعب لم تكن ضد النظام بل ضد الرئيس وحاشيته الذين لا يزيد عددهم عن الثلاثين مسئولا بعضهم يتمتع بمعاملة خاصة خلف القضبان وفى السجون.
المجلس العسكرى نكن له كل تقدير كمجلس انحاز إلى الشعب ولكن عليه أن يعرف أنه لم يقم بالثورة ضد النظام وأنه إن أراد كسب عقل وقلب الشعب يتعين عليه أن ينخلع تماما عن النظام السابق أشخاصا وأفكارا وألا يفكر بعقلية الوريث السياسى بدلا من وريث (النسب) وأعنى به جمال مبارك!!
هذه الكلمات لا يجب أن تغضب أحد، فدماء الشهداء لا يزال البعض يقايض عليها ومن قتلوا الشهداء وأصابوا الجرحى لا يزالون فى مواقعهم رغم أنف الشعب الذى وبدلا من أن يتمتع بحرية انتصاره فرض عليه قانون الطوارئ لعام ونيف بعد الثورة والمحاكم العسكرية وكأنك "يا بو زيد ما غزيت".
إذا أراد قادة المجلس العسكرى أو بعضهم ممارسة العمل السياسى فعليهم أن يخلعوا البزة العسكرية ومرحبا بهم شركاء للعمل السياسى ضمن ضوابط يتفق عليها الجميع وليس ضوابط يقومون هم بوضعهم وإلزام الجميع بها .. والكلام واضح ولا يحتاج إلى شرح.
الوضع الراهن معقد ومثير للريبة وعلى المجلس العسكرى أن يعيد التفكير فى إستراتيجيته وألا يخضع للضغوط التى تخلص منها الشعب الذى حكم بالحديد والنار على مدار ثلاثين عاما ثم ثار على حكامه فيما قد توصف بأنها أقصر ثورة عرفها التاريخ.
الضغوط كلمة "قبيحة" والاستجابة لها فعل قبيح أيضا فلا مصر يمكن أن يساوم على حريتها أحد ولا شعبها أصبح فى موضع يقبل بتلك الضغوط وهذا كلام الكتاب والمفكرين الأجانب الذين يعيدون قراءة المشهد السياسى فى مصر و خريطة العلاقات الدولية فى ضوء ثورة شعب مصر.. مرة أخرى ثورة شعب مصر.. فكيف بالبعض يعيد إنتاج الشريط القديم فى زمن لم يعد للشريط قيمة!!
آخر السطر
دى ثورة شعب
والشعب صاحب القرار
والجيش اختار يكون ضمن الشعب
مش ينفرد بالقرار!
وعجبى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام الجزيرة
الصبر يا دكتور بلبع ..
عدد الردود 0
بواسطة:
aks
مش فاهم