محمد فهيم

أخفوا عنا تلك الوجوه

الجمعة، 23 سبتمبر 2011 10:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد اختفت عنا وجوها كرهنا رؤيتها سنينا طوالا عاشت فيها تزيف الحق وتزين الباطل وتأكل على موائد الظالمين، وتحيا حياة الفاسدين وتبيع آخرتها بدنياها وتقتنى الرخص، وتبيع الغالى من أجل حفنة من نقود أو أرض أو كرسى لم يدم، وظنوا وقتها أن فى الأرض متسع وأن الدنيا هى الباقية ولو على حساب غيرهم ولو وضعوا أقدامهم فوق الرءوس ولو وصلوا إلى أمجادهم فوق أجسام الشعب البالية وبطونه الخاوية.

واليوم غابوا عن المشهد وظننا أنهم ذهبوا إلى الجحيم وسقطوا فى الهاوية، ولكننا وجدنا أنفسنا أمام وجوها جديدة ظهرت عبر الشاشات الفضية والصفحات اليومية تحمل ألسنة حدادا ظاهرها فيه الرحمة والحب والأمل وباطنها فيه كثير من الظلال، يتحدثون ليل نهار لا يكلون ولا يملون يحللون فى السياسية، ويتوقعون فى الاقتصاد ويفتون فى القانون والدين ويشرحون المجتمع وكأنهم يعلمون كل شىء، ويدركون الأمور كاملة ويفقهون ماهية الأحداث والأسرار والخفايا.. ويخرجون على الشعب بصورة الأبطال والفاتحين والمنقذين يتحدثون عن مصر حديث السيد للعبد والمعطى لمن مد يده.. يقولون إنهم هم الثورة وهم من حرر مصر وقضى على الفساد وهم القادرون على أن يصلوا بها لبر الأمان.. والحقيقة أنهم لا يختلفون عن سابقيهم من الوجوه التى غابت بعد الثورة.

وأقول لهم أفيقوا يا من تريدون أن تقفزا فوق مصر من جديد وخذوا العبرة من سابقيكم وارحموا مصر علها تستريح من عناء ما ألم بها وما أصابها من مرض أهلكها وظلم قهر أبنائها وفاسدين قطعوا أوصالها.. وأكد لهم نعم شاركتم فى الثورة نعم عرضتم حياتكم للموت، ولكنكم لستم أصحاب الفضل على مصر حتى تطلبوا حصتكم من الغنيمة وتنصبوا من أنفسكم أوصياء عليها وحماة لها، ونريد منكم أن تغيبوا بوجوهكم عنا بعض الوقت، وأن تصمتوا قليلا وكفاكم تلويثا لأسماعنا بأحاديثكم.

وأعلموا أن كل ما تقولون وتفتئتون لا يعنى ملايين الجائعين من الفقراء والمرضى ومن هم فى عداد الموتى، وأن كان ما تخرجون به علينا كل ليلة لا يرضى من حلم يوما بحلم الحرية يملا صدره أو ترى عينية النور وسط الظلام أو يرتوى من كوب ماء بارد فى الصيف رأى فيه صورة مصر تتراقص فوق الماء.. واعلموا أن حلمنا لم يكن فقط تغيير الوجوه بأخرى وتبديل الألسنة بغيرها أو رفع أجساد من فوق الكراسى ليركبها آخرون، ولكن شعبنا يحلم بالحياة كغيره من الشعوب وكسائر البشر.

مصر تحتاجكم ولكن لا لتركبون عليها ولا لتثيروا الفتن وتهيجوا المشاعر وتصبح الشوارع مرتعا للصوص.. لا تعطوا أعداءنا سلاحا يضربوه فى أعناقنا، فمصر تحتاج منكم بعض الهدوء والسكينة كى تأخذ نفسها بعد انقطاع دام سنين.






مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود رضا

جميل يا أستاذ

تسلم الأيادي ...

عدد الردود 0

بواسطة:

سيدة مصرية

عبرت عما تجيش به صدورنا

عدد الردود 0

بواسطة:

فاروق صديق

ياريت يسيبونا فى حالنا

عدد الردود 0

بواسطة:

د أيمن غازي

نريد الكثير من هذه الكلمات لعلهم يتذكرون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة