صدرت حديثاً عن دار الشروق الطبعة الرابعة من كتاب "تيارات الفكر الإسلامى" للمفكر الإسلامى الدكتور محمد عمارة، وهو الكتاب الذى صدرت أولى طبعاته عام 1991.
ويشير عمارة فى تقديم الكتاب إلى أن التراث العربى والإسلامى رغم ما اعتراه من جمود وتوقف، إلا أنه ظل تياراً سارياً فى عقل الأمة وضميرها ووجدانها، فلم يصبح مجرد تاريخ، وتواصلت مسيرته الحضارية.
ويلفت عمارة إلى أن الأمة الإسلامية عادت بالفطرة السليمة بعد انحسار المد الاستعمارى التقليدى عن أغلب أوطان العرب والمسلمين، إلى تراثها الحضارى الغنى والعميق والعريق، مشيرا إلى أن هذه العودة لاستلهام التراث الحضارى يتخذ صوراً عديدة بتعدد المدارس والتيارات التى تنطلق من التراث وتحتمى به، ويحصى عمارة فى كتابه عددا من هذه التيارات، منها من يرى أن السلف الصالح لأمتنا هم سلف عصورها المظلمة، فيما يرى البعض الآخر أن عزة هذه الأمة ومنعتها لم تتحقق إلا بعطاء عقلها وإبداع عقلانيتها.
ويشدد عمارة على أن فهم هذه التيارات الإسلامية مستحيلا إذا لم يصحبها الوعى بتيارات الفكر الإسلامى التى تكون المعالم الرئيسية والبارزة لتراثنا الحضارى، كما أن الوعى بتيارات فكرنا التراثى يبرز أى هذه التيارات كان المعبر عن شخصية الأمة، المجسد لآمالها فى القوة والتقدم، وأن أى هذه التيارات كان القيد الذى أبطأ بخطو الأمة، حتى أوقعها فى مهاوى الجمود والانحطاط، وأى هذه التيارات مثل الكهانة الغريبة عن روح الإسلام العقلانية الواقعية فى الفكر السياسى وطبيعة السلطة العليا فى الدولة.
ويبدأ عمارة فى كتابه بمناقشة أبرز هذه التيارات وهو تيار الخوارج، متناولا نشأة فرقة الخوارج، وقت صراعات وانقسامات شهدتها ساحة الجماعة الإسلامية، ومبادئهم العامة فى الحكم، والسلطة، وكذلك أحكامهم بتكفير مرتكبى الكبائر دون أن يتوبوا منها.
ويشير عمارة إلى أنه لم يوجد فرقة من فرق الإسلام سلكت طريق الثورة كما سلكته فرقة الخوارج، قائلاً: أصبحت ثوراتهم وانتفاضاتهم أشبه بالثورة المستمرة فى الزمان والمنتشرة فى المكان ضد الأمويين، وضد على بن أبى طالب منذ التحكيم، وحتى انقضاء عهده سنة 40 هجرية، لافتا إلى أنهم واصلوا الثورة ضد على رغم أن جيشه هزمهم فى حرب " النهروان" فى صفر سنة 38 هجرية، وتواصلت معاركهم ضد على رغم هزيمته لهم أربع مرات، ثم واصلوا الصراع ضد معاوية وخلفاءه.
ثم يتناول عمارة فرق أخرى من التيارات الفكر الإسلامى، منها تيار المرجئة، وهو المصطلح الذى عرفت به أحزاب وفرق وجماعات إسلامية قامت بالفصل بين الإيمان وبين العمل ، ومؤدى هذا الفصل الرفض القاطع للحكم على العقائد والضمائر من قبل بشر، أيا كان مكانه أو سلطانه، لذلك أمنوا بإرجاء الحكم على العقائد وعلى الإيمان إلى يوم الحساب.
ومن التيارات الأخرى التى يتناولها عمارة فى الكتاب "المعتزلة" و"الزيدية" و"السلفية" و"الأشعرية" و"الشيعة الاثنا عشرية" و"الوهابية" و"السنوسية" و"المهدية" ثم تيار الجامعة الإسلامية وهو التيار الذى بدأه فيلسوف الإسلام جمال الدين الأفغانى.