أكرم القصاص - علا الشافعي

زينب عبداللاه

مبارك فى ليلة القدر

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011 02:48 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى نفس التوقيت من العام الماضى، وفى مثل هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الكريم - الذى يختلف تماما هذا العام عن أى عام مضى - كان أول مقال لى على موقع "اليوم السابع" والذى كان عنوانه " ليلة القدر فى حضرة السيد الرئيس"، والذى وصفت فيه تجربة الحضور إلى الاحتفال الذى كانت تقيمه وزارة الأوقاف كعادتها كل عام تحت رعاية الرئيس المخلوع وبحضوره والإجراءات الأمنية المشددة التى كانت تتبعها الوزارة لاختيار من يحضرون الحفل بالتنسيق والترتيب مع أمن رئاسة الجمهورية، الذى يفحص الأسماء التى تعرضها الوزارة قبل الاحتفال بفترة ويستبعد بعضها، والتشديدات الأمنية خلال الطريق وحتى الوصول إلى قاعة الاحتفال المحدد موعده بالساعة الثامنة مساء، والذى تشدد دعوات الحضور الممهورة بختم إدارة الأمن برئاسة الجمهورية على ضرورة الوصول إليها قبل هذا الموعد بساعة على الأقل.

وهو مايعنى أن من يسكنون فى أماكن بعيدة عن مقر الاحتفال بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر عليهم أن يفطروا فى الطريق للوصول فى الموعد المحدد، فضلا عن إجراءات التفتيش الصارمة والمتكررة للدخول إلى قاعة الاحتفال التى يتم حبس من يدخلها قبل بدء الاحتفال بساعة، فلا يستطيع الخروج لأى عذر – حتى وإن كان عذرا قهريا – إلا بعد انتهاء الاحتفال ومغادرة الرئيس، كما أنه إذا تصادف ووصل المدعو للحفل قبل بدئه بأقل من ساعة فلا يسمح له بالدخول، حيث يتم إغلاق قاعة الاحتفال قبل دخول الرئيس بساعة فلا يدخل إليها أحد ولا يخرج منها.

كان من بين الحضور عدد من الوزراء وكبار المسئولين ورؤساء تحرير صحف ورؤساء أحزاب وسياسيين، كانت لهجتهم وحديثهم وآراؤهم حينها تناقض تماما ما يقولونه اليوم.
وقتها كان كل منهم يتمنى أن يحظى بنظرة من الرئيس أو بكلمة منه أو معه , أو أن يسلم عليه ليفخر بهذا ويظل يذكره ويحكى به دائما وكأنه فاز بليلة القدر .
كان كل منهم يرى العظمة والعبقرية فى كل كلمات الرئيس وأفعاله وأحاديثه وحتى فى إيماءاته ومحاولات استظرافه، يقف أو يجلس كل منهم قبل الحفل مع رفاقه ليتفاخر بذكرياته ومواقفه مع الرئيس. يتمنى أن يحوز بنظرة منه فى هذه الليلة أكثر من حرصه على أن يفوز بليلة القدر .
أما مشايخ وأئمة الأوقاف الذين امتلأت بهم قاعة الاحتفال والذين قامت الوزارة بجمعهم ونقلهم إلى مقر الاحتفال فى أتوبيسات تابعة لها، فقد أخذ بعضهم يهلل للرئيس ويرفع صوته بالدعاء له والإشادة به بمجرد أن دخل للقاعة وخلال إلقائه كلمته فى الاحتفال، رغم أن أيا منهم لم يفكر فى أن يرفع أذان العشاء فى القاعة التى لم نسمع فيها صوت الأذان قبل دخول الرئيس، كما لم يطلبوا الخروج من القاعة لأداء صلاة العشاء قبل دخول الرئيس، انتظارا لأداء مهمة كانت أكثر أهمية وأولوية فى هذا الوقت، وهى انتظار الرئيس والوقوف للترحيب به والإنصات إلى كلمته والدعاء والتهليل له.
هكذا كان الكثيرون - ومنهم من يدعون النضال والبطولة الآن وبأنهم مفجرو الثورة - يسبحون بحمد مبارك ويحرصون على نيل رضاه أكثر من حرصهم على رضا الله، وهكذا كنا نصنع من الحاكم إلها نعبده من دون الله فيظننا إرثا له ولأبنائه من بعده ويستخف بنا ويكاد يقول أنا ربكم الأعلى.

وحين كتبت مقالى الذى وصفت فيه تفاصيل الاحتفال بليلة القدر فى حضرة الرئيس كنت على يقين من أننى بما كتبت لن تفكر وزارة الأوقاف فى توجيه الدعوة لى لحضور هذا الاحتفال مرة أخرى، وحتى وإن حدث ذلك فلن يوافق أمن رئاسة الجمهورية على حضور مثلى لهذا الاحتفال الذى علق بعض القراء وقتها حين نشرت المقال بأننى لا أستحق شرف الحضور إلى احتفال يحضره السيد الرئيس، وأن الوزارة لابد وأن تختار من يستحقون هذا الشرف بعناية .
لم أكن أتخيل حينها أنا أو غيرى أن تتبدل الأحوال وأن يزول ملك مبارك وأسرته ورجاله وأن يصبح رهين السجن فى مثل هذه الليلة، التى كان الكثيرون فيها ينتظرون نظرة منه أو يتمنون أن يحظوا بلقاء يجمعهم به، فإذا بهم اليوم يصبون اللعنات عليه ويحاول كل منهم أن يتبرأ من علاقاته به وبأبنائه ورجاله وأن يظهر الشماتة والكراهية له ولعهده.

فسبحان المعز المذل وسبحان من يغير ولا يتغير فلم يكن مبارك أو غيره يتخيل أن يحدث ما حدث خلال عام واحد، وأن تأتى ليلة القدر هذا العام وقد زال ملكه وأصبح سجينا يتبرأ منه الجميع، فأى دعوة من مظلوم رفع يده فى تلك الليلة المباركة التى كان يلتف فيها الكثيرون حول مبارك يمجدونه ويسبحون بحمده، بينما دعوة المظلوم تشق عنان السماء ويرد عليها المولى عز وجل " والله لأنصرنك ولو بعد حين"، فإذا بالحين هذا يأتى بأسرع وأقوى مما يتوقع الجميع ومما يفوق كل خيال.
سؤال واحد ما زال يلح على ذهنى: فهل كان مبارك يدعو الله فى هذه الليلة المباركة أم أن بريق الدنيا وسحر السلطة ونفاق الحاشية كانوا يلهونه عن ذلك، وبماذا كان يدعو الله قبل أن يزول عرشه، وبماذا يدعوه الآن؟










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

ردآ على صاحبة المقال

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندسه شيماء فوزي

سبحان الله

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

رداً على رقم 1

عدد الردود 0

بواسطة:

سمير حمزه

lمقال رائع جدا

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

ردا على جميع التعليقات

عدد الردود 0

بواسطة:

gehanhany

بشر بشر

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح حميدة

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

اتقى الله

عدد الردود 0

بواسطة:

walid

بننسي الدنيا

عدد الردود 0

بواسطة:

hady

كل عام وانتم بخير

كفاية وكل عام وانتم بخير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة