بعد غد الثلاثاء يفترض أن يمثل الرئيس السابق حسنى مبارك أمام القضاء فى محاكمة، إن حدثت، فإنها تمثل لحظة فارقة فى تاريخ مصر، وحاضرها، ومستقبلها، لأنها المرة الأولى فى تاريخ هذا البلد الموغل فى القدم التى يحاكم فيها الرئيس، على يد شعبه، بينا سبق مثلا أن قتل العثمانيون آخر مماليك مصر طومان باى وعلقوه على باب زويلة.
فى اعتقادى المتواضع، مبارك لن يحاكم، ولن يمثل أمام المحكمة، لأن حالته الصحية لن تسمح بمثوله أمام المحكمة، وهذه قضية فى غاية الخطورة والأهمية، وعلينا أن نتوافق حولها: إذا كان المتهم مريضا ولا يمكن حضور جلسات محاكمته، فإن المحاكمة فى الجنايات، وحسب القانون لا تكتمل، ولابد من قدرة المتهم على المثول أمام قاضيه الطبيعى.
فى أى قضية عادية، ومع أى متهم قد لا يمثل أمام المحاكمة حتى تعتدل ظروفه الصحية، أو ينقضى أجله، لكن فى هذه القضية بالذات لن يتحمل الناس عدم مثول مبارك أمام القضاء، وهناك من سيعود للتظاهر، والاعتصام، ومن سيشن حملات ويتهم المجلس العسكرى والحكومة بأنهما يتواطأن لعدم إكمال محاكمة مبارك.
السؤال المهم هنا هل نريد تطبيق القانون، أم التمثيل بالناس، وإهدار حقوق المتهمين فى الدفاع عن أنفسهم وفى محاكمة عادلة، مبارك فى هذه القضية متهم بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين، فماذا لو لم يصدر الأوامر، واتضح فى المحاكمة أنه لم يصدر أمرا بقتل المتظاهرين؟
مبارك متهم بالفساد المالى فى صفقة بيع الغاز المصرى لإسرائيل، وبالتالى حصل على قصر بسعر مخفض من صديقه حسين سالم، فماذا إذا اتضح أن هذا كلام فارغ، وأن البيت الذى اشتراه مبارك فى شرم الشيخ كان بسعر السوق فى وقته، وليس فيه أية مجاملة؟
المتهم، أى متهم برىء حتى تثبت إدانته، لكن مبارك ليس بريئا، اتهمه الناس وأصدروا أحكاما، وهم يريدون تنفيذها، وبغض النظر عن صحة الاتهامات من عدمه، فيجب أن يحضر مبارك محاكمته، ويتم التنكيل به، ويصدر الحكم بإعدامه كما يريد من يعتصمون فى التحرير.
ولأننى لا أعتقد كما قلت من قبل أن مبارك سيحضر محاكمته، أو سيجلس فى قفص الاتهام، أو أن هذه المحاكمة ستكتمل فإننا أمام وضع جد صعب، وعلينا أن نحسمه سريعا ومن الآن، وربما قبل الذهاب على المحاكمة، لأنه قد تحدث كوارث على أبوابها.