أبدى الكاتب والروائى محمد سلماوى، رئيس اتحاد كتاب مصر، موافقته التامة على نزول الشعب المصرى للتظاهر فى الميادين والمحافظات بشكل مستمر، قائلا: أساس الثورة هو تغيير الحياة ولو لم يحدث ذلك لتحول الأمر لانقلاب، وفى رأيى النزول إلى ميدان التحرير بشكل مستمر كأداة للضغط السلمى من شأنه أن يُحدث تغييرا وذلك دون اللجوء لأى عنف.
وأضاف سلماوى خلال الندوة التى عُقدت مساء أمس، الأحد، بهيئة الكتاب تحت عنوان "الأدب والثورة"، أنه لم يقصد التنبؤ بالثورة فى روايته الأحدث أجنحة الفراشة والصادرة عن الدار المصرية اللبنانية ولكنه جسد حالة الحراك السياسى التى شهدته مصر فى السبع سنوات الأخيرة قائلا: لو استدعانى أمن الدولة وقت كتابة الرواية فى سبتمبر الماضى، وسألنى هل تتنبأ بانهيار النظام الحاكم لقلت له "لا لم أقصد".
وأوضح سلماوى، أنه كان مهموما بهذا المناخ السياسى الجديد على مصر والذى يجوب بانفاعلات وإرهاصات عديدة، مؤكدا على أن روايته لا تقف عند وصف موقف بعينه بل على العكس جاءت لتعبر عن خيال الكاتب فى تتبع حالة منذ بدايتها وإضافة عليها بعض التفاصيل لتطويرها حتى تصل الى النهاية الحتمية وهذا تجلى فى صورة الشباب التى أبرزها الكاتب الذين اعتمدوا على التقنيات التكنولوجية الحديثة فى الإعداد للثورة والتحضير لها، وصولا إلى سقوط النظام الحاكم وسيطرة الجيش على مقاليد الأمور فى البلاد.
وتابع سلماوى: من حسن حظى أن الناشر قام بإرجاء الرواية بعدما انتهيت منها فى سبتمبر الماضى لتصدر بالتزامن مع معرض الكتاب الذى كان مقرر إقامته فى يناير، لانها لو كانت صدرت مبكرا لكان النظام السابق تنبأ لما يمكن أن يحدث وبالتالى لن أكن بينكم الآن.
وأضاف سلماوى، أن الكاتب لا يعمل للتنبؤ ولكنه يعبر عن رؤية مختلفة تستمد قوتها من قدرته على تحليل الواقع بشكل صائب، وفى تعليقه عن الآحداث الجارية قال سلماوى: ما جمع المصريين وأطلق ثورة يناير هو حب مصر التى أُغتصبت ونالها ما نالها من هذا النظام ولكن ما يفرقنا الآن هى الكراهية الشديدة التى تسود والسبب فيها أولا أن المحاكمات لا تتم فى شكل الحساب والعقاب وإنما فى إطار البلاغات الكاذبة، وأنا مع النزول كل أسبوع لتجديد مطالب الثورة لأنه لم يُطلب من النظام الرحيل إلا لبناء مصر الجديدة وهذا لم يحدث حتى الآن.
واتفق معه الروائى إبراهيم عبد المجيد قائلا، عادة الثورات أنها شىء خارج عن المألوف فالمكان الذى توجد فيه ثورة يكون بمثابة المدينة الفاضلة لأن فيه تسود أفضل القيم وأسماها، وعندما أطلقنا ثورة 25 يناير كان أقصى ما نتمناه هو رحيل مبارك وعندما حدث ذلك وجدنا الناس تتراجع وتتقاعس مرة أخرى وكأنها ملكت كل شىء وهذا خطأ لأننا نسينا أن هناك أشخاص آخرين مازالوا يمارسون مهامهم فى شكل طبيعى وحان الوقت أن يرحلوا.
وأضاف صاحب رواية فى كل أسبوع يوم جمعة، أن ثورة 25 يناير لم تخلق حتى الأن حالة الإبداع الأدبى الخاصة بها قائلا: ما ظهر الآن تحت مسمى شعر الثورة أو روايات الثورة "هجص فى هجص" لأنه لم يوجد حتى الآن عمل روائى أو شعرى حقيقى عن الثورة باستثناء الأعمال التى صدرت فقط لرصد يوميات الثورة وأحداثها فهذه لا غبار عليها.
وتابع عبد المجيد: القصائد التى ظهرت بعد الثورة "مصنوعة" ولا تنم عن حالة إبداعية ولكن أنا على يقين أن هذه الثورة ستخلق أدبا جديدا فى عملية السرد الروائى وستتجاوز مرحلة العبث التى ظهرت مؤخرا، ومن وجهة نظرى سيتقدم الفن التشكيلى والأعمال السينمائية عن نظيرتها الأدبية خلال الفترة المقبلة.
وقال عبد المجيد إنه كتب مقالا بعنوان تحية لأدباء الوطن بعد رحيل مبارك بأيام، موجهة إلى الأدباء الذين بدأوا التجديد فى الكتابة الأدبية على اعتبار أن ذلك نوعا من التمرد على المجتمع، وأضاف أن أعظم أدبى مصرى هو ذلك الذى سبق الثورات ومهد اليها قائلا: الأدباء العظام فى مصر استطلعوا مبكرا أن هناك امكانية لمستقبل أفضل.
وقال الناقد الدكتور محمد عبد المطلب، إنه نصح سلماوى فور قراءته "مسودة" أجنحة الفراشة بعدم نشر تلك الرواية خشية لما يمكن أن يصيبه من آذى وسأل بعض الأصدقاء المقربين لسلماوى أن ينصحوه بنفس الشىء ولكن الأخير رفض وأصر على إصدارها.
وأعرب عبد المطلب عن خوفه وقلقه مما تشهده مصر قائلا: ما يحدث الآن يبعث فى نفسى الخوفى على الرغم من يقينى الدائم بأن اى ثورة لابد ان تعقبها حالة من الفوضى.