صلاح عيسى

على هامش إعلان حزب الحرية والعدالة..

«زيتنا فى دقيقنا وجماعتنا فى حزبنا»

الجمعة، 03 يونيو 2011 12:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد إلحاح وتردد طويلين استمرا لسنوات، قررت جماعة الإخوان المسلمين - رضى الله عنها - أن تستجيب لمن طالبوها بأن تفصل بين ما هو دينى وما هو مدنى، أو بين ما هو «دعوى» وما هو «سياسى»، وأن تشكل حزبا يمارس السياسة كما يمارسها غير الإخوان من عباد الله المصريين، مسلمين وغير مسلمين، حزبا يتفق ويختلف، ويتحالف وينفصل، ويحكم ويعارض، ويصيب ويخطئ، ويجتهد فى شؤون الدنيا بقوانين الدنيا، بحيث تتفرغ الجماعة للوعظ والإرشاد ودعوة المسلمين السنة إلى الالتزام بأداء عبادات دينهم وأخلاقيات منهجهم، وتنظيم التكامل الاجتماعى فيما بينهم، ونشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال فى التعامل بين المسلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين غير المسلمين.

تلك دعوة كان وراءها إدراك صحيح لدى الذين ألحوا عليها بأن الإخوان المسلمين وغيرهم من فصائل تيار الإسلام السياسى هم العقبة الرئيسية أمام التطور الديمقراطى فى العالم العربى والإسلامى، لأنهم بخلطهم بين الدين والسياسة واستغلالهم إياه للنفاذ إلى قلوب جماهير غير مسيسة وعلى الفطرة يثيرون مخاوف النخب الثقافية والسياسية المدنية ومخاوف غير المسلمين من أن يسفر أى تطور ديمقراطى جذرى عن الخروج من فخ الأنظمة الاستبدادية المدنية التى يرسفون فى أغلالها لكى يقعوا فى جب الأنظمة «الإسلاموية» التى عاينوا نماذج منها فى ظل حكومة طالبان فى أفغانستان و«النميرى» و«البشير» فى السودان وآيات الله فى إيران.

ولم يكن هناك وسيلة لإزالة هذه العقبة الكؤود أمام التطور الديمقراطى إلا بمحاولة تشجيع هذه التيارات على الاندماج فى الحياة السياسية بشروط الدولة الوطنية المدنية، خاصة بعد أن انتهت تجارب إقامة دول دينية فى العالم الإسلامى إلى احتلال أجنبى وحروب طائفية أحرقت الحرث والنسل، كما حدث فى أفغانستان طالبان، وسودان النميرى والبشير، وإيران آيات الله، وأسفرت عن طاغوت دينى أشد وطأة من الطغيان المدنى.

وربما كان السبب الذى دفع الإخوان المسلمين - رضى الله عنهم وأرضاهم عنا - للعدول فجأة بعد ثورة 25 يناير عن رفضهم المستمر فكرة إنشاء حزب سياسى ومسارعتهم إلى التقدم بأوراق تأسيس الحزب هو أنهم شاركوا - فى الكواليس - فى صياغة الإعلان الدستورى، وفى صياغة التعديلات التى أدخلت على قانون الأحزاب السياسية ليحذفوا من شروط تشكيل الأحزاب السياسية - كما وردت فى دستور 1971 الملغى وقانون الأحزاب قبل التعديل - شرط «عدم قيام أحزاب سياسية أو ممارسة أى نشاط سياسى استنادا إلى أية مرجعية دينية»، وتركوا بقية الشروط، ومن بينها حظر ممارسة النشاط على أساسى دينى.

وبإلغاء هذا الحظر أصبح باستطاعة الإخوان المسلمين أن يؤسسوا حزبا ذا مرجعية إسلامية، لكنه لا يمارس النشاط على أساس دينى، بل يمارس على أساس المرجعية!.. بحيث يدمج الحزب والجماعة فى كيان واحد، فتتالت تصريحات قادتهم تذكر من دق عليهم فهم هذه الحسبة المعقدة، من الإخوان أو من غيرهم، بأن قرار مجلس شورى الجماعة هو تأسيس «حزب الجماعة» باسم «حزب الحرية والعدالة»، وأن المجلس ذات نفسه أو مكتب الإرشاد هو الذى اختار رئيس الحزب ونائبيه والأمين العام، وأن «الحرية والعدالة» هو الحزب الشرعى الوحيد الذى يمثل الجماعة، وبالتالى فإن أحزابا مثل حزب النهضة الذى أعلن القطب الإخوانى «خالد الزعفرانى» أنه بسبيله لتأسيسه، و«حزب الوسط» الذى كان مؤسسوه هم رواد المطالبة بالفصل بين ما هو «دعوى» وما هو «سياسى» ليست أحزابا «للجماعة»، ولا يجوز لأحد من أعضائها أن ينضم إلى حزب منها، وإلا لقى مصير مؤسسى حزب الوسط الذين فصلتهم الجماعة من عضويتها، بدلا من أن تفصل بين ما هو «دينى» وما هو «سياسى».

وحتى لا تفكر فى أن تذكُّر الإخوان بأن الفصل بين ما هو «دعوى» وما هو «سياسى» يتطلب أن يستقل الحزب عن الجماعة استقلالا تاما، فلا يشتغل الأول بالدين ولا تشتغل الثانية بالسياسة، فسوف يقول لك المسؤولون فى الاثنين إن «الإخوان المسلمين» هيئة إسلامية شاملة، تجمع بين الجماعة السلفية والطريقة الصوفية والفرقة الرياضية والمنظمة السياسية، وإن الحزب هو قسم من أقسامها، شأنه فى ذلك شأن غيره من الأقسام.

هذا هو التفسير الحقيقى بأن «حزب الحرية والعدالة» هو «حزب للجماعة»، وترجمته بالبلدى أن «زيتنا فى دقيقنا وجماعتنا فى حزبنا».

ولا عزاء للذين توهموا أن الإخوان يمكن أن يكونوا غير الذين عرفناهم.. بما فى ذلك العبدلله.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

ابومصعب

كنت مستنيك

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد الشحات / منيه النصر / دقهليه

أرجو الانصاف

عدد الردود 0

بواسطة:

سعاد

فصل الدين عن السياسة

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالرحمن يوسف

لسه فاكر

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد مدنى

عظيم يا مايسترو

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

الاخوان هو الحزب الوطنى القادم

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو

بتحلم ياريس

عدد الردود 0

بواسطة:

سمير يس

ألاح عيسى

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر النحاس

أهلا بالأستاذ صلاح عيسى حياتو

عدد الردود 0

بواسطة:

عاطف ادريس

رجل كل الموائد

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة