د.أنور مغيث

الالتفاف على مبدأ حرية العقيدة

الإثنين، 27 يونيو 2011 10:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أهم ملامح الانتقال إلى الدولة المدنية وإلى الحكم الديمقراطى إقرار مبدأ حرية العقيدة الذى يرفع الوصاية عن عقول المواطنين ويعطى لكل فرد الحق فى اختيار ما يشاء من معتقدات وفلسفات وأيديولوجيات. وهذا المبدأ يحظى بإجماع من كل الأحزاب القديمة والجديدة، ومن كل الشخصيات التى تنوى ترشيح نفسها للرئاسة. وكما لاحظنا فى قضايا أخرى سابقة، يكون الاجماع مدعاة للقلق أكثر مما هو مدعاة للطمأنينة. فهناك العديد من الحيل والألاعيب للالتفاف عليه وتحويله إلى مجرد حبر على ورق وليس ممارسة فعلية فى الواقع يحميها القانون.

فعلى سبيل المثال صرح أحد ممن ينوون الترشح لرئاسة الجمهورية، بأن حرية العقيدة ستكون مكفولة لجميع المواطنين، وهى أمر يقره الإسلام انطلاقا من مبدأ لا إكراه فى الدين، وبالتالى تسمح الدولة بوجود المسيحيين واليهود بل وأيضا بوجود اللادينيين لأن هذا حقهم. ولكنه استدرك، أن هؤلاء اللادينيين ليس لهم حق التصريح بفكرهم خشية إثارة فتنة. ولهذا فممنوع عليهم التعبير عن معتقداتهم من باب حفظ الأمن العام.

ولو تطرقنا لتحليل هذه الرؤية لوجدنا أنها تنطوى على خطر كبير، فالمتحدث، وهو رجل قانون، يفصل بين حرية العقيدة وحرية التعبير. وهذا يعد عبثا من الناحية القانونية: فأنا لا أستطيع أن أقول لشخص ما أننى أمنحك الحق فى أن تكوّن تصورات وأفكار فى سريرتك عما يدور حولك من أمور، لأن هذا أمر يتم بالطبيعة ولا يستطيع أحد أن يمنحه أو يمنعه، ولكن المقصود بحرية الاعتقاد هو أن يقبل المجتمع تواجد معتقدات مختلفة تعبر عن نفسها دون أن يتعرض أصحابها لأى أذى قانونى أو اجتماعى.

كما أن الحذر من حدوث فتنة يتضمن التهديد بإحداثها، ألا يمكن لرئيس جمهورية أن يقوم بتكليف بعض أعوانه، أو بعض من رجال أمن بملابس مدنية، بإثارة بعض الضجيج والشغب حول رأى قاله أحد المعارضين، ثم يتم القبض على هذا المواطن بحجة أن رأيه قد أثار الفتنة.
وألم تكن هذه آلية يلجأ إليها الحكام العرب للتخلص من المعارضة على مدى عقود طويلة مضت...؟

ولهذا ينبغى أن يُطرح مبدأ حرية العقيدة بصورة حاسمة بلا مماطلة ولا تسويف، ولكى يتم ذلك علينا أن نأخذ فى الحسبان بعض الملاحظات:

أولاً: إن حرية العقيدة تتضمن بالضرورة حق جميع المصريين بلا تمييز فى التعبير عن معتقداتهم، مهما كان اختلاف هذه العقائد وتعارضها.

ثانياً: أنه إذا حدثت فتنة بسبب رأى صرح به مواطن، فإن من ينبغى أن يعاقبه القانون هو المحرض على الفتنة والمُستدرج لها، وليس المواطن الذى أبدى رأيه، لأنه لم يفعل سوى أنه استخدم حقه فى التعبير.

ثالثاً: يحاول البعض التهوين من شأن حرية العقيدة وحرية الإبداع بحجة أنها هموم مثقفين، ومصر مليئة بالعمال والفلاحين الذين لهم هموم أخرى مثل الطعام والمسكن والعلاج، ولكننا تعلمنا من التاريخ أن نظم الحكم تقيد حرية العقيدة وحرية الابداع ليتسنى لها نهب العمال والفلاحين وحرمانهم من ثمرة عملهم.

رابعاً: لو نظرنا إلى البلاد المحيطة بنا شرقاً وغربا لوجدنا أن البلاد التى تحترم حرية العقيدة هى أكثر استقراراً من البلاد التى تحتال لمنعها والتى تملأها الفتن كل يوم.

وأخيرا: تبين لنا محاولات الالتفاف على مبدأ حرية العقيدة، والذى أصبح حقا من حقوق الإنسان فى العصر الحديث، أن هناك من يحاولون بكل الوسائل إعادة انتاج الاستبداد ليحكم مجتمعنا من جديد.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 9

عدد الردود 0

بواسطة:

منير

احييك د. أنور مغيث، علي صراحتك وشجاعتك

عدد الردود 0

بواسطة:

نزية (عقل مفكر)

تهديد فى شكل تحذير

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

اخيرا

عدد الردود 0

بواسطة:

فايز

هكذا يكون التنوير

شكرا

عدد الردود 0

بواسطة:

د.عابدين

إن الله قد حكم بين العباد

واإسلامااااااااااااااااااااااااااااااااااااه

عدد الردود 0

بواسطة:

سامح وحيد

الدين ينمو في قلب المؤمن ليس بقانون أو دولة

عدد الردود 0

بواسطة:

elsayed

اختلف معك

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود عبدالله

بانو من أولها

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود عبدالله

إلى صاحب التعليق رقم 7

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة