د. رضا عبد السلام

رسالة إلى من يهمه الأمر!!

الثلاثاء، 14 يونيو 2011 09:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعت وتابع الملايين معى داخل وخارج مصر إعلان الدكتور سمير رضوان وزير المالية لمشروع الموزانة العامة الجديدة لعام 2012- 2013، وهى موازنة رغم الظرف الحرج الذى تمر به مصر توسعية، انطوت على عجز كبير، يمكن القول بأن مخصصات القطاعات المختلفة أتت متوازنة ومنطقية، بل وتعكس رؤية مختلفة من قبل صانع القرار لمتطلبات مصر وشعبها، فتخصيص 10 مليار جنيه على سبيل المثال للإسكان إنما يعكس إدراكاً لمشكلة خطيرة تعصف بشريحة كبيرة من شعب مصر، وهى قضية صعوبة الحصول على مسكن بتكلفة يمكن تحملها، وفى حل هذه المشكلة حل لمشكلات اقتصادية واجتماعية كثيرة وخطيرة،

لن أستفيض فى عرض أبواب الموازنة الجديدة، فهى واضحة ومعروفة للجميع، ولكن ما سأركز عليه فى هذا المقال هو مجموعة من النقاط المباشرة، أوجهها لكل من يهمه الأمر:

أولاً: إن بعض الاقتصاديين - وتحديداً ممن غرقوا فى أحلام وأوهام مدرسة شيكاجو فى الاقتصاد، وهم أيضاً من شربوا وتشبعوا بأفكار صندوق النقد الدولى – عابوا على وزير المالية تبنيه لهذا التوجه التوسعى فى الإنفاق رغم الظروف التى تمر بها مصر، وبحسب رأيهم، كان أولى تبنى اتجاه تقشفى لتخفيف الأعباء عن كاهل الدولة الضعيفة، وهنا يُرَد على هؤلاء بسؤال برىء: لقد فوجئت بأنه لا يزال لكم صوت بعد الأزمة التى ضربت – ولا تزال - عالمنا منذ منتصف عام 2008م، لقد كشفت هذه الأزمة عن وهن بل والفشل الذريع لأفكار الليبرالية الجديدة، وما غزاها من أفكار ومفكرين من أمثال ميلتون فريدمان وفرانسيس فوكوياما وغيرهما، ألم تدركوا يا سادة بأن أفكار كينز – التى وصمتموها بكونها عار فى جبين الرأسمالية – كانت بمثابة طوق النجاة لانتشال الاقتصاد العالمى من قاع أزمته؟ لولا أفكار كينز، الداعية إلى تدخل الدولة والتوسع فى الإنفاق العام لتشجيع الطلب الفعال، لما قامت للعالم قائمة، لولا حزم الإنقاذ، التى تعدت 5 تريليون دولار عالمياً، لطال أمد الأزمة ولبقينا فى القاع، هل لازلتم تذكرون انهيار ليمان برازرز، ودعواتكم لترك السوق وعدم التدخل وما كان سيستتبعه من انهيارات متوالية؟ وبناءً عليه، فإن الأزمة العالمية - التى سبقت أزمة الاقتصاد المصرى - برهنت على فشل أفكاركم، لذا اتركوا وزير مالية مصر الجديدة ينفذ رؤيته، فمصر الثائرة فى أمس الحاجة إلى تشجيع الطلب الفعال، ولتفعيل المضاعف الذى تحدث عنه كينز لكى تعود الحياة إلى كافة جنبات الاقتصاد.

ثانياً: أعتقد أن الميزانية تقدم رسالة واضحة لكل من يهمه الأمر فى قطاع الأعمال والاستثمار، فمن خلال قراءة مخصصات وأبواب الموازنة، يستطيع كل معنِى ومهتم شد الرحال، وإعداد العدة والاستعداد للاستفادة من مخصصات هذه الموازنة.

وأضرب هنا مثالاً بالـ 10 مليارات جنيه المخصصة لقطاع الإسكان، فهذه ترسل رسالة للمعنيين بصناعات الأسمنت والحديد...الخ، بأن استعدوا لتوسع الطلب على منتجاتكم، فالموازنة بوجه عام تقدم رسائل إيجابية واضحة إلى كل من المستثمر المصرى والأجنبى.

ثالثاً: تقدم الميزانية رسالة إلى مؤسسات الدولة التى ينبغى عليها أن تلعب أدواراً مختلفة فى مصر بعد الثورة، عليها أن تشكل قوة دفع لعجلة التنمية، وأن تطور من نفسها بحيث تكون بحق مؤسسات لتحقيق المصلحة العامة، وليس لتعويق المصالح العامة.

رابعا: تقدم الميزانية الجديدة رسالة للعالم أجمع بأن مصر الثائرة يملؤها الطموح والأمل فى الغد، وعلى استعداد للتحدى والمخاطرة، فلم يعد هناك عائق يمنعها من الطموح فى دخول نادى الأقوياء اقتصادياً، فرغم العثرات والصعاب التى نعايشها، نحن عاقدون العزم بعون الله.

خامساً: لاحظنا أن الموازنة بنيت على عجز كبير، وهذا فيه رسالة واضحة إلى كل مصرى، بأن يبدأ بالفعل بتغيير وتطوير ذاته، لدعم عملية الانتقال بمصر من عداد الدول الفقيرة والضعيفة سياسياً واقتصادياً، إلى عداد الدول المتقدمة سياسياً واقتصادياً، فأتمنى أن تصل الرسالة إلى كل معنى.
* وكيل كلية الحقوق – جامعة المنصورة










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة