كثير من المصريين غير فاطن ولا مبال للحقيقة المؤسفة الآتية: أغلبنا فى عهد حسنى مبارك، كان مأزوما وغاضبا، لأن حفنة من رجال الأعمال الفاسدين استباحوا كل شىء يعاونهم جمع من المسئولين الذين باعوا ضمائرهم ووطنهم، لجنى ثروات ضخمة، وأن هذه القلة غير المندسة استباحت مصر بالطول والعرض وحولوها لإقطاعية خاصة يتصرفون فيها كيفما ووقتما شاءوا، دون أن يردعهم قانون.
ولما لا وهم من فصلوا قوانين على مقاسهم الخاص ولخدمة مصالحهم، آنذاك شعرنا كمواطنين فى هذا البلد العريق بأننا دخلاء، وأنه ليس وطننا، وتصرفنا كغرباء كتب عليهم القدر العيش فى هذه البقعة، ولم نكترث بمستقبلها، إلى أن بزغ فجر الخامس والعشرين من يناير، وقلنا تملؤنا السعادة والحبور، إن مصر عادت إلى كنف أصحابها الحقيقيين الذين تحملوا الويلات والأوجاع بصبر يحسدون عليه.
حينئذ توقعنا وحلمنا بأن كل مواطن سوف ينشغل بحماية الوطن والارتقاء به، والضرب على يد من يفكر فى استباحتها مرة أخرى، غير أن الواقع المعاش يفصح عن انخراط معظمنا فى تنفيذ الموجة الثانية من استباحة مصر، ولا مجال للتذرع بأن الحقب التالية للثورات تشهد تعديات وانفلات على وجه العموم، ولا يقتصر على الجانب الأمنى وحده، وأن ذاك من المسائل الطبيعية التى تأخذ وقتها، وأنه سرعان ما تستقيم الأمور.
ولتنظر حولك لترى العجب العجاب، فالعامة سارعوا بهمة ونشاط للتعدى على الأراضى والعقارات، وتكفيك جولة سريعة فى شارع أحمد حلمى أحد أهم مداخل قاهرة المعز، لتصدم وتفجع بتلال وجبال مخلفات البناء على جانبى الطريق، فالأهالى اتخذوا قرارا جماعيا استراتيجيا بتوسيع شققهم باقتطاع جزء من الشارع وضمه إليها، وبدلا من أن تكسو حمرة الخجل وجه هؤلاء، إذا بهم يلقون بمخلفاتهم فى الطريق العام الذى ضاق بما فيه وعلى وشك أن يغلق أمام السيارات، البعض الآخر أقام أكشاكا على الأرصفة ـ بدون ترخيص بطبيعة الحال ـ فرضا لسياسة الأمر الواقع، وكتب أحدهم على مملكته الجديدة "كشك الغلابة"، فى محاولة مكشوفة لاستعطاف المارة، والظهور بأنه يحاول أكل لقمة عيش بالحلال لأجل صغاره الغلابة، وإن فكرت الجهات المختصة فى اتخاذ إجراء قانونى ضده، رغم مخالفته القانون، فانه سيهرع للطم خدوده وارتداء ثوب الضحية الذى تحاربه الحكومة فى أكل عيشه، وغير مستبعد أن يتوجه للقصر العينى للاعتصام أمام مجلس الوزراء، لحين رفع الظلم عنه.
أما الميادين العامة فقد حولناها ولله الحمد لبؤر عشوائية يختلط فيها الحابل بالنابل بفضل الباعة الجائلين، الذين يحتمون بالسنج والسكاكين وبقية ترسانة الأسلحة البيضاء، وتذكرون المصير التعيس الذى تعرضت له عناصر من الشرطة، حينما طلبوا من محتلى ميدان رمسيس من الباعة الجائلين الانصراف وعدم إشغال الطريق العام.
ما الفارق أذن بين العينة السالفة ومن سطوا على أراضى الدولة من حيتان رجال الأعمال خلال حكم مبارك، واحتكروا السلع الأساسية، وفرضوا الضرائب ظلما وعدوانا على الضعفاء واستفاد من عوائدها من كنزوا الذهب والفضة والمليارات من دم المصريين؟
لا يوجد فارق، فالصنفان استباحا ما ليس لهما فيه حق، لكن جرم المواطن بعد 25 يناير أشد وأقسى، لأنه ليس له عذر، ففى الماضى القريب كانت العلة أنه عليك أخذ حقك بيدك، نظرا لعدم تطبيق القانون، وعند تطبيقه يتم ذلك بانتقائية، يا شعب مصر إن واجبنا جميعا المحافظة على بلادنا، ولا يجوز ولا يصح بأى حال من الأحوال أن نبدأ عهدا جديدا واعدا بإهدار مبدأ احترام القانون، واستباحة المال العام بصور شتى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الحكيم
معك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى مصرى مصرى
أعجب شعب فى العالم
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن بسيط
ooooo
عدد الردود 0
بواسطة:
helmy
دول من دول
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين جودة
رد فعل متوقع ..ولكن !!
عدد الردود 0
بواسطة:
AHMED MOHAMED
تسلم
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت الرسام
يجب تعزيز الامن بشتى الطرق
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
الله عليك
ياريت الناس كلها تفكر بنفس الطريقه الله عليك برافو