قبل شهرين من إعلان دولة الجنوب الجديدة، يشهد إقليم أبيى صراعات متنامية تسفر يوميا عن مئات القتلى والجرحى ما بين قبائل الشمال والجنوب، التى ترغب فى ضم الإقليم النفطى إلى حدودها.
بدأت الأزمة بعد أن أعلن سلفاكير مارديت، رئيس حكومة جنوب السودان، ضم أبيى لدستور جنوب السودان الجديد، والذى أعلنه فى الأسبوع الماضى، ورد الرئيس عمر البشير بتصريحات عنيفة، مؤكدا أن الجنوب يريد "جر" الشمال للحرب، وهو الذى لا يرغب السلام مع الشمال، كما أكد أن منطقة أبيى شمالية 100% ومن حق قبائل المسيرية التى تسكنها منذ عشرات السنين.
ومع تصاعد التوقعات بنشوب حرب جديدة فى السودان وما يمكن أن يترتب عليها من عواقب وخيمة قبل إعلان دولة الجنوب فى يوليو القادم يبقى الوضع كما هو عليه.
قال الدكتور هانى رسلان، رئيس وحدة السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، "إن موضوع أبيى معقد للغاية، وكل طرف لديه وجهة نظر ورؤية خاصة به، ومن الصعب إيجاد حل يرضى جميع الأطراف بسهولة، لأن قبائل المسيرية تشكل قوة عظمى فى المنطقة، ومعها حكومة الشمال أمام الدولة الوليد جنوب السودان التى تدعهما أطراف أخرى، وبالتالى ستصبح القضية مثل إقليم كشمير المتنازع عليه من قبل الهند وباكستان".
أضاف رسلان أن تصريحات البشير لم تكن حقيقية ولم يدخل الطرفان فى حرب جديدة، واصفا تصريحاته بالدعائية، التى لا تقدم أى حلول سوى التهديد فقط، لذلك يجب البحث عن حل ذكى يرضى الجميع.
وأوضح رسلان أن مشكلة أبيى لم تكن نزاعًا على النفط فقط، إنما نزاع على المياه بالمنطقة، خاصة أن المسيرية تمتلك آلافاً من رءوس الأبقار، والتى تحتاج للماء بشكل كبير، وحين تحصل الجنوب على المنطقة معنى ذلك أنها تحكم على المسيرية بالموت، فالأمر بالنسبة للمسيرية ليس البترول إطلاقا إنما هو المياه، أم حكومة الشمال هى التى تنظر للبترول فقط، متخفية فى مشكلة المسيرية وهى المياه.
بينما قال السفير أحمد حجاج، رئيس الجمعية الأفريقية، أتوقع أن الأمر سيمر باشتباكات كثير يسفر عنها موت المئات من الطرفين، ثم بعد ذلك سيتدخل العديد من الأطراف، وهما الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى، واحتمال مصر لحل الأزمة واضعين حلولا مناسبة، وأستبعد تماما حدوث حرب جديدة بين الشمال وجنوبه.
أضاف حجاج أن هذه النزاعات ستنتهى قبل إعلان الدول الجديدة فى 9 يوليو القادم لأن الجنوب يريد بناء دولته، وليس تدميرها قبل إعلانها.
وقالت الدكتورة إجلال رأفت، أستاذ العلوم السياسية والمتخصصة فى الشئون السودانية "بالتأكيد سيتجه الطرفان لحل سلمى بعيدًا عن الحرب حقنا للدماء والاشتباكات التى تحدث يوميا على أراضى منطقة "أبيى"، لابد من تدخل أطراف وسيطة تعمل على تقديم حلول وسطية ترضى الأطراف بإعداد ترسيم الحدود بشكل يتناسب مع الطرفين، ومرض لهم".
وأوضحت رأفت أن الجنوب اختار الحرية والانفصال، لذلك يجب بناء دولته الجديدة بعيدا عن النزاعات والدخول فى حرب جديدة، لأنه بالتأكيد سيحتاج للتعاون مع الشمال فى بناء دولته سواء فى العمليات الدبلوماسية وغيرها من الأمور الأخرى، ذلك أتوقع حل القضية بشكل سلمى دون خوض حروب بينهما.
وكان أمين عام الأمم المتحدة، بان كى مون، قد أدان التوترات والاشتباكات فى منطقة "أبيى" داعيا إلى عدم فرض السيادة على المنطقة من جانب واحد، كما دعا قيادات حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان فى الجنوب إلى الكف عن أى إعلانات من جانب واحد فيما يتعلق بملكية منطقة أبيى لأنها تهدد البحث عن حل سلمى".
تقع منطقة أبيى على الحدود الشمالية والجنوبية فى السودان، يسكنها قبائل المسيرية الشمالية، ويسكن فى جنوبها قبائل الدنيكا نقوق، وظلت هذه القبائل تتقاسم المياه منذ عقود ماضية، أما بالنسبة للبترول كان يتولى أمره الشمال ويعطى الجنوب نصيبه من الأرباح.
قبل شهرين من إعلان دولة جنوب السودان.. هانى رسلان: إقليم أبيى النفطى سيصبح "كشمير" الثانية.. وبان كى مون يحذر من إعلان السيادة من طرف واحد.. ورئيس الجمعية الأفريقية: حل قريب للأزمة تطرحه القاهرة
السبت، 07 مايو 2011 11:05 ص