صدر عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة بمكتبة الإسكندرية العدد السادس من مجلة ذاكرة مصر المعاصرة، حيث تكشف المجلة فى هذا العدد تفاصيل إهداء ملكة بريطانيا صورتها إلى محمد على باشا.
وتشير المجلة إلى أنه فى صباح يوم 28 أكتوبر 1845، استقبل محمد على باشا حاكم مصر هدية قيمة من الملكة فكتوريا ملكة بريطانيا، عبارة عن صورة للملكة مرصعة بالألماس، وذلك تقديرًا لشخص محمد على حين تم الاتفاق بين الحكومتين المصرية والإنجليزية على نقل البريد الإنجليزى داخل مصر عبر الطريق البرى من الإسكندرية إلى السويس.
وتبين المجلة أن الإهداء جاء بعد أن أرادت الحكومة الإنجليزية أن تقيم نظاما لنقل البريد على أساس ثابت بينها وبين مصر، حتى لا يتعرض فى المستقبل لأى خطر بعد وفاة محمد على. وكانت هذه الحكومة فى الوقت نفسه تشعر بحرج إذا عقدت الاتفاق مع محمد على رأسًا، لأن ذلك يعتبر شبه اعتراف من جانب إنجلترا باستقلال مصر، مما يسىء إلى العلاقات بينها وبين تركيا، حيث كانت مصر ولاية تابعة لتركيا، فأصدر محمد على فى الحال قرارًا بتأليف شركة حكومية أسماها "شركة الترانزيت الأميرية" وعين عبد الباقى بك مديرًا لها، فاتصل مدير الشركة بمدير البريد الإنجليزى وتم الاتفاق بينهما على أن تقوم مصر بنقل البريد الإنجليزى مقابل 40 قرشًا عن كل رطل إنجليزى وخمس بارات عن كل جريدة أو ورقة مطبوعة.
وقد أعجبت الحكومة الإنجليزية بتصرف الباشا، فقررت أن تعبر لمحمد على عن تقديرها وشعورها نحوه بإهداء صورة الملكة إليه. وفى 23 سبتمبر 1845 كتب وزير الخارجية لورد إبردين إلى القنصل العام الإنجليزى بمصر يبلغه أن صورة الملكة المرصعة بالألماس سترسل فى أوائل الشهر المقبل لإهدائها إلى الباشا، وكذلك كتب اللورد يدعو إبراهيم باشا إلى زيارة إنجلترا فى أثناء رحلته للتداوى بأوروبا، ويؤكد فى خطابه أنه سيلقى فيها رعاية كبرى لا للمزايا التى يتمتع بها إبراهيم باشا فحسب، ولكن كدلالة لما يكنه الشعب الإنجليزى من الاعتبار نحو محمد على نفسه.
وتوضح الباحثة سوزان عابد، سكرتيرة تحرير المجلة، أن هذا الأمر لم يكن بغريب آنذاك، فقد كانت القوة فى السياسة الدولية هى التى ترفع مقام الدولة فى نظر الشعوب والحكومات، وتجعل لملوكها وأمرائها ورجالها شأنًا يعلو بهم فوق أقدار الآخرين من العاطلين والمستضعفين، ومن أَجَلّ مآثر محمد على الكبير على مصر أنه أنشأ لها قوة حربية وبحرية دوت أخبار انتصاراتها فى آذان العالم جميعًا، فكان الملوك والساسة وعامة الناس شرقًا وغربًا إذا ما طرقوا موضوع السياسة الدولية بين سنتى 1839 و1841 لا يتكلمون إلا عن انتصارات محمد على وهزيمة السلطان، وعن تطورات المسألة الشرقية واحتمال وقوع الحرب بشأنها.
كما يضم العدد السادس من المجلة المزيد من النوادر والحكايات والموضوعات الثقافية والسياسية القيمة، منها مقال للأمير عمر طوسون عن موقعة أبى قير البحرية، وشهادة للنائب جيفرى غالى يقص فيها تجربته داخل البرلمان البريطانى، ومقال مميز تمت ترجمته للغة العربية لجان لوك أرنو يقص فيه تحول مصر من مدينة للحدائق والمتنزهات إلى كتل عمرانية، ومقال للدكتور خالد عزب يروى فيه تاريخ مدينة دمنهور مدية الإله حور، بالإضافة إلى عرض لأهم البطولات النسائية فى ثورة 1919 للباحثة صفاء خليفة.
ملكة بريطانيا تهدى صورتها المرصعة بالألماس إلى محمد على
الثلاثاء، 24 مايو 2011 05:21 م