المخالف هو كاتب هذه السطور، والمكان شارع جامعة الدول العربية، والمخالفة ركن السيارة صف ثان، والقصة من بدايتها أننى كأى مواطن يريد أن يجد مكانًا مناسبًا لكى يركن فيه سيارته– وهذا أمر طبيعى- ولكن للأسف فى الآونة الأخيرة ازداد الزحام بشكل ملحوظ- وخصوصًا بعد الثورة لماذا؟! لا أعرف- فى كل الأوقات والأيام، وأصبح قضاء الحوائج فى قلب القاهرة الكبرى من المرهقات المتعبات، وأصبح حل مشكلة المرور لغزا متكررا. واضطررت رغمًا عنى الوقوع فى هذا الخطأ لأننى كغيرى لا أجد مكانًا بسهولة وتركت السيارة فى وضع مخالف وبعد عودتى وجدت حاملة الكلبشات تقف بجوار سيارتى فقلت فى نفسى ربنا يستر، فإذا بى أجد المحظور قد وقع وتم كلبشة السيارة، فذهبت للضابط ودار الحوار التالى: أنا أخطأت بتركى السيارة فى هذا المكان ولكنى لم أجد سوى هذا المكان لكى أركن فيه السيارة، فقال لى: المشكلة محلولة تدفع الغرامة، فقلت له: أنا اعتذرت لك ولن أفعل ذلك مرة أخرى فقال لى: ما أستطيعه هو تخفيض الغرامة إلى خمسين جنيهًا لاغير، فإذا بى أضع يدى فى جيبى فوجدت أقل من المطلوب، فقلت له ما الموقف الآن؟! فقال لى سيادة النقيب: شكلك راجل محترم وأرجو ألا تكرر ذلك مرة أخرى فابتهجت وشكرت النقيب محمود وأعطانى رخصة السيارة، وقلت فى نفسى فعلا الشرطة فى خدمة الشعب وانصرفت إلى حال سبيلى.
وأثناء سيرى وجدت مجموعة من عساكر المرور تشير إلى للركوب معى لتوصيلهم فى طريقى، فقلت من حقهم على أن أقف لهم وركبوا معى وقلت لهم مازحًا الشعب فى خدمة الشرطة.
أقول هذا الكلام لأننا فعلا فى حاجة ماسة ومُلحة لحل مشكلة المرور، وكأن حل هذه المشكلة لغز لابد من مجىء عفريت من الجن لكى يقوم بهذا الحل!
المشكلة ياسادة تكمن بداية فينا كشعب عليه دور مهم فى الالتزام بتعاليم المرور وحث الآخرين على ذلك ففاقد الشىء لا يعطيه، ثانيًا على أجهزة الدولة وجهاز الشرطة خصوصًا مهمة كبيرة لابد من البدء فيها.
وأقترح بعض المهام التى يجب أن ترى طريقها إلى التنفيذ منها:
اعتماد استراتيجية كلية لتأكيد سلامة الطرق والمركبات وتوعية مستخدمى الطرق بالوسائل المختلفة، وإنشاء مجلس أعلى للسلامة المرورية وتكامل وتنسيق الجهود بين الجهات ذات الصلة ووزارة الداخلية تطويرًا للعمل المرورى، والالتزام بالمعايير الهندسية لتصميم الطرق وإلزام الشركات بالالتزام بمعايير السلامة المرورية عند تنفيذ أو صيانة الطرق، وإدخال التقنيات الحديثة فى وسائل الضبط والمراقبة المرورية على الطريق لترقية وتطوير العمل المرورى، مع الالتزام الكامل بضوابط الفحص الآلى والكشف الميكانيكى الدورى المفاجئ على العربات التجارية، وتوفير الوقت والمساحة اللازمة فى وسائل الإعلام كافة، الحكومية والخاصة والصحف ومواقع الإنترنت، للعمل على بث الوعى المرورى بين المواطنين، وتدريس منهج سلامة الطرق فى مراحل التعليم المختلفة مع الإسراع فى إنشاء مشروع أكاديمية للمرور للتوعية المجتمعية، وبناء القدرات البشرية النوعية بالتدريب والتأهيل التقنى المتطور داخليًا وخارجيًا لمجابهة التحديات المرورية التى تفرضها دواعى النهضة المرورية، وإرساء ثقافة المرور القائمة على احترام قواعد وقوانين ونظم المرور ونشرها، واستخدام التقنية الحديثة للسعة المتاحة من الطرق، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة فى هذا المجال لمعالجة الاختناقات المرورية، وتطوير قواعد البيانات المرورية وتحديثها حتى تصبح قواعد للتخطيط الاستراتيجى المرورى لتتوافق مع المعايير والاتفاقات والمواثيق الدولية، وتوسيع استخدام مشروع الضبط الإلكترونى للمخالفات ومشروع الرقابة الإلكترونية بالطرق السريعة، وإعادة تأهيل السكك الحديدية وخطوط المترو وترقيتهما تخفيفًا لحدة الحوادث فى الطرق العامة وتيسيرًا على المواطنين، ومن الأهمية أيضًا توزيع المصالح الحكومية خارج نطاق القاهرة الكبرى للمساعدة فى عدم الاختناقات المرورية.
وبعد هذا وذاك يمكن الإعلان عن جائزة فى كل محافظة لكل من لا يوجد فى ملفه أثناء تجديد رخصة السيارة مخالفات، وتكريم المتميزين فى حفل كبير يذاع فى وسائل الإعلام المختلفة.
علينا– إذن- أن نتعاون ونضع أيدينا فى أيدى بعض للخروج من عنق الزجاجة إلى مستقبل رحب نستطيع أن نتحرك فيه بشكل طبيعى دون ضيق أو عنت. واسلمى يامصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة