باستقراء قانون العاملين المدنيين بالدولة ولائحته التنفيذية، والقوانين المكملة والمعدلة له.. يتضح وبجلاء تام أحقية السادة المحامين المتعاقدين معهم بالجهات الحكومية بصفة مؤقتة فى التعيين بصفة دائمة، إذا أمضوا بالوظيفة المؤقتة ثلاث سنوات على الأقل.
وذلك حيث نصت المادة 23 من القانون 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المضافة بالقانون 5 لسنة 2000على أن "استفتاء من حكم المادة 17 يجوز إعادة تعيين العامل فى وظيفته السابقة التى كان يشغلها أو فى وظيفة أخرى مماثلة فى ذات الوحدة أو فى وحدة أخرى بذات أجره الأصلى، الذى كان يتقاضاه مع الاحتفاظ له بالمدة التى قضاها مع وظيفته السابقة بالأقدمية، وذلك إذا توافرت فيه الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة التى يعاد التعيين عليها، على ألا يكون التقرير الأخير المقدم عنه فى وظيفته السابقة بمرتبة ضعيف، كما يجوز استثناء من حكم المادة 17 تعيين العاملين بمكافآت شاملة على اعتماد الأجور، وفقاً لأحكام التأشيرات العامة للموازنة العامة للدولة والهيئات الاقتصادية، والذين مر على تعيينهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل فى الوظائف الشاغرة بدرجات بداية التعيين، بالجهات التى يعملون بها إذا توافرت فيهم شروط شغلها، وذلك بعد موافقة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة".
هذا.. وإعمالاًً لهذا النص الصريح، يتضح أحقية السادة المحامين المعينين بصفة مؤقتة بالجهاز الإدارى بالدولة، فى التعيين والتثبيت بذات وظائفهم بصفة دائمة.
وذلك ما استقرت عليه محكمة القضاء الإدارى فى العديد من أحكامها.. ومنها الحكم الصادر فى الدعوى رقم 2415 لسنة 40 قضائية استئنافية بالإسكندرية.. بجلسة 20/2/2011، والذى قضى بأحقية السادة المحامين المتعاقد معهم بالجهات الحكومية بشكل مؤقت فى التعبير بذات وظائفهم على نحو دائم.
وترجع تفاصيل هذه الدعوى الصادر بشأنها الحكم سالف الذكر.. إلى أن الأستاذ / محمد صلاح راشد المحامى قد أقامها بداية.. مبتغياً الحكم له.. بإلقاء القرار السلبى الصادر من السيد الدكتور/ رئيس جامعة الإسكندرية.. الامتناع عن تثبيته بصفة دائمة بوظيفة محامى بالدرجة الثالثة التى يشغلها بصفة مؤقتة، منذ تاريخ 19/5/2003، وكان قد ذكر شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد مؤقت مؤرخ فى 19/5/2003 تعاقد مع جهة الإدارة على شغل وظيفة محام مؤقت بمكافئة شاملة بالإدارة القانونية بمستشفيات جامعة الإسكندرية، وبتاريخ 16/4/2006 وافق السيد الأستاذ رئيس لجنة الإدارات القانونية على تثبيت المحامين المؤقتين بوظيفة محام بالدرجة الثالثة بمستشفيات جامعة الإسكندرية.. وبتاريخ 3/7/2006 تقدم المدعى بطلب إلى السيد الدكتور رئيس جامعة الإسكندرية، بتثبيته بصفة دائمة بتلك الوظيفة، والتى قام بالتأشير على هذا الطلب بالموافقة.. إلا أن جهة الإدارة لم تقم بتنفيذ القرار..
وهو الأمر الذى حاد به نحو إقامة دعواه المذكورة والصادر فيها حكم المستشار إليه سلفاً.. وقد شيدت محكمة القضاء الإدارى حكمها هى على أنه طبقاً لنصوص ومواد القانون 49لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات، وعلى الأخص منها المواد 192،158،157،26،9،8،1942 وطبقاً لنصوص المواد 250،249،18 من لائحة هذا القانون التنفيذية.
وكذلك طبقاً للمادة الأولى من قانون 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة، وطبقاً للمادة 23 من ذات القانون المضافة بالقانون 5 لسنة 2000.
وكذا أخذاً بالفتوى الصادرة عن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، والتى استقرت علماً < أحكام="" قانون="" نظام="" العاملين="" المدنيين="" بالدولة="" لا="" تسرى="" على="" العاملين="" الذين="" تنظم="" شئونهم="" الوظيفية="" قرارات="" ولوائح="" خاصة="" إلا="" فيما="" لم="" ينص="" عليه="" اللوائح="" الخاصة="">
ربما لا يتعارض مع أحكامها، وإذا خلا قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية من نص ينظم تعيين العاملين المعينين بمكافآت شاملة على وظائف دائمة، ومن ثم يتعين الرجوع فى هذا الشأن إلى أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، والتى خولت الفقرة الأخيرة من المدة 23 سنة منه للسلطة المختصة تعيين العاملين المعينين بمكافئة شاملة الذين مضى على تعيينهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأرقام فى الوظائف الشاغرة بدرجات بداية التعيين بالجهات التى يعملون بها بعد موافقة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.
وإذا خولت أحكام قانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية لرئيس الجامعات سلطات الوزير بالنسبة للعاملين من غير أعضاء هيئة التدريس والجامعة المتخصصة عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها فى شئون العاملين المدنيين بالدولة دون الرجوع إلى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة.
الأمر الذى لا مانع معه من تطبيق حكم المادة 23 من قانون العاملين المدنيين بالدولة على العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس دون اشتراط موافقة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بحسبان أن هذا قانون لا يطبق بصورة تلقائية بل لابد أن يكون هذا التطبيق متفق والنصوص القانونية، التى تنظم تلك النصوص الخاصة وطبيعة الوظائف التى تحكمها. ( فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بالملف رقم 86/9/349 جلسة5/2/1986).
وبناء على ما تقدم وقد أشارت المحكمة فى حكمها إلى أن المدعى قاسم لسانس حقوق، وقد التحق بالعمل بجامعة الإسكندرية بموجب عقد بمكافئة شاملة اعتباراً من 19/5/2003 بوظيفة محام، وقد بدد العقد السنوى، وقد تقدم بطلب إلى إدارة الجامعة بتعيينه بتلك الوظيفة بصفة دائمة.
وبناء على هذا الطلب أرسل رئيس قطاع المستشفيات الجامعية التى يعمل بها المدعى خطاباً إلى رئيس لجنة الإدارات القانونية يطلب فيه الموافقة على تعيينه لوجود عجز فى عدد أعضاء الإدارة القانونية.
وقد قام الأخير بالرد على الخطاب، أنه لا مانع من التعيين بصفة دائمة التثبيت، ثم تقدم المدعى بطلب إلى رئيس جامعة الإسكندرية للموافقة على تثبيته بوظيفة محام ثالث بالإدارة القانونية بمستشفيات الجامعة، لوجود وظائف شاغرة وقد مضى على عمله بالإدارة أكثر من ثلاث سنوات.
وقد أشار رئيس الجامعة على الطلب إلى أنه (يعتمد) وعلى ذلك فإن رئيس الجامعة بصفته المختص بإصدار قرار التعيين قد أفصح عن إرادته فى تعيين المدعى.. وكان ينبغى عليه أن ينفذ هذه الإدارة باعتبارها قرار إدارى ملزم به.
الأمر الذى معه امتناعه عن تنفيذ هذا القرار وتسليم المدعى عمله بوظيفة محام بصفة دائمة بمثابة قرار إدارى سلبى الامتناع عن تنفيذ أمر يوجب عليه القانون تنفيذه.
دون أن ينال من ذلك أن الإدارة علقت هذا التعيين بصفة دائمة على موافقة الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، إذاً إن القانون يشترط هذا الشرط، كما أن قانون أناط برئيس الجامعة بوصفه السلطة المختص إصدار قرار التعيين.. وهو ما يجعل هذا القرار السلبى مخالفاً للقانون، ويجب إلغاؤه.
ومن ثم فقد أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها متقدم الذكر الذى يعد مبدأ قانونى يستفيد منه كافة السادة المحامين المتحدين فى المركز القانونى مع الصادر لصالحه هذا الحكم، إعمالاً لمبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، ومبدأ السادة لدى القانون المنصوص عليه بالمادتين 40،8 من دستور جمهورية مصر العربية.
والتى تنص أولها على أن:
تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين.
كما تنص المادة من الدستور على أن:
المواطنين لدى القانون سواء ومتساوون فى الحقوق والواجبات العامة.
لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنسية أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، ولذلك نأمل من الجهة الإدارية بكافة قطاعات الدولة إعمال صحيح القانون، وذلك بإصدار قرارات بتعيين وتثبيت السادة المحامين المعينين بصفة مؤقتة لديها، ممن أمضى فى الوظيفة المؤقتة ثلاث سنوات على الأقل، وتتوافر فيه كافة الشرائط القانونية تحقيقاً لمبدأ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
* نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر الديب
مشاكل المهنة