ظل ضياء الدين داود رئيس الحزب الناصرى الذى رحل اليوم الأربعاء، قابضاً على جمرة المبدأ منذ أن تم القبض عليه فى 15 مايو عام 1971 فى قضية الصراع على الحكم مع السادات، والتى تم فيها القبض على عشرات غيره من القيادات التى عملت بجوار جمال عبد الناصر، والتى اشتهرت سياسيا باسم "مراكز القوى".
قضى ضياء الدين داود خلف أسوار السجن سنوات بدأت منذ عام 1971، واستمرت حتى مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، وخرج بعدها ليواجه فصلاً قضائياً طويلاً لإسقاط قرار السادات بعزله سياسياً هو ومجموعة 15 مايو، وهو القرار الذى جرد هذه المجموعة من كافة حقوقهم السياسية وحرمهم من ممارسة العمل السياسى رسميا، ولم ينتظر داود قرار المحكمة فى ذلك، والتى أسقطت قرار السادات، بل ظل يمارس العمل السياسى شعبياً، وساهم فى تجربة الحزب الاشتراكى العربى الناصرى تحت قيادة فريد عبد الكريم، ثم حصل على حكم قضائى بإسقاط قرار عزله سياسيا، ليخوض على إثرها انتخابات مجلس الشعب عام 1990، وفاز باكتساح فى دائرة فارسكور بدمياط.
تصدى داود بعد ذلك إلى تأسيس الحزب الديمقراطى العربى الناصرى عام 1992، وأصبح رئيساً للحزب بعد أن قضت المحكمة بحكمها لصالح خروجه، وفى تجربة الحزب الكثير مما يقال معه أو ضده، لكن فى الحالتين ظل الرجل متمسكا بمبادئه، التى وضعته فى قلب المعارضة لحكم مبارك، ولم يحيد عن مواقفه الرافضة لنهج الخصخصة، والسياسية الاقتصادية التى أدت إلى مزيد من الفقر، ونهج كامب ديفيد، وهو ما أدى إلى إسقاطه فى الانتخابات بعد ذلك.
تولى داود وهو شاب وزارة الشئون الاجتماعية مع جمال عبد الناصر، وتحمل عبئاً كبيرا فى عملية تهجير أبناء مدن القناة إلى داخل محافظات مصر، والتى تمت بعد نكسة 5 يونيه 1967.
تميز ضياء الدين داود من بين جميع السياسيين المصريين، بأنه لم يترك مسقط رأسه فى قريته الروضة بدمياط، وهو وزير، ثم بعد ذلك، فقد كان يقضى منتصف الأسبوع فى قريته، والنصف الآخر فى القاهرة، ولهذا ارتبط بقضايا الفلاحين وبسطاء الناس الذين عاش فى وسطهم، ولم يتركهم حتى آخر نفس من حياته، ولهذا استقبله أهل الروضة بالزفة يوم أن قررت المحكمة إسقاط قرار عزله سياسياً.
عاش ضياء الدين داود نظيف اليد، ولم يتربح فى حياته إلا من عمله كمحامٍ.. رحمه الله رحمة واسعة، وغفر له ولنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة