محمد حمدى

سؤال الشرعية فى مصر

السبت، 30 أبريل 2011 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الأسئلة المهمة التى تطرح على استحياء، لدى الأوساط السياسية والفكرية فى مصر، أو ربما لا تطرح أبدا منعا من الدخول فى صدام، أو عداء مع أحد، هو سؤال الشرعية: ما هى الشرعية التى تحكم مصر الآن، وتدار بها الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية على السواء؟

منذ يوليو 1952 نشأت فى مصر شرعية الثورة، التى قام بها الضباط الأحرار، وسواء كان ما حدث انقلابا أو ثورة قادها بعض ضباط الجيش، فإنه نشأت معها شرعية جديدة، ترتبت على تغيير نظام الحكم من ملكى إلى جمهورى، والنظام الاقتصادى الإقطاعى إلى اقتصاد موجه أو اشتراكى، تبعه بالضرورة نظام اجتماعى جديد قام على الانحياز إلى الطبقات الفقيرة، ودعم الطبقة الوسطى التى ينتمى إليها معظم الضباط لتصبح هى الطبقة السياسية العليا المتحالفة والمتعاونة مع حكم يوليو 1952.

وحين انتصرت مصر فى حرب أكتوبر 1973 كان يحلو للرئيس الراحل أنور السادات، الحديث عن شرعية أكتوبر كبديل عن شرعية يوليو 1952، وهو بذلك أراد أن يصنع شرعية حاكمة جديدة تقوم وتستند على أهم إنجازاته السياسية والعسكرية، وحتى لو سلمنا بهذه الشرعية القائمة على الانتصار فى الحرب، فإنها فى النهاية ظلت شرعية عسكرية تستند إلى الجيش، الذى حول الهزيمة إلى النصر، لكنها فى كل الأحوال لم تكن شرعية متكاملة، بقدر ما ظلت استمرارا للشرعية العسكرية التى حكمت مصر منذ يوليو 1952.
ومثل الرئيس السابق حسنى مبارك، امتدادا للشرعيتين السابقتين عليه، شرعية العسكريين القادمة من الثورة، وشرعية نصر أكتوبر التى كان أحد قادتها باعتباره كان قائدا لللقوات الجوية فى تلك الحرب المجيدة.

وقد أراد مبارك، أيضا الانقلاب على ما سبقه من شرعيات بالتوجه إلى ما يمكن تسميته بالشرعية الجماهيرية الناجمة عن انتخابات رئاسية تعددية تمنح الرئيس المنتخب شرعية شعبية لم تعرفها مصر من قبل، لكن ظلت هذه الخطوة منقوصة، لأن التعديلات الدستورية التى أدخلها للتحول من نظام الاستفتاءات إلى الانتخابات التعددية المباشرة كانت مقيدة، بما جعلها أقرب إلى الاستفتاء حتى ولو جرت فى مصر انتخابات رئاسية تعددية فاز فيها مبارك بنحو 88% من أصوات المشاركين فى انتخابات 2005.
وبرحيل مبارك عن الحكم استجابة للإرادة الشعبية، بدا أن مصر تعيش صراع شرعيات، فالجميع يتحدث عن الشرعية الثورية، رغم أن ما يجرى تطبيقه على أرض الواقع هو شرعية المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى تولى الحكم بتكليف من الرئيس السابق كان فى حد ذاته غير دستورى.

لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة حصل على شرعية إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية عبر الاستفتاء على تعديل بعض المواد الدستورية، وكانت الموافقة الكبيرة بنحو 77% من أصوات من شاركوا فى الاستفتاء هى بمثابة تصويت على شرعية إدارة المجلس العسكرى للبلاد، لذلك سرعان ما عطل المجلس الدستور، وأصدر إعلانا دستوريا قال: إنه يحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية، بينما هذا الإعلان يعنى أن المجلس العسكرى هو صاحب الشرعية الوحيدة لحكم البلاد فى هذه المرحلة الراهنة من تاريخ الوطن.

سؤال الشرعية الذى لا يطرح إلا على استحياء يجد إجابة بسيطة جدا، فإذا كان السادات قد حاول الانقلاب على شرعية يوليو 1952 التى هى شرعية عسكرية بشرعية أكتوبر التى هى شرعية عسكرية محدودة تخصه بالأساس، وإذا كان مبارك قد أراد الانقلاب على ما سبقه من شرعيات عسكرية بشرعية جماهيرية لم تكتمل وظلت ناقصة، فإننا عدنا بعد 59 عاما من ثورة يوليو 1952 إلى شرعية واضحة جددت دماء الشرعية القديمة التى تحكم مصر الجمهورية منذ نشأتها وحتى الآن.
mhamdy12@yahoo.com







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة