أرسلت إحدى الأمهات تقول، لدى ولد وبنت عمرهما ما بين 2 و3 أعوام، وقد انفصلت عن أبيهما لعدم الاتفاق بيننا فى التفكير، حيث إنه يميل كل الميل لأسرته ويحتكم إلى قراراتهم فى كل أمور معيشتنا، مما أدى إلى الانفصال، وقد أقام قضية رؤية، وحكمت له المحكمة برؤية الطفلين لمدة 3 ساعات كل أسبوع فى أحد مقار الحزب الوطنى، كما يمكن أن يأتى الجدان لرؤية الصغار، ولكن منذ فترة بدأ بعض الرجال يرفعون أصواتا تنادى بحق استضافة الصغير لمدة يومين كل أسبوع، فهل يعقل أن يحرم الصغار فى هذه السن من حضن الأم ليذهبوا إلى بيت أبيهم المتزوج من امرأة لا يقدر أن يرد لها كلمة مهما كان قرارها؟، ومن ثم فإن طباع زوجة الأب سوف تطول الأطفال ولن يتحقق لهم الراحة فى منزل الأب، خاصة أنه كثير السفر، وقد يطلب الأولاد لاستضافتهم تاركهم مع أخته أو أحد أقاربه، ومن ثم فإن مطالب الآباء بالاستضافة لن تكون فى مصلحة الصغير، ومع ذلك أريد معرفة ما يقره الشرع فى هذا الأمر مراعاة لشأن الصغار وصحتهم النفسية.
اليوم السابع عرض هذا الأمر على بعض علماء الدين للوقوف على ما يقره الشرع، ويكون فى مصلحة الصغار، وقد أجمعوا على أن القضية فى مرتبتها الأولى هى قضية أخلاقية، وعلى الأبوين الترفع عن إقحام الصغار فى المشكلات التى نشبت بينهما، وأن الانفصال واللجوء إلى المحكمة لإقرار رؤية الصغار للطرف غير الحاضن ليس بنهاية المطاف، بل إن الأمر لابد أن يتجاوز تلك الخلافات، إذا كان، حقا، الأبوان يريدان للصغير أن ينعم بحياة طبيعية وصحة نفسية سوية.
وتقول الدكتورة آمنة نصير، الأستاذة بجامعة الأزهر، إنه طالما دب الخلاف بين الرجل والمرأة فلا يصلح هذا الشأن قوانين الأرض جميعها، إلا أن يكونا على يقين بأن ما بينهما من أبناء هى مسئولية مشتركة، وهما مأموران بالحفاظ عليها حتى يصل الصغار إلى بر الأمان، ومن ثم ما يجب أن يشغل فكر الأبوين أن يبعدا الأطفال عن أى شقاق قائم بين الأسرتين، وعلى هذا يجب إتاحة الفرصة للصغير أن يعيش حياة سوية قدر الاستطاعة مع من يتولى حضانته.
وعلى الجانب الآخر، يجب أن يلتزم الطرف غير الحاضن برعاية الطفل نفسيا واجتماعيا، والقيام بمهامه على أكمل وجه كما أمرنا المولى عز وجل، ولا يقصر فى الإنفاق عليه إذا كان الجانب غير الحاضن هو الأب، حيث تقع عليه الرعاية المادية للصغير والصرف عليه بما يحقق له الرعاية النفسية والصحية السليمة، بالإضافة إلى مراعاة توفير الأمان، ولا يهدد الطرف غير الحاضن بأنه سوف ينتهز الفرصة ويهرب بالصغير إلى مكان غير معلوم، وذلك تنفيذا لقواعد الشرع، حيث قال رسول الله صلى عليه وسلم "كفاك إثما أن تضيع من تعول"، وعلى الأسرتين الحرص على أن يدوم الفضل بينهما .
وتهمس الدكتورة آمنة فى أذن غير الحاضن الذى يرغب فى أن يأخذ ابنه ويهرب به ليكتوى الطرف الآخر بنار الفراق، أن القانون أجاز للحاضن استصدار قرار "حجر" من المحكمة لمنع مثل هذه الإجراءات التى يقحم الأبناء فيها دون ذنب إلا أنهم فقط "أبناء طلاق"، وإذا كان الرجل لم يقم بواجباته كزوج وأب أثناء فترة الزواج، فعليه أن يتنبه إلى تلك المهام الملقاة على كاهله بالنسبة لأبنائه، حيث تلك المهام لا تنتفى بحدوث طلاق بين الأبوين، وهى تعد أولى المسئوليات التى سوف يسأل عنها الآباء أمام الله.
ويؤكد الدكتور محمد الشحات الجندى، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق بجامعة حلوان وأمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الحضانة حق ثابت للأم، كما أن الرؤية حق ثابت للأب، وما يثار الآن حول الاستضافة الغرض منه إتاحة الفرصة لتواصل الصغير مع الطرف غير الحاضن، وفى الغالب يكون الأب، ومن ثم فالآباء يطالبون بالاستضافة بحجة معايشة الأطفال فترة أطول تزيد على فترة الثلاث ساعات كل أسبوع، و التى تمثل حق الرؤية فقط، ومن ثم فإنهم يقولون إن تلك الفترة غير كافية لتربية الأبناء ومتابعة شئونهم وتوجيههم، حيث إن الدين أمرنا بالاهتمام بحقوق الآخرين، إلا أنه تبعا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"، فرغم أن المظلة التى يستظل بها المطالبون بالاستضافة تكاد تكون منطقية، إلا أن هناك منطقا أولى أن يوضع فى الاعتبار، وهو مقام الابن فى بيت أبيه هل سيكون ضيفا أم صاحب المكان كما هو فى بيت أمه؟.
كما يمكن طرح بعض الأسئلة التى لابد أن تكون الإجابة عنها فى منتهى الصراحة ولصالح الطفل فى المقام الأول، هل هذه الاستضافة سوف تعطل التحصيل الدراسى للابن إذا كانت خلال العام الدراسى، هل الابن مريض وعلى الأم أن تقوم بتمريضه بدل أن ينتقل إلى بيت زوجة الأب، التى لن ترعاه مطلقا مثل أمه، هل أحد من أقرباء غير الحاضن سوف ينتهز وقت الاستضافة ويلقن الطفل معلومات تعكر الصفو بين الصغير ومن يقوم بشأن حضانته؟.. لذا لابد من مراعاة سن الصغير التى يمكن فيها تطبيق "الاستضافة " بأن يبدأ فى سن 12 عاما، وهى سن إدراك للإنسان، تمكنه من تعقل الأمور ودفع الأذى عن نفسه قدر الاستطاعة.
كما يمكن للحاضن أخذ جميع الضمانات التى تجعله مطمئنا على الصغير أثناء فترة الاستضافة، كأن يوضع الطفل على قائمة الممنوعين من السفر حتى لا يتعرض للخروج من البلاد خفية وبدون إذن الحاضن.
ويؤكد الجندى على ضرورة الوعى بـ "ثقافة مصلحة الطفل"، والتى لابد أن تكون لها الأولوية على غيرها من الأمور المتنازع عليها.
ويذكرنا الدكتور محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر، بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال لامرأة جاءته وفى يدها طفل صغير لم يفطم بعد، وقالت إن والده يريد أن يأخذه منى فقال لها النبى " أنت أحق به ما لم تنكحى" أى " ما لم تتزوجى"، ويجب أن يهتم المشرع بمصلحة الصغير، كما لابد أن يتربى الصغير فى مناخ سوى يتعلم منه الأخلاق، ولا يدخل طرفا فى نزاع ليس من شأنه.
ويشير الدكتور عبد المعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن التعرض للفتوى فى موضوع الاستضافة ليس بالأمر الهين، حيث إن هناك كثيرا من الجوانب السلبية التى قد تلحق بالطفل إذا فرض عليه التعايش والمبيت فى بيت أبيه بشكل دائم، فقد تكون هناك زوجة أب وقد يكون هناك أبناء، سواء إخوة أشقاء أو غير أشقاء، والأمهات ينتابهن الضيق من شقاوة الأطفال، فما بالنا بزوجة الأب، أى أن الآباء يطالبون باستضافة الأبناء ليقيموا مع زوجة الأب، حيث فى الأغلب سوف يكون الأب منشغلا فى عمل خارج المنزل، ومن ثم قد يكون الأولاد رهن أوامر زوجة أبيهم بكل ما تحمل من صفات، سواء كانت دمثة الخلق أم سيئة الطباع، بالإضافة إلى من سيقوم بخدمة هؤلاء الأطفال الأب أم زوجته؟ أم أن الأطفال يخرجون من حضن تدليل الأم وأسرتها إلى حزم زوجة الأب وأطفالها، وذلك كله فى كفة يقابلها مطالب الآباء بحقهم فى رؤية أبنائهم والاستمتاع بأنسهم فترة أطول من الفترة المقررة فى قانون الرؤيا، وهذا ما يجعل إصدار فتوى على غير المتعارف عليه والمعمول به محل نظر وترو شديدين، لأن من سيتحمل تبعة هذه الفتوى هو الصغير الذى لا يقوى عن دفع الضرر عن نفسه، ولابد أن تعلو مصلحته على أى نزاعات بين الأطراف المتخاصمة، ولذا أناشد الأبوين إلى التسابق فى الإحسان إلى الأبناء ويقوما بتوفير الحياة الطبيعية قدر الاستطاعة بعيدا عن المشاحنات، وإذا حدثت فرقة بين الزوجين فلا يجب أن تنعكس آثارها على الأبناء، خاصة أن ما يحدث فى الأغلب أن الزوجين تعارفا قبل الزواج وارتضى كل منهما أن يشاركه الآخر حياته.
ورغم ما تبين بعد الزواج من اختلاف الطباع، إلا أن هناك صفة لا يجب أن ينكرها الرجل على زوجته، والتى اختارها فى السابق وأصبحت أما لأولاده فقد كان يحبها ويحسبها أمينة على مصالح الأبناء، فيا ليته يتعاون معها فى إدارة شئون الأبناء وفى تحمل مصاريف الحياة والتشاور فى التربية السليمة لهم حتى بعد الانفصال، ولا يسىء أى من الأبوين إلى الآخر أمام الصغار مكرمة لهم وتبعا للأخلاق التى أمرنا بها الإسلام.
ويرى الدكتور عبد المعطى بيومى، أن استضافة الصغار قد تكون مقبولة عندما يبلغون سن 15 عاما، حيث إن هذه السن يستطيع فيها الإنسان الاعتماد على نفسه فى كثير من الشئون ويكون بمقدور الصغير التمييز فى أقوال وتصرفات الآخرين وتقبل السوى منها ونبذ السيئ.
استضافة الصغير حق لغير الحاضن ولكنه مشروط بضوابط
السبت، 23 أبريل 2011 10:20 ص
الدكتورة آمنة نصير الأستاذة بجامعة الأزهر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن
yfdpjv
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
ليه عاوزين تقطعوا قلب الاباء ومنعهم من تربية ابنه اليس هذا الدين
تعليقي حق الاستضافة لابد منه وليه حطين كل الافتراض كله سيء ان زوجة الاب ليست جيده طيب افرض انها جيده او الاب لم يتزوج او ان الاب يأخذه في يوم عطلته وليه طيب ما تظبطوش القوانيين الي حرمت الاب من ان يتولى تربية ابنه وتعليمه ولما يجيله في سن كبير وقد شحن الكره والبغضاء والكذب هل يأتي لماذا بيت الاب لكي يكون خراب يا جدعان حرام عليكم الاب له مشاعر واذا كان بيدي لابنه كل الاموال المطلوبه ليه تمنعوه ليه تحرموه 15 سنه يشوف ابنه ساعات كضيف رخم عليه لا حول ولا قوة الا بالله دي الاجانب بقا على كده في النقظة التربية بعد الانفصال بقوا كده افضل مننا