زوجات الحكام موضوع لم يتطرق له الكثير بالحديث، وكان من ضمن الكتاب القلائل الذين شرعوا فى تناول هذا الموضوع المؤرخ والباحث المصرى، سمير رأفت من خلال كتابه "سيدات مصر"، والذى كشف فيه عن معلومات مثيرة وجديدة عن زوجات حكام مصر وتطرق للحديث عن فكرة "السيدة الأولى" التى عرفت فى مصر من عهد الخديو توفيق حتى الرئيس محمد حسنى مبارك.
ويسلط المؤرخ الضوء على سيدات مصر منذ الخديو توفيق الذى حكم مصر منذ 1879 ميلادية إلى سنة 1892، الذى تزوج من ابنة عمه الأميرة أمينة إلهامى، فيما تزوج الخديو عباس حلمى من "إقبال هانم" التى كانت فلاحة ثم تزوج مرة أخرى من سيدة مجرية "مى نون ترك" التى غيرت اسمها إلى "جافيدان هانم".
وعلى نفس الدرب سار السلطان حسين كامل، فتزوج مرتين الأولى من ابنة عمه الأميرة "عين الحياة إبراهيم" ثم تزوج "ملك تورهان" وكانت فلاحة تعمل فى أراضيه، كما تزوج الملك فؤاد ابنة عمه الأميرة "شويكار إبراهيم" ومن بعدها "نازلى عبد الرحيم صبرى" وهى فتاة مصرية من عائلة ارستقراطية، وكان جدها "أنثليم سيف" فرنسى الجنسية.
الملك فاروق فعل مثل أبيه فتزوج "الملكة فريدة" واسمها الحقيقى "صافيناز ذو الفقار" وهى فتاة من عامة الشعب، ثم طلقها وتزوج "ناريمان صادق" وهى أيضًا من عامة الشعب وأصبحت آخر ملكات مصر.
وفى عهد الثورة.. تزوج محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر من السيدة "عائشة لبيب"، وتزوج الرئيس جمال عبد الناصر السيدة تحية كاظم البغدادى التى كان والدها من أصول إيرانية، وتزوج الرئيس أنور السادات من السيدة إقبال ماضى، ثم السيدة جيهان صفوت رءوف "جيهان السادات"، وكانت والدتها إنجليزية تدعى جلاديس كوتيريل، وتزوج الرئيس مبارك من السيدة سوزان صالح ثابت ووالدتها إنجليزية من إقليم ويلز البريطانى.
وشدد الكاتب على الحكم منذ عهد الخديو إسماعيل الذى حكم مصر منذ 1863 إلى عام 1879، وظهر مصطلح "الوالدة باشا" وهى الأم الحاكمة المؤثرة فى إدارة البلاد، ومنذ عهد الخديو توفيق تراجع دور الأم الحاكمة لتتزايد نفوذ سيدة مصر الأولى.
وأبرز المؤرخ جنسيات وأصول زوجات الحكام فى مصر، بداية من الأميرة أمينة إلهامى زوجة الخديو توفيق، التى تربعت على عرش مصر كسيدة مصر الأولى دون أن يكون لها ضرة، والملكة نازلى والملكة فريدة فكل منهما تنتمى إلى أسرة ذات صلاحيات حكومية وكل واحدة منهما كانت حفيدة رئيس وزراء من ناحية الأم.
وأشار إلى أنه باستثناء الملكة ناريمان فإن أغلب زوجات حكام مصر كن يحملن جنسيات أجنبية بجوار جنسياتهن المصرية، مثل "مى" التى كانت مجرية أباً عن جد، و"الملكة نازلى" ذات أصول فرنسية يونانية" و"إقبال هانم" و"السلطانة ملك" من الأتراك.
وفى العهد الجمهورى تنتمى السيدة "تحية عبد الناصر" إلى أصول إيرانية، فيما تتشابه خلفيات أسرتى السيدة "جيهان السادات" و"سوزان مبارك" لأب مصرى درس الطب فى بريطانيا وتزوج من بريطانية.
ألقى المؤرخ الضوء على دور زوجات حكام مصر، وجانب التعليم والثقافة الذى حظيت به كل واحدة من النساء اللاتى جلسن على عرش مصر، ومدى تأثيرها على صناعة القرار.
بينما يأتى الكتاب الثانى ليتحدث عن زوجات الحكام غير العرب وكيفية تأثيرهن فى صنع القرارات حيث صدر مؤخراً عن دار الكتاب العربى كتاب "السيدة الأولى" وبعنوان فرعى "قصص مثيرة وفضائح بالجملة لنساء اختطفن السلطة من الأزواج الزعماء" للكاتبة الصحفية أحلام حسين، ويقع الكتاب فى 275 صفحة من القطع الكبير.
تشير المؤلفة فى كتابها إلى أن زوجة الزعيم أو "السيدة الأولى" قد تكون فى بعض الأحوال هى الحاكم أو الزعيم الفعلى وذلك ما يسلم لها زوجها كل صلاحياته فتقوم هى بسرقة البساط من تحت قدميه، وفى أحوال أخرى تكون زوجة الزعيم نعمة للزعماء السياسيين، تؤازره وتشجعه، وتشاركه أعباء الحكم، ولكن دون ظهور يضعه فى حرج، وغالباً ما يكون دورها اجتماعياً أكثر منه سياسياً.
وفى رواية المؤلفة تقول إن مصطلح "السيدة الأولى" ظهر لأول مرة فى عهد الرئيس الأمريكى الراحل جورج واشنطن، وزوجات الرؤساء ورؤساء الوزراء اللاتى يحملن هذا اللقب قد أصبحن فى بؤرة الاهتمام، لما يكون لهن من تأثير كبير على مقاليد الأمور فى البلاد، وهذا الدور يزيد من أسهم الزعيم ويضفى عليه المزيد من الاحترام والحب، وتضرب مثلاً بزوجة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، والتى تقف دائما إلى جانب زوجها حتى فى مواقفه السياسية التى تشاركه فيها بل وتدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة.
وبحسب المؤلفة تعد إميلدا ماركوس زوجة الرئيس الفلبينى الراحل فرديناندو ماركوس، وإلينا تشاوشيسكو زوجة الرئيس التشيكى الراحل تشاوشيسكو من أسوأ نماذج "السيدة الأولى" فى العالم.
وتقول أحلام حسين بان إلينا تشاوشيسكو كانت "امرأة عادية ولكنها متعطشة للسلطة، وعندما تمكنت منها، جعلتها طريقتها المفضلة إلى المال والنفوذ والظلم والجور والقهر، وحين تمكنت من السيطرة على كل شىء، أخذت تعيد صياغة شخصيتها من جديد.
أما هيلارى كلينتون فلها الكثير من مصادر القوة، وذلك يعود لشخصيتها ومواهبها الفطرية، فهى تنحدر من أسرة متوسطة الحال تمكنت بذكائها وعملها الدائم ورغبتها فى التحدى وإثبات نفسها كامرأة قادرة على التفوق على أقوى الرجال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة