حرية تأسيس الأحزاب السياسية مطلب عام منذ سنوات طويلة، أرى هذا الحلم بدأ يتحقق تمشياً مع أصداء ومفرزات الثورة المصرية، التى بطلها الحقيقى هو الشعب المصرى، وخاصة الشباب الذين هم أبناؤنا فى كل مكان، وحرية تأسيس الأحزاب ليس لإيجاد تمثيل لكل أطياف الشعب بقدر تفعيل الدور الذى حوله النظام السابق إلى أحزاب ورقية وكرتونية، تكتفى فقط بإصدار الصحف الورقية، حتى تراك أن حزباً سياسياً لا تمثيل له فى الحياة البرلمانية، ولا حتى المحليات سوى بقائمة واحدة فى قرية، أصدر 18 صحيفة لا تجد قراءً وإن كنا مع حرية تكوين الأحزاب، بحيث ترتفع يد الدولة عنها، ويتساوى الجميع فى هذه الحرية، ولا تكون لمجموعة وتحظر على أخرى.
وكفانا مسالب النظام البائد الذى فرض سياجاً على جماعة الإخوان المسلمين، وأضفى عليها كلمة المحظورة التى ظلت ظلاً ظليلاً منذ قرار عبد الناصر بحلها عام 1954 بعد حادث المنشية الذى تم لصقه بهم.
الآن جاءت ثورة الشباب كأعظم ثورة فى تاريخ مصر، لتزيل هذه المساوئ، وتؤكد أن الحركات الإسلامية سواء إخوان أم جهاد أم جماعة إسلامية وسلفيين، هم جماعات هدفها قوة مصر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وليست تهدف إلى تفريق قوى الشعب وإضعافه واضمحلاله، كما كانت اتهامات النظام البائد.
الحزب الوحيد الذى وافقت عليه لجنة شئون الأحزاب السياسية عام 2004 تحت ضغط عجيب، بعد أن قام وكيل مؤسسيه بتمزيق اللائحة أمام الجميع، وكرر على مسامع أعضاء اللجنة بأنهم سيوافقون على قيام حزبه، وقد كان له ما أراد، وانضم إليه عدد لا بأس به، منهم وزراء وسفراء سابقين.. وكان ذلك إيذاناً بصبح جديد وتداول للسلطة وليد، ولم يمضِ على هذا العرس سوى العام، حتى تم التنكيل بالحزب ومؤسسه وبعض أعضائه وقضوا على الأسطورة الوليدة.
وفى حقبة الثمانينات والتسعينات علا نجم حزب سياسى أصيل، وعلا نجم صحيفته التى هاجمت الحكومة والنظام، وأثبتت لمصر كلها أننا نعيش عصر إغراق السوق المصرية بمسرطنات للهجن الزراعية، ستقود البلاد إلى الهاوية، فتم تجميد نشاط الحزب بالزج بممثل شهير فى دور مجانى للقيام بدور المنشق، وتكوين رئاسة ثانية، فوقف النشاط وأغلقت الصحيفة، ودخل المعتقل عدد من صحفييها الشرفاء الذين خرجوا لا يرون للحرية طعم، وتاهت عنهم أصداء الدنيا وسط عويل وبكاء أبنائهم، ولا نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل فى الجبروت الذى انتهجه النظام السابق، والذى كنا لا نتصور فيه نتاج ما يتكشف منه.
نقيب المحامين
رئيس اتحاد المحامين العرب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة