لم تنقضِ معركة التطهير بعد، ومازال المخلصون للثورة يحملون هموم تأمينها وإكمال مكاسبها المرجوة.. هذا هو المربع رقم واحد الذى مازلنا فيه لم نغادره، بالرغم من كل ما تحقق من مكاسب على طريق التأمين والتطهير، كفاح جماهير الثورة فى هذا المربع يستقطب اهتمامهم ويستنزف جهودهم.
يأتى منطق عدم مغادرة المربع رقم واحد إلا بعد اكتماله، سليماً فى ظل معطيات الواقع التى تهدد الثورة ومكاسبها بعدم الاكتمال، أتى إصرار أصحاب الرؤية الواضحة من جماهير الثورة على الاحتشاد يوم الجمعة الفائت فى مكانة تماماً من أجل الضغط نحو اكتمال التأمين والتطهير.
تلوح مغانم الحرية والديمقراطية الوليدة فتختلط الأولويات بعيداً عن ترتيب متأنٍ يقدم ثماراً مكتملة لهذه الثورة تدفع مصر بقوة على طريق النهضة بدون تعويق، اليوم لدينا معطيات تسيئ فى رأى الكثيرين لهذا المسار المتأنى ولإمكانية تقديم الثمار المرجوة للحرية الوليدة.
تدفع تلك المعطيات الكثيرين لتحويل الأولوية لمعركة انتخابية معجلة تحصينا لمكاسب الفصيل الذى ينتمون إليه بعيداً عن أولوية مكاسب الثورة ذاتها.
هذا المسار المعجل الذى ندفع فيه يتحمس له الأكثر استعداداً ويرتبك بسببه الذين استنزفتهم جهود التحفيز للثورة والقيام بها والذين لم تترك لهم قيود الماضى فرصة الاستعداد.
ينذر هذا المسار بتعقد أرض واقعنا السياسى الذى ستنبنى عليه كل معطيات حياتنا من دستور وتشريع وتوجهات اقتصادية واجتماعية.
يفرض علينا موعد عاجل لانتخابات البرلمان فتنشط جماعة الإخوان المسلمين ومعها كل أصحاب المال والعصبيات الذين استقطبهم حزب المصالح والمنافع وانتفعوا بالتزوير المنظم لمصلحتهم فاستمرأوه وتعايشوا مع الفساد فلم يثوروا عليه.
لا اعتراض على وجود الإخوان فى أول برلمان بعد الثورة، الاعتراض هو على مدى ديمقراطية كل تصويت حر يأتى معجلاً بدون أن يستعد له الجميع سواسية، حدث هذا فى استفتاء التعديلات الذى تم على عجل لنفاجأ بأن الذى صدر هو إعلان، أين ضرورة العجلة الشديدة فيما تم وأين الديمقراطية الكاملة فى آثاره.
نساق حتى هذه اللحظة نحو انتخابات معجلة فى سبتمبر القادم وبالنظام الفردى لتتكرر نفس النتائج التى سنفتقد فيها ديمقراطية استعداد الجميع بفرصة متساوية.
هل نريد استقراراً أم مجتمعاً مضطرباً لا ينطلق فى نهضة؟ هل من الاستقرار أن يأتى البرلمان بنسب مشوهة لمجتمع مصر السياسى بعد الثورة؟ هل من الديمقراطية والإنصاف الذى يؤمن به كل الشرفاء ومنهم الإخوان أن يأتى البرلمان فى عجلة تخل بمستحقات الديمقراطية بعد حدث الثورة الاستثنائى؟ لمصلحة من سيتم تهميش كل من أدت الظروف لعدم استعدادهم لهذه الانتخابات المعجلة بعد ثورة مازالت تستنزف جهود وفكر الجميع؟
أين الفترة الانتقالية المستحقة لفرصة متساوية فى الاستعداد وتشكيل متوازن للبرلمان؟ أين البيئة الانتخابية المحايدة فى ظل جهاز كامل للحكم مازالت تحكمه عقلية وتربيطات زمن التزوير والتجاوز؟
أين هذه البيئة وأتباع الحزب الوطنى هم المسيطرين على سلطة الحكم المحلى الذى تراه جماهير مصر فى المحافظات وتتأثر بسطوته؟
أين هذا كله والجميع باقٍ فى موقعه من محافظين، إلى رؤساء مجالس مدن، إلى خمسين ألفاً من أعضاء الحزب الوطنى فى المجالس المحلية؟ أين هذا كله من الوقت اللازم لعودة جهاز المباحث الجنائية الذى يسيطر أعضاؤه على تفاصيل حياة الأقاليم إلى ميدان العمل الاحترافى فى مكافحة الجريمة فقط بعيداً عن الاستغراق فى السياسة؟
كيف نساق فى طريق كله مخاوف وأسئلة عن شكل البرلمان
القادم وتوجهات الدستور الذى سينبنى على تشكيلة؟ أين ذلك كله من استقرار المجتمع ومن مطلب النهضة؟
* أستاذ بطب القاهرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة