هذه الدعوة أو هذا الرجاء سمه ما شئت موجه ليس للسلفيين فحسب، بل لكثير من الجماعات والمؤسسات والأفراد إذا كنا فعلا نحب بلدنا ونريد أن تكون بلدا ديمقراطيا بحق وينعم أهلها بالحرية الحقيقية، وندائى للسلفيين جاء بعد ملاحظات كلنا كنا شهودا عليها وعلق عليها كثيرون، بعض هذه الملاحظات انصبت على أفكارهم وآرائهم قبل الثورة بسنوات ووقوفهم دائما مع أى رئيس متغلب وأى حكومة متغلبة تحت زعم أن هذا الرئيس الحاكم جاء بأمر الله سبحانه وتعالى ولا ينفع معه أن يُبعد أو يبتعد عن طريق الحكم وكرسى الرئاسة إلى أن يأتيه أجل الله الذى يمكن أن يستمر لمدة 30 سنة أو 43 سنة أو 28 سنة ثم يأتى أحد أبنائه ليركب على الكرسى من جديد، وتبدأ حفلة تعذيب الشعب لمدة أخرى إلى أن يحين أجل الابن، هذا الكلام موجود فى أدبيات السلفية على اختلاف بلدانهم ومشاربهم، وما فتوى الشيخ محمود عامر منا ببعيد والذى قال فيها ما لم يقله أحد من العالمين من الجن والإنس؛ من جواز قتل البرادعى لأنه تجرأ ووقف ضد مبارك مع لمطالب الشعب، وفتواه المؤيدة لمبارك وتنصيبه أميرا للمؤمنين، وأما بعد الثورة فرأينا أنهم من أول من استفاد منها بظهور علمائهم على الفضائيات وعلى صفحات الصحف، وإطلاق قنواتهم مرة أخرى بعد إقالة وزير الإعلام السابق أنس الفقي، فكانت استفادتهم الآن أكبر بكثير مقارنة بعهد مبارك وشركائه، ولذا فالمحافظة على البلد واجب بل فرض وكلامى للعلماء كبار السلفية لتوجيه الشباب منهم من انه لا يصح تحت ذريعة النهى عن المنكر أن يهدم ضريح أو يخوف أحد من الناس والابتعاد عن إعطاء الفرصة بأيديكم وبأفعالكم لأحد أن يشوه صورتكم، فالمطلوب التهدئة والتبصر بعواقب أى خطوة تعتبرونها نهيا عن منكر أو أمرا بالمعروف، والابتعاد عن ما يسيء للثورة التى قامت من أجل مصر وأبنائها ولا تكونوا عونا للثورة المضادة والتى تضم فى عضويتها الكثيرين ليس فقط من فلول الحزب الوطنى وتوابعه ولا من المستفيدين منه بل تضم دولا عربية لا تريد أن ترى ديمقراطية حقيقية جاءت بها ثورة الخامس والعشرين من يناير وطبقت فى أكبر دولة عربية لأنها ستكون نموذجا يحتذى به هناك ويفقد معها الرؤساء وأبناؤهم فرصة التنعم بكراسيهم أكبر فترة ممكنة، وبدلا من أن يكون مبارك وزين العابدين فقط فى نادى الرؤساء المخلوعين سينضم إليهما آخرون كالقذافى وعلى صالح وبشار.
وهذا الكلام ينسحب مع السلفيين على الأحزاب وعلى المثقفين بجميع تياراتهم، وعلى فئات الموظفين والعمال المتعجلة للثمرة قبل نضوجها، فالهدوء مطلوب حتى يبدأ البناء، وبدلا من التفكير فى هدم ضريح نفكر فى بناء مدرسة ومصنع أو المشاركة فى محو الأمية عن الكثيرين.
وبهذه المناسبة أعجبنى قول الأستاذ حمدين صباحى فى برنامج تلفزيونى على قناة خاصة عندما سألته المذيعة سؤالا وتريد منه إجابة معينة عن ظهور الإسلاميين وخاصة السلفيين بعد الثورة، رد عليها بقوله: ما يحسب لثورة 25 يناير هو مشاركة الإسلاميين والسلفيين حاليا فى العمل العام، وهذه إجابة رجل يستحق فعلا أن يكون مرشحا لرئاسة الجمهورية.