منتصر الزيات

الجماعة الإسلامية.. بين هيبة الكبار وحتمية التغيير

الخميس، 31 مارس 2011 08:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ كنت ممن يراهنون على تماسك الجماعة ضد الانشقاقات ولكن المتغيرات كشفت عن تحديات جديدة
كانت الجماعة الإسلامية فى جامعات مصر، فى السبعينيات وما بعدها، تعبيراً عن «حالة» تقودها إلى الارتداد لمفاهيم الإسلام والتمسك بقيمه وخصاله وأخلاقه, فعاد الحجاب يتبوأ مكانته فى ثقافة المرأة المسلمة, وتحولت اهتمامات الطلاب فى جامعات مصر من أقصاها إلى أقصاها للغوص فى كتب السير والتراجم والسيرة النبوية يتعرفون على أجدادهم الذين سادوا الدنيا وملكوها حتى صارت فى أيديهم ولم تنل من قلوبهم, وعرف شباب مصر بعد حرمان طريقهم إلى المكتبة الإسلامية وأصبحت المطبوعات الدينية أكثر بيعاً وانتشاراً ومصدراً لثراء أصحاب المطابع ودور النشر.

انتقلت الجماعة من داخل أسوار الجامعة إلى حيث رحاب أوسع فى الميادين الكبيرة تقيم صلوات العيد يلتحفها معهم ملايين المصلين فى كل المحافظات, ما أذن بتحولات مهمة فى الشارع السياسى المصرى, فبعد معركة سهلة لم تطل كثيراً اجتاحت خلالها الجماعة الإسلامية قيادة الطلاب داخل الجامعات وأفل التيار اليسارى بأجنحته المختلفة, خرجت إلى الشارع السياسى تشتبك مع القوى السياسية المناوئة, تتواصل مع هموم الناس وحاجاتهم, كانت الجموع لم تزل تذكر محنة الإخوان المسلمين ومن ثم غير قادرة على قبول أى شعار للإخوان فى تلك الفترة, وأصبح لقب «الجماعة الاسلامية» مقبولاً من الجماهير تحن معه للإسلام الذى غاب عن مصر طويلاً.

مارست الجماعة الإسلامية العمل السياسى بأطر فضفاضة دون قوالب أو فلسفات أيديولوجية, كان خطباؤها يدغدغون عواطف الناس فى المساجد التى سيطروا عليها سواء فى الجامعة أو خارجها, أصبحت مساجدهم قبلة المصلين تؤمهم بالآلاف, وأصبحت أيضاً مراكز طبية ومؤسسات اجتماعية تقدم الخدمة للناس للفقراء دون أن يكون مقابلها «الصوت الانتخابى».

كان خطاب «الجماعة» سياسياً ومجتمعياً يمارس الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, لكنهم وقفوا فى مسافة تبعدهم عن سلوك سبيل العمل البرلمانى وخوض الانتخابات ودخول البرلمان, بل اعتبروا سلوك ذلك السبيل محاداة لله ولرسوله.

تخلى الإخوان عن شعار «الجماعة الإسلامية» الذى أصبح خالصاً لأصحابه وترأسها الدكتور عمر عبدالرحمن.

أصدرت الجماعة الإسلامية فى 27 فبراير 1984 من داخل سجن طره ميثاقها الذى يحكم ضوابط العمل الإسلامى حسب مفهومها قالت فيه «وحق التشريع غير ممنوح لاحد، لا للخليفة، ولا لأهل مشورته، ولا للبرلمان، ولا لحزب، ولا لمجموع الأمة، بل هو خالص لله تعالى». كما أصدرت بحثها الشهير «حتمية المواجهة» عام 87 أكدوا خلاله سلوكهم ذات السبيل حسبما ورد به طريقنا: الدعوة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد فى سبيل الله من خلال جماعة منضبطة بالشرع الحنيف تأبى المداهنة والركون، وتستوعب ما سبقها من تجارب».

كانت للجماعة إسهامات فى الحياة السياسية فى مصر, لها إصداراتها التى تصدرها تباعا, غير أن موقفها من الانتخابات البرلمانية ورفضها دخول مجلس الشعب بل إعلان الحرب عليه كان عبر الكتاب الشهير «لا إله مع الله.. إعلان الحرب على مجلس الشعب».

كنت ممن يراهنون على قوة وتماسك بنية الجماعة ضد الانشقاقات, غير أن متغيرات جديدة تكشف عن تحد يضع الجماعة على المحك, فالإفراج عن عبود وطارق الزمر بما يمثلانه من ثقل ورمزية باعتبارهما عضوين فى مجلس شورى الجماعة يضخ فى خانة التحرر من ربقة العلاقة القبلية لرحاب أوسع من تقدير التاريخ والعطاء بما يحفظ هيبة «الكبار» ويضمن أيضاً استمرار العطاء وتجديد الدماء، فهل تصمد الجماعة أمام رياح التصدع والانشقاقات وتتواءم مع حتمية التغيير الآمن؟.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة