تصاعدت الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية – الإخوان المسلمين - والأخرى الشبابية التى ظهرت عقب ثورة 25 يناير، حول الموقف من التعديلات الدستورية، والاستفتاء عليها، المقرر إجراؤه يوم السبت المقبل 19 مارس، إلا أن كثيرين يغفلون المادة (189) مكرر، التى تنص على أن: (يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخابهم، وذلك كله وفقاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189 (.
وتعنى هذه المادة أنه عقب الاستفتاء على هذه التعديلات الدستورية بالموافقة سوف يتم إجراء انتخابات رئاسية ثم برلمانية، وبعدها بستة أشهر – أى فى غضون عام تقريباً من الآن – سوف يجتمع هؤلاء النواب المنتخبون من الشعب ( باستثناء الثلث الذى يعينه الرئيس فى مجلس الشورى) لوضع دستور جديد بالكامل لمصر.
وأرى أن قبول هذه التعديلات الجزئية الحالية شىء جيد وضرورى مؤقتاً– وإن كانت لا تشفى غليلنا ولا تشبعنا - إلا أن التأخير فى التعديلات الدستورية أو الانتظار من أجل إعداد دستور جديد هو الانتحار بعينه! لأن الأوضاع فى مصر الآن لا تتحمل الكثير من الخسائر فى الاقتصاد القومى والبورصة والإنتاج، وانتشار السرقات للآثار وغيرها، وانعدام الأمن والرقابة، وانتشار الفوضى فى مناطق عديدة، ومصر من نواحى عديدة، محاطة بمخاطر جمة مثل اشتعال الفتنة الطائفية فى الداخل والمطالب الفئوية المستمرة دون توقف، وتهديدات من الخارج من الجنوب ومشكلة المياه، وحوض النيل ومحاولة دخول سيارات مدججة بالأسلحة لإشاعة الفوضى فى مصر من ناحية الجنوب، بعد تقسيم السودان، وفى الجزء الغربى نجد الاضطرابات والقلاقل فى ليبيا، والعائدين منها إلى مصر هروباً من جحيم القذافى، ويبحثون عن مسكن وعمل واستقرار، بجانب البطالة الموجودة أصلاً بالبلاد والناجمة عن توقف المصانع والشركات.
وفى الشمال الشرقى هناك تهديد من عدونا الإسرائيلى، لذا فإن إطالة الفترة الانتقالية تعطى الفرصة لأنصار الثورة المضادة والمظاهرات الفئوية ودعاة الفتنة الطائفية والحزب الحاكم سابقاً وأذنابه فى كل مكان، وكذا القوى الخارجية لإشعال مزيد من الأزمات والكوارث، بل إن الرافضين للتعديلات الدستورية المؤقتة يركنون فى رفضهم لنفس مخاوف الطرف الآخر المؤيد لهذه التعديلات من زاوية التخوف من عودة أنصار النظام السابق من الفاسدين.
وبالمقابل أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تأييد التعديلات، ودعا المفكر الإسلامى الدكتور محمد سليم العوا المواطنين إلى المشاركة فى الاستفتاء والتصويت بالموافقة، كما أيدها حزب العمل والقوى الإسلامية المختلفة مثل الوسط، الجماعة الإسلامية، عبود الزمر، وقال الدكتور محمد سليم العوا "الذى يحب مصر عليه أن يصوت بالإيجاب لتعديل الدستور"، مؤكداً أنه لا يمكن أن يتم وضع دستور جديد فى المدة المتبقية من الفترة الانتقالية التى لا تتجاوز ٤ أشهر ونصف الشهر.
وأظن – وليس كل الظن أثم - أن تصويت أغلبية المصريين بالرفض على التعديلات الدستورية سوف يزيد الأزمة ضبابية، ويطيل أمد الفترة الانتقالية وتواجد الجيش فى السلطة، وما يتبع عدم الوضوح فى الدولة من حالة من عدم الاستقرار والمظاهرات المتنوعة وتعطيل الإنتاج وتدهور الاقتصاد، هنا يؤكد المستشار محمد أحمد عطية، رئيس اللجنة القضائية العليا المشرفة على الاستفتاء، أنه «فى حال التصويت على التعديلات بـ"لا" سنكون حينئذ أمام فراغ تشريعى، ويصبح القرار للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
فالتعديلات الجديدة المؤقتة ستسد الفراغ الدستورى لحين الاتفاق على دستور جديد، وتسرع تسليم المجلس العسكرى للسلطة، كما تسرع من رفع حالة الطوارئ، وتحد من اللجوء إليها مستقبلاً، وتعطى القضاء الحق فى إدارة الانتخابات والإشراف عليها، وتحمى إرادة الشعب من التزوير، وتتيح إجراء انتخابات واستفتاءات حرة ونزيهة.
كما أنها تلزم البرلمان والرئيس القادمين بانتخاب هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد فى غضون ستة أشهر فقط، والأهم أنها تخفف شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، وتحدد مدة الرئاسة، وتلغى قاعدة أن مجلس الشعب هو سيد قراره، وتؤكد احترام رأى القضاء، وتلغى المادة 179 من الدستور الخاصة بالإرهاب، وتلزم الرئيس المقبل بتعيين نائب له أو أكثر خلال 60 يوماً، لذا فنحن لا نريد العودة إلى الوراء، ولابد أن نحافظ على الثورة ومكتسباتها ولا تأخذنا العزة بالإثم ونتوحد معاً من أجل وطننا الغالى الذى هو أغلى الأوطان!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة