حافظ أبو سعدة

«الــدستور» بين التعديل والتنفيذ

الخميس، 17 مارس 2011 04:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يعد الدستور المصرى الحالى صالحاً لأن ينظم الحياة السياسية أو حتى يضمن الحقوق والحريات، ولا أن يضع القواعد لتنظيم السلطات فى دولة حديثة، دولة مؤسسات وذلك أنه أولاً وضع فى ظروف استثنائية عام 1971 وكانت الدولة المصرية مازالت تقوم على التنظيم السياسى الواحد، وصلاحيات مطلقة لرئيس الدولة، والنظام الاقتصادى قائما على أساس الاقتصاد الاشتراكى، وكانت الدولة فى حالة حرب، كل هذه الظروف أخرجت لنا دستورا يمكن القول إنه دستور رئيس الجمهورية بصلاحيات مطلقة مع تهميش كل السلطات الأخرى، مثل البرلمان والسلطات القضائية وغيرها.

وهنا نسوق مثالين على ذلك الأول هو جمع الرئيس بين منصبى رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية فى المادة 137 من الدستور، رغم ذلك لا يمكن مساءلة الرئيس بصفته رئيس الحكومة أمام البرلمان رغم أنه هو الرئيس الفعلى للحكومة وعليه مسؤولية أداء الحكومة، وبالتالى كان يجب أن يحاسب ويساءل أمام البرلمان وربما هو السبب فى الفساد الذى حدث، ومنها تفويض رئيس الجمهورية فى صفقات السلاح وإبرامها، ولم تعرض ولو مرة واحدة على الأمة فى مجلسها ولا حتى على لجنة ضيقة تسمى لجنة الأمن القومى أى عقود أبرمت فى هذا الشأن.

المثال الثانى هو الحقوق والحريات التى يتضمنها الدستور، ورغم أن هذه الحقوق أساسية لا يجوز التصرف فيها أو تقييدها إلا فى حدود ضيقة وفى إطار ما يتعارف عليه فى النظم الديمقراطية، إلا أن النص فى الدستور كان فضفاضاً إلى الحد الذى أحال فيه ممارسة الحقوق إلى القانون الذى ينظمها فيأتى القانون ويصادر هذه الحقوق، مثل الحق فى إنشاء النقابات وحرية الرأى والتعبير أو حق إنشاء الجمعيات أو حرية الاعتقاد، كلها حقوق أحالها الدستور إلى القانون لتنظيمها وتنظيم الممارسة إلا أن القانون قيدها، بل فى أحيان كثيرة صادرها.

الأخطر هو الحظر الدستورى على الوزراء أو أعضاء مجلس الشعب، أثناء مدة العضوية، أن يشترى أى منهم أو يستأجر شيئاً من أموال الدولة أو يؤجرها أو يبيعها شيئاً من أمواله، أو أن يبرم مع الدولة عقداً بوصفه ملتزماً أو مورداً أو مقاولاً وهو الحظر الوارد فى المادتين 95 لأعضاء مجلس الشعب والمادة 158 للوزراء.. فهل تم الالتزام بهذه النصوص الدستورية أم أن الوزراء فى الحقيقة قاموا بعمل كل البنود المحظورة، اشتروا من الدولة وباعوا لها ووردوا لها وأبرموا عقود مقاولات معها (جرانة المغربى - المنصور) على سبيل المثال لا الحصر.

وعن أعضاء مجلس الشعب حدث ولا حرج.. فى الحقيقة الدستور أصبح نصاً مهلهلاً ولا يصلح معه الترميم أو الإضافة، فالدساتير هى كالبناء تتساند أركانه ودرجاته وتتكامل نصوصه وأن تكون الصياغة منضبطة محكمة لا تقبل التأويل أو التحايل. فضلاً عن تضمنه لائحة الحقوق وفى باب بأكمله بشأن حقوق الإنسان مع النص على عدم جواز الانتقاص أو التعدى على هذه الحقوق، فضلاً عن الفصل الحقيقى بين السلطات وتبنى نظام برلمانى يجعل رئيس الحكومة مسؤولا أمام البرلمان حتى لا نجد أنفسنا مرة ثانية فى حاجة إلى ثورة ضد الفساد، فتغيير الدستور هو الطريق وليس التعديل. > >









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة