اتصل على أحد الأصدقاء مؤكداً لى أنه عثر على ملفى بأمن الدولة، وعندما سألته عن أهم ما شد انتباهه فى هذا الملف، انتابته نوبة ضحك هستيرية، وقال لى أود أن تطلع عليه بنفسك، وبالطبع بفضول الصحفى انطلقت للحصول على هذا الملف، الذى تصورت أنه سيكون به تفاصيل حياتى التى دونها جهابذة هذا الجهاز الفاسد.
ولكن عندما بدأت تصفح هذا الملف، وجدت أول خطوطه العريضة وضع تليفونى المحمول والمنزل تحت المراقبة، وبالطبع تم تسجيل كل مكالمة شاردة أو واردة، وتحويل هذه المكالمات إلى "تيكست وورد"، ووجدت مدوناً بهذه الأوراق مكالمات أولادى بأصدقائهم، ووصفات الوجبات التى كانت تتبادلها زوجتى مع صديقاتها، ولكن كانت المفاجأة لى أن هؤلاء الجهابذة أفردوا أوراقاً عديدة لمكالماتى مع زوجتى، وفى كل مكالمة حرص أولاد الشياطين على كتابة عبارة "المذكور حرص على مغازلة زوجته أثناء المكالمة"!، ووضع علامات استفهام حول كيف لشخص ينتمى لفصيل إسلامى أن يغازل زوجته عبر المكالمات.
وكأنى ارتكبت جرماً تنكره قلوبهم القاسية التى حرمت من الرحمة والتراحم، وكيف لهؤلاء أن يقدروا مثل هذه المشاعر، فعقولهم لم تخطط إلا لتعذيب الأبدان، وقلوبهم لم تعرف إلا الكراهية لكل من يعارض النظام، ونفوسهم المريضة لم تعتد إلا على احتقار المشاعر، وإلا كانوا استجابوا لصرخات الاستغاثة من المعذبين أناء الليل وأطراف النهار.
بالطبع وجدت أنهم لم يفتهم رصد تحركاتى، خاصة المرتبطة بلقاءات بعض رموز الإخوان الإعلامية، وتصنيفى معادياً جدا لجهاز أمن الدولة، كما وجدت تنبيهاتهم المستمرة على التضييق على عملى بالصحف، وتسجيلات كاملة لبعض لقاءات أو مداخلات بالفضائيات، خاصة التى كنت أتبنى فيها مواقف مؤيدة للإخوان، خاصة فى مناظرتى مع أحد رموز الناصريين على قناة الفراعين، وتعليقى على الزميل سعيد شعيب فى إحدى حلقات برنامج "مانشيت" على قناة "أون تى فى"، ووصفوها بأنها تستحق تعنيفى.
كما كانت من المفاجأة أنهم قاموا بتسجيل حرفى للقاء خاص بى مع مجموعة من شباب الإخوان حول كيفية التعامل مع أمن الدولة، ولم يخلُ الملف من أرشيفى الصحفى ومقالاتى المرفوضة بالكلية منهم.
فهل نأمن على الوطن بين يد هذه النوعيات من البشر إذا استمر هذا الجهاز، إنه ورم خبيث لابد من استئصاله، وفساد مستشرٍ لابد من إبادته، لا هيكلته أو إعادة صياغة عمله، ولنا فى تونس المثل والقدوة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة