الشهيد جرجس صابر، وردة روت بدمائها الطاهرة بستان ثورة 25 يناير، ورغم صغر سنه حيث تبلغ 18 عاماً فقط، فقد كان يقظا لما يجرى حوله من فساد أطاح بالشعب المصرى الذى كاد أن ينهار لولا تلك الصحوة التى أيقظت الجميع من السبات العميق.
تقول مريم لطفى والدة الشهيد: «هو حد يطول يبقى شهيد» لم أدرك أن تلك الكلمات التى قالها جرجس يوم رأنى أبكى على الشباب الذين ماتوا يوم 25 يناير أول أيام الثورة، حين وصيته بألا يخرج إلى ميدان التحرير خوفا من أن يصيبه سوء، وظل مع أصدقائه بمنطقة الزاوية الحمراء يحمل المصابين إلى المستشفيات طلباً للعلاج، عندما تم إحراق القسم وأطلق الضباط على الأهالى الرصاص الحى، ذهب يحمل جريحاً إلى مستشفى سيد جلال القريب وقرأ عيون الأطباء والممرضين وهم يشكرونه وأصدقاءه على تحمل هذه المسؤولية، وتوفير العلاج للمصابين، وفى يوم جمعة الغضب استيقظ جرجس من نومه فى ساعة متأخرة، ولكنه سريعا ما انضم إلى رفقائه للتصدى لضباط القسم، وما هى إلا دقائق وقد استقرت رصاصة فى خلفية رأسه، وما لبثت أن خرجت من الأمام، مسببة نزيفاً وتهتكاً فى المخ، وشروخاً بالجمجمة، ولم تمهله الإصابة تلقى أى علاج حيث توفى على الفور، وتسترجع الأم شريط الذكريات مع ابنها الشهيد، حيث تذكر أنه فى الأيام الأخيرة كان يقوم جرجس بعمل بعض التصرفات الغريبة، فقد كان يقوم بالرقص مبتهجا مع شقيقتيه اللتين تكبرانه، وأخيه فادى الذى يصغره بعشر سنوات، وكان يطلب أن يتنافس مع والده فى لعبة الرست ويرى من يكون أقوى، كما أنه كان يطلب أن ينام فى حضن والدته وهى ترد عليه قائلة كيف يحدث ذلك وأنت طولى وتبتسم ضاحكة.
ويقص الأب محنته مع استشهاد ابنه الذى كان ينتظر حصوله على دبلوم التجارة هذا العام، ليقوم بمساعدته فى محل بيع الأسماك الذى يمتلكه ويكون عوناً له فى توفير المصاريف للأسرة، كما أنه يدربه على الاعتماد على النفس فى تكوين مبلغ من المال يساعده فى الزواج من الفتاة التى يحبها، وكان يرغب فى الارتباط بها قريباً، ولكن فى الأيام القليلة التى سبقت الثورة قال جرجس لوالده «أنا سايبلك ثروة»، ويفسر الأب هذه الكلمات بعد وفاة ابنه بأن تلك الثروة هى حب الناس له الذين علقوا صورته على حوائط المنطقة، وارتدوا عليه ثياب الحداد، وكأنه ولدهم، وفى هذا جمعت الأحزان بين المسلمين والمسيحيين، مشاعرهم واحدة، وقد اجتمعوا على مطلب واحد هو ضرورة القصاص العادل من ضباط قسم الزاوية الحمراء الذين قتلوا 72 شاباً من خيرة شباب المنطقة كلهم فى عمر الزهور، وظلوا يطلقون الرصاص على أهالى الحى بقسوة ليس لها نظير، بينما من سلم نفسه من الضباط للأهالى وقدم الاعتذار لهم فقد قابلوه بالسماح والعفو.
ويتمنى والد جرجس أن يطلق اسم ابنه الشهيد على شارعهم، كما وعد المسؤولون بذلك، وكذلك سرعة صرف المعاش لأسر الشهداء، وإن كان المال لا يعوض ما فقدوه.
أم الشهيد جرجس صابر: ابنى قال: «هو حد يطول يبقى شهيد؟!»
الخميس، 10 مارس 2011 10:08 م
الشهيد جرجس صابر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة