د. رضا عبد السلام

أين محمود محيى الدين من سيف العدالة؟

الأحد، 27 فبراير 2011 07:51 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الآن.. وبعد أن انفض المولد، وقامة قيامة النظام الفاسد، من حقنا أن نفتش ونتقصى ونسأل عن كل من ساهم فى جريمة نهب وسلب الحبيبة مصر، هل نسينا أنه لو كانت الأمور قد سارت فى مسارها الذى رسمه قيادات الحزب البائد لما وجد شباب الثورة مكاناً ليتجمعوا فيه؟ هل نسينا الرجل الهمام، وفيلسوف الحزب البائد، الذى لم يترك شيئا فى مصر إلا وفكر فى إهدائه للأجانب أو العرب أو المتمصرين؟ هل نسينا الدكتور محمود محيى الدين؟ هل نسينا فكرته الجهنمية التى كانت ترمى إلى طرح ميدان التحرير فى مزاد للبيع لكل من هب ودب؟ هل نسينا برنامج الخصخصة المغوار؟ هل ادخر هذا الجهبذ جهداً فى التخلص من الشركات والمصانع والمؤسسات العامة؟ بل هل نسينا فكرته الخاصة بتحويل أرض مصر إلى صكوك للمصريين؟.

أين هذا المغوار من سيف العدالة؟ إن أكثر ما يسعدنى كمصرى يعشق هذا البلد، هو أن الأيام والأحداث أكدت صدق حدثى كباحث مجتهد، ففى خلال الأشهر القليلة الماضية، كنت أتحدث إلى طلابى، وبجرأتى المعتادة، عما وصل إليه حال بلادنا، تحدثت فى بعض المحاضرات عن فيلسوف ومنظر مشروع بيع مصر، لدرجة أن البعض كان قد تصور أن بينى وبين هذا الجهبذ عداء شخصى، إنه عداء الباحث والمحلل، وهو يرى بلاده تنهب وتُسلب بأسلوب منظم.

فهذا المغوار، كان يتصرف تصرف التاجر المفلس، الذى يحاول تغطية أسباب فشله بالمزيد من الفشل، بدلاً من إصلاح شأنه، فقد قدم لنا هذا الفيلسوف أسوأ المثل فى إدارة اقتصاد دولة بحجم مصر، من خلال برنامجه البالى المسمى "بالخصخصة"، فلا يوجد عاقل يمكنه أن ينكر الفشل الذريع لهذا البرنامج، الذى بادر بوضع الحصان أمام العربة، فقد باعت الدولة على يد السيد الوزير مئات الشركات، كيف بيعت؟ وبكم بيعت؟ ولمن بيعت؟ وأين عائدات البيع؟ وماذا فعل المشترون بالشركات المباعة وبالعاملين بها؟ وماذا جنت مصر من العملية برمتها؟ أتحدى أن أتلقى إجابة تشفى صدور قومٍ مؤمنين.

لم يكتف السيد الوزير وزملاؤه من الوزراء "المساجين حالياً"، ببيع شركات القطاع العام، بل سارع بعرض أرض مصر بالمتر للبيع على كل من هب ودب، فوضع أرض مصر فى مزاد عالمي، حتى بات لكل أجنبى قطعة من أرض مصر، فاشتعلت أسعار أرض مصر (قياساً بدخول المصريين)، حتى أصبح من العسير على المواطن المصرى العادى (ولا أقول الفقير) الحصول على مسكن، فالأجنبى أو الخليجى قادر على شراء الأرض بأى سعر (فقدرته الشرائية عالية)، ولما لا بعد أن وضعوا الفأر (المواطن المصري) مع الأسد (الخليجى وغير الخليجي) فى حلبة واحدة بداعى المنافسة، فأغلقوا الأبواب على أبناء أم الدنيا، فماذا علينا أن نتوقع غير المزيد من التدهور فى أوضاع المصريين اقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً..إلخ.

أتذكر أننى عندما كنت أعمل مستشاراً لإحدى المؤسسات الحكومية الخليجية، وخلال اجتماع لنا مع خبراء البنك الدولى، نظر لى أحدهم، وقال لى "لديكم وزير استثمار ناجح جداً".. رددت عليه (وبهدوء تام) بالقول "نعم هو زوير ناجح جداً.. ناجح جداً فى بيع مصر!!" فتعجب خبير البنك الدولى من كلامى، قلت له نعم.. هو بمقاييسكم ناجح، ولكن بمقاييسنا وبمقاييس ما يجرى على أرض مصر هو فاشل بامتياز، فالعبرة دائماً تكون بالنتائج، وكما يقول أهل كرة القدم "الكورة جوان" فأى أهداف سجلتها هذه الحكومة أضافت إلى رصيد شعب مصر؟!

ولهذا لم يكن غريباً بالنسبة لى كباحث ومحلل أن أرى البنك الدولى يكافئ السيد محمود محيى الدين، فنحن نعلم جيداً رسالة البنك الدولى وعلى رأسها تشجيع القطاع الخاص والتخلص من القطاع العام، وقد نجح الوزير المغوار فى إرضاء هذه المؤسسة ولهذا، عندما تم اختياره بالبنك الدولى تذكرت على الفور حديثى مع خبراء البنك الدولى، لقد ذكرت ذلك لطلابى خلال المحاضرات أى قبل الثورة بأشهر قليلة، نعم تمت مكافئته، ولكن ماذا عن مصر؟ وماذا جنت مصر؟

أعتقد، وبمسئولية تامة أمام الله، أن هذا الرجل لابد وأن يحاسب بجريمة إهدار المال العام وتقديم أم الدنيا للبيع وبأى ثمن، نعم لا أتصوره خارج قفص الاتهام، لأن هناك إجماع بأن مشروع الخصخصة الذى شارك فى مرحلة مهمة من مراحله كان فاشلاً وبامتياز، فهل تتحرك يد العدالة لضمه إلى قائمة المتهمين بنهب وإهدار ثروة مصر؟ هذا ما ستجيبنا عليه الأيام القادمة.

* وكيل كلية الحقوق – جامعة المنصورة
ومستشار اقتصادى – منظمة الأمم المتحدة









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة