◄◄ كيف عاش أيامه قبل التنحى وبعدها؟ ولماذا تم منع سيارته من دخول المجلس؟ وما هى حكاية الـ200 مستشار؟
لم يكن الدكتور فتحى سرور يتصور إن عم محمد وهو يسحب له الكرسى كى يجلس على منصة مجلس الشعب فى جلسة 6 فبراير أنها ستكون الجلسة الأخيرة له كرئيس لمجلس الشعب بعد عشرين عاما متواصلة قضاها على تلك المنصة، تغيرت الوجوه من معارضة وأغلبية ومستقلين وظل سرور ممسكا برئاسة مجلس الشعب بيد من حديد، لم يستطع أحد أن ينازعه فيها بين صفوف الأغلبية، حتى أنه عندما حاول الدكتور مفيد شهاب التطلع إليها فى الفصل التشريعى السابق، ورشحته بعض المصادر والمراقبين شد عليه سرور خلال الجلسات فى كثير من المواقف التى كان فيها شهاب يدافع عن الحكومة، ليظهره وكأنه لا يليق بكرسى البرلمان مستندا إلى تمكنه فى القانون ووجوده على المنصة فظهر وكأنه يعطيه درسا فى عدم الحلم بهذا المنصب من قريب أو بعيد.
هل كان يدور فى ذهن سرور أنها ستكون المرة الأخيرة التى سيدخل فيها إلى قاعة مجلس الشعب سواء نائبا أو رئيسا؟
والأسئلة المطروحة الآن، أين الدكتور سرور الآن؟ وكيف عاش الأيام الأخيرة قبل قرار تنحى الرئيس؟ وماذا فعل بعد التنحى وحل المجلس؟
هذه الأسئلة كثيرون يريدون معرفة إجاباتها خصوصا أن جميع الاحتمالات المطروحة أمام الدكتور سرور أو أى من قيادات المجلس لم يكن بينها احتمال أن يتنحى الرئيس أو حل المجلس، وهذا ما أكده خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الشعب بعد أن عقد اجتماعا للجنة العامة للمجلس التى تضم جميع رؤساء اللجان البرلمانية وممثلى الهيئات البرلمانية للأغلبية والمعارضة ووكيلى المجلس، وأصدرت بيانا قرأه سرور خلال الجلسة العامة التى يمكن أن نطلق عليها جلسة الوداع، وقال إنه انطلاقا من سيادة القانون بوصفه أساس الحكم فى الدولة، وحرصا على هيبة المجلس والثقة فيه، يتعين الإسراع بتصحيح عضوية أعضائه بنتائج التحقيقات التى تجريها . ويتطلب ذلك أن يعلق المجلس جلساته طبقا للمادة 259/2 من اللائحة الداخلية للمجلس حتى يفصل فى هذه الطعون، مما يتطلب دعوة المجلس إلى الموافقة على تأجيل جلساته ليوم غير معين ما لم تطرأ أمور مهمة وعاجلة تدعو للانعقاد.
وبعد هذه الجلسة تسارع النواب إلى مقر اللجنة التشريعية ليعرف كل واحد موقفه من الإعراب وعدد الطعون المقدمة ضده، وبعد أن صور كل نائب الطعون لجأ إلى الدكتور سرور ليستفسر منه عن خارطة الطريق فى الفترة القادمة بالنسبة للطعون، لدرجة أن نوابا لم يكونوا منتظمين فى الحضور للمجلس شاهدتهم متواجدين فى غير أيام الجلسات لكى يسألوا الدكتور سرور عن مصيرهم وفتواه فى الطعون المقدمة ضدهم، لذلك كان مكتب رئيس المجلس مكتظا بالنواب خلال هذه الأيام وطمأنهم سرور بأن الطعون لن تنفذ كلها وأنها ستكون انتقائية، وسوف تكون الأولوية لتقارير محكمة النقض الخاصة بالجنسية والصفة والتجنيد، ثم أحكام القضاء الإدارى النهائية ببطلان الانتخابات، وعندما التقى مبارك برئيس مجلس الشعب والمستشار سرى صيام رئيس محكمة النقض انهالت الاتصالات من النواب على سرور كى يعرفوا منه ماذا حدث فى هذا اللقاء وما الذى تم الاتفاق عليه، إلا أن سرور لم يأت إلى المجلس وخيب ظنهم فاتفقوا معه على أن يقابلوه اليوم التالى فى مكتبه، وبالفعل حضر سرور والنواب ولكن حدث ما لم يكن فى الحسبان حيث تظاهر ما يقرب من ثلاثين ألف متظاهر أمام مجلسى الشعب والوزراء وأغلقوا باب مجلس الشعب وعلقوا يافطة مكتوبا عليها «مغلق لحين إسقاط النظام» ورددوا هتافات «مجلس الشعب باطل سرور باطل»، وهو ما اضطر القوات المسلحة لأن تدخل المجلس وتخلى جميع الموظفين ليخرجوا من الباب الخلفى ويخرج معهم النواب مهرولين هم أيضا.
أما الدكتور فتحى سرور فتم إخراجه بشكل متخف من باب مجلس الشورى دون أن يلاحظه المتظاهرون وكان هذا اليوم الأخير لسرور فى مجلس الشعب حيث لم تطأ قدمه المجلس منذ هذا اليوم بسبب حصار المتظاهرين للمجلس الذى بدأ يوم الثلاثاء الثامن من يناير واستمر حتى تنحى الرئيس وفوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأصبح الأمر شبه مؤكد أن المجلس سيتم حله، وجلس سرور فى منزله بجاردن سيتى منتظرا أن يكلمه أحد ليأخذ رأيه فيما يجرى وكيفية تسيير الأمور، ولكن لم يرن تليفونه، وعندما كان يتصل به النواب ليسألوه عن رؤيته كان يقول ليس لديه علم بأى شىء، وعندما صدر قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلسى الشعب والشورى كانت المفاجأة لسرور عندما علم أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة استدعى كلا من المستشار أحمد سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا والمستشار ممدوح مرعى وزير العدل للتشاور والتباحث فى الخطوات الدستورية التى يجب عملها الفترة المقبلة، وهنا طبقا لما قاله سرور لبعض المقربين أنه يشعر بأنه تم استبعاده، وبالفعل صدر تشكيل اللجنة التى ستقر التعديلات الدستورية دون أن يؤخذ رأيه، وهو ما جعله يسأل كما قيل لنا إيه اللى أنا عملته للبلد علشان يتم استبعادى بهذا الشكل أنا راض عن حياتى الحافلة التى أمضيتها أستاذا بالجامعة فنائبا فوزيرا للتربية والتعليم فرئيسا للبرلمان، أنا خدمت البلد وقضيت عمرى كله متمسكا بالدستور والقانون ولم أخالفه بل دافعت عنه فى كثير من المواقف ووقفت ضد البعض عندما حاولوا مخالفته.
وقال سرور لأحد المصادر أنا حذرت أحمد عز من نتيجة انتخابات مجلس الشعب وقلت له «اللى يأكل لوحده يزور تعليقا على استبعاد المعارضة من التمثيل فى البرلمان».
وقال أيضا وقفت أمام جمال مبارك أثناء تعديل المادة 189 من الدستور الخاصة بإعطاء رئيس الجمهورية سلطات أوسع فى إحالة القضايا إلى محاكم أمن الدولة العليا وقلت وقتها للرئيس مبارك أنا مش مبسوط من هذا التعديل.
وكانت صدمة سرور الكبيرة عندما أرسل سيارته لتحضر بعض أغراضه من مكتبه وتم منعها من دخول المجلس، وذلك على خلفية واقعة قيام بعض الموظفين بمكتب رئيس المجلس بتقطيع أوراق قال البعض أنها مستندات وقال الآخر أنها تخص طلبات أهالى دائرة السيدة زينب، وعندما أبلغ بعض الموظفين القوات المسلحة بالأمر دخلت على الفور وتحفظت على الأوراق والمستندات وأخلت المجلس من الموظفين ومن يومها أصبح حضور الموظفين طبقا لجدول بحيث لا يتعدى يوما أو يومين لكل مجموعة.
أما الدكتور سرور وطبقا لما توفر من معلومات فهو ما زال فى فيلته بجاردن سيتى وبعد أن استشار الكثيرين قرر اعتزال الحياة السياسية فلن يخوض الانتخابات البرلمانية القادمة كمرشح عن دائرة السيدة زينب وهو الآن يعكف على تأليف كتاب تاريخى ويفكر فى أن يعود للتدريس بالجامعة كأستاذ للقانون.