فى غمرة التجمع الرائع للثوار وشعبهم المناضل وأهازيج الفرح والهتافات الحماسية وأناشيد حب الوطن الملتهبة حبا وحماسا فى فسحة المكان المميز ميدان التحرير، وقف أطفالنا فرحين مهللين مع كل هتاف مرددين مع كل نشيد وطنى مقبلين على أى شىء يطلب منهم، سواء بالهتافات أو بالأهازيج أو بالرسم والألوان, وبالفعل كانت هناك لمحة جد ممتازة لشباب الثورة وهم يشجعونهم بعد صلاة الجمعة الاحتفالية، وقد فرشوا لهم قماشاً أبيض، وقاموا بتوزيع فرش الرسم والألوان ليعبروا عن مكنون فرحتهم بهذه الأيام، ويعبروا عن مصر القادمة فى نظرهم كيف تكون؟؟ وعلى أى صورة؟؟ وانطلق الأطفال بعدها فى فرح يعبرون كل بخياله لا ننس أطفالنا وحماستهم الجميلة ووقفتهم مع أخواتهم وجيرانهم فى حماية البيوت والشوارع والأحياء ممسكون بالعصى، وكأنها بمثابة البندقية الحقيقية فى ساعات من الحب الوطنى الرائع وقمة الإحساس بالمسئولية الذى لامسوه وعايشوه وشاهدوه دون أن يوجههم أحد من الوالدين، أو من الأسرة، اللهم تنبيه واحد فقط: "يا بنى لا تبتعد كثيرا كن قريبا من الأصدقاء من أخوتك مثلا, وللأسف أصيب بعضهم ظلما بل واستشهد بعض منهم أيضا".
وهناك من قبع فى البيت كالبنات الصغيرات والأطفال دون السابعة، واكتفى بمشاهدة ما يجرى عبر الشاشات, وكان لبعضهم أن يسأل وحق له السؤال ماذا يحدث يا بابا؟ يعنى ايه يا ماما مش هانمشى انت تمشى؟؟ هم ليه عاوزين يمشوا حسنى مبارك؟ وقد كان قبل أيام قليلة يشاهد صورته فى لوحة كبيرة فى ركن مثالى من المدرسة, أو بجانب علم بلاده, لا ينسى أنه كان يردد نشيد بلادى بلادى لك حبى وفؤادى، فى الوقت الذى تقع عينه على صورة الرئيس
بماذا حقا تجيبه؟ هل تقول له صراحة إن هذا الذى كنت تراه معظما وكان رمزا كان ظالما كان يوما كاذبا؟ لقد أجاب أحد الآباء متبسما فى حيرة لم تغب عنه فقال: لا أعلم، وآخر جلس صامتا يفكر بعض الشىء، وآخر وليس آخرا وأخيرا قال: اذكر له الحقيقة.
نعم لا تكذب على طفلك ولقنه الألفاظ كما تقال فلا تقلب المعنى أو تغير منه شيئا وتردد فى نفسك أن الطفل لا يفهمها، لا بل يفهم، والدليل أن شباب يناير أثبتوا أنهم أسرع ذكاء من أبائهم، وأخبره أن الإنسان منا ولد ليقدس الله ويعبده لأنه رب الخير كل الخير، وعلينا ألا نظلم أحدا من العباد, فالظلم شىء عظيم, قل له وأخبره: يا بنى الظلم أعظم الكذب.. قل دائما الحق ولو ظننت لحظة واحدة فقط أنك ستقتل!, نعم اذكر له القتل أو الموت ولا تقل لا أريد أن أزرع الخوف داخله!, ضع فى ذاكرته وفى نفسه وفى يقينه قيمة تربوية خالدة "لا تظلم يا بنى", وابحث دائما عن الصدق, ولا تنس نفسك حين تردد وتعلم هذا لطفلك أن تكون أنت أولا.
