الكثيرون يعرفون الشباب الذين سطروا صفحة جديدة فى تاريخ مصر، ويعرفون أن هؤلاء كتبوا بدمائهم حروفاً من نور سيرونها فى الجنة، ربما رأيت أن الحديث عن أى ملمح من ملامح ثورة شباب 25 يناير لابد أن يبدأ بالحديث عمن ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل أن يحيا هذا الشعب حياة كريمة لم يحيها المصريون عبر حياتهم التى عاشوها عبر حكام عانوا كثيراً معهم.
فقد رأيت فى هذا اليوم ما لن أنساه إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا، ففى يوم 28 يناير الماضى عقب صلاة الجمعة وبعد ختامها هب المصريون ليدفعوا عن وطنهم الذى كانوا يحيون فيه.. المكان أمام مسجد الفتح برمسيس، رأيت فى هذا اليوم الذى خرجت فيه لأشارك فى هذه الثورة كصحفى لتغطية الحدث، لم أستطع أن أظل صحفياً إلا لدقائق قليلة فقط وأخذت أطالب الأمن بألا يمنعنا من الوصول لميدان التحرير، رأيت شابا لن أنسى ملامحه طوال حياتى، لا أعرف اسمه أردت أن أحييه على ما قام به لكنى لم أره بعد الثورة وحتى الآن- وقف هذا الشاب أمام 500 جندى من جحافل الأمن المركزى، لم يقذف عليهم حجارة ولم يسبهم بل فعل أمراً واحدا ظل يكرره من عقب صلاة الجمعة حتى هرب الأمن المركزى وترك الطريق مفتوحاً أمامنا لنصل للتحرير.
هذا البطل الشاب وقف أمام القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى والغازات الخانقة التى أطلقتها جحافل الأمن المركزى على ثوار يناير، كلما بادر العسكر بقذف قنابلهم المسيلة على الثوار يجرى هذا الشاب عليهم ليصل إلى القنابل التى يطلقونها ويرميها عليهم مرة أخرى، تكرر الأمر كثيراً حتى اختنقت جحافل الأمن المركزى بأسلحتهم التى حرمتها كل المواثيق الإنسانية وحرمها الله وألا تطلق على البسطاء، استطاع هذا الشاب الذى ظهر عليه أنه لم يتجاوز العشرينات من عمره هزيمة فرقة بأكملها من الأمن المركزى الذى قتل إخوته المصريين، خنقهم بقنابلهم وأطلقها عليهم ليختنقوا ويفروا وليتركوا لنا وطننا بلا عسكر ظالم ولا حاكم جائر.
لا أتمنى سوى أن أقابل هذا الشاب الذى بحثت فى صور القتلى عن وجهه ولم أجده فحمدت الله وسألته أن أرى هذا الشاب لأقبله وأشكره، وتيقنت أن هذا سليل المصريين الأوفياء الذين حرروا أرض مصر من الغزاة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة