تغيير النظام يبدأ من محاكمة حلف الثروة والسلطة

الخميس، 10 فبراير 2011 09:34 م
تغيير النظام يبدأ من محاكمة حلف الثروة والسلطة أحمد المغربى و أحمد عز
أكرم القصاص - تصوير: عمر أنس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ تزوير الانتخابات جريمة لا تنفصل عن احتكار الحديد وتصفية الشركات ونهب الأراضى
◄◄ من المسؤول عن توزيع أراضى الدولة على عشرات وترك نصف الشعب فى المقابر والعشوائيات؟
◄◄ فساد عز تم بمعرفة «الوطنى» ومجلس الشعب المزيف.. وتصفية المراجل البخارية وصناعة النسيج كوارث كبرى

كان تغيير النظام وإسقاطه هو المطلب الأهم لثورة 25 يناير، وكان الفساد هو أحد أكبر محركى الثورة، وربما كانت الانتخابات الأخيرة هى القشة التى رفعت الشحن لأقصاه، لكن الفساد كان عنوانا للمرحلة والنظام كله.

حيث لايمكن فصل تزوير الانتخابات عن تصفية الشركات، ولايمكن إبعاد إهدار أراضى الدولة وتوزيعها على المحاسيب عن البطالة وحرمان ملايين المصريين من حقهم فى الحياة والمسكن والعلاج.

لقد تم الإعلان عن مكافحة الفساد ضمن إجراءات سريعة ومتعجلة، فهل يمكن أن تكون مقاومة الفساد كاملة دون التطرق لشبكة الفساد والمصالح التى كان تحالف الثروة والسلطة أهم أجنحتها؟، وهل يمكن محاكمة أحمد عز بعيدا عن البرلمان، وهل يمكن فتح ملف المغربى بعيدا عن عقد مدينتى، وهل يمكن إبعاد أراضى الدولة والتلاعب فيها وتوزيعها عن نقل ثلث الشعب إلى العشوائيات والمقابر؟.

هل يمكن أن يحاكم كل من أفسد الحياة السياسية والاقتصادية وحرم المصريين من حقهم فى العمل والعلاج والمسكن والحياة الآدمية، هل يمكن تصديق الحديث عن مكافحة الفساد دون فتح الملفات كلها على آخرها، وليس فقط التعامل بالقطعة أو تستيف ملفات وإغلاقها فى منتصف الطريق.

كان الفساد السياسى هو الأساس الذى قام عليه الفساد المالى ونهب أموال الشعب ونقل نصف المواطنين للعشوائيات والمقابر، كما كان انتشار الرشوة والفساد الصغير جزءا من ثقافة نشرها النظام وحافظ عليها ليجعل الكل مدانا ومتورطا، حتى هؤلاء المحرومين. 40 مليون فقير و20 مليونا تحت الخط، مقابل فئة كونت رأسمالها من تسقيع الأراضى والاتجار فيها دون أى عمل صناعى أو تجارى معلوم.

كانت تصفية الشركات العامة، أهم الخطوات التى تساوى فى أهميتها التعديلات الدستورية وقد كان حث ثوار 25 يناير صادقا عندما طالبوا بتغيير النظام لأن أى محاولة للبناء على ماهو قائم يعنى إعادة طلاء وجه النظام بألوان جديدة دون أن يصل هذا إلى العصب. وهنا تكون مطالب وأرواح الشهداء راحت هباء.

ملفات الفساد فى مصر تحتاج لأن يتفرغ لها عدد كبير بقيادة مسؤولين موثوق فيهم، ومن المؤكد أن كل هذه الملفات كانت موجودة لدى الأجهزة الرقابية منذ سنوات، وبعضها أثير فى المحاكم والبرلمان، وتم إغلاق الملفات بمعرفة البرلمان.

الفساد هنا اقتصادى وسياسى، هناك طغمة فاسدة تمتد باتساع البلد كلها، تتداخل فيها القوانين والقرارات بالمواقف والتحركات، ولا يكفى أن يتم فتح بعض الملفات وإثارة وضع غائم تتداخل فيه الملفات وتتوه فيه الحقيقة ونظل نتصور أن هناك مقاومة للفساد، بينما الأمر مجرد إغلاق للملفات على ما فيها، لقد تردد أن هناك قرارات بتجميد ثروات وأرصدة بعض الوزراء السابقين مثل أحمد المغربى وزهير جرانة، وتم وضع اسم رشيد محمد رشيد بين الوزراء المطلوب محاكمتهم، بينما كان رشيد حسب ظاهر الأمور وزيرا يعرف عمله ولم تظهر عليه علامات الخلط بين السلطة والمال ويبدو وضع اسمه محاولة لخلط الأوراق, ولايمكن الجزم باتهام أحد أو إدانته، لكن المطلوب هو فتح الملفات لآخرها وأن يحاكم المفسدون أمام القضاء الطبيعى حتى يمكن استعادة المليارات الهاربة والمهربة من أوروبا.

وقد رأينا مؤخرا إعلانات عن تجميد لأرصدة أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى ورئيس لجنة الخطة والموازنة والحديث عن محاكمته، لكن الأمر لايمكن أن يتوقف على هذا، فمحاكمة عز يجب أن تمتد إلى محاكمة تحالف الثروة والسلطة الذى نهب المال والسياسة وحرم المصريين من حقوقهم الطبيعية، حتى لاتظل مكافحة الفساد مجرد مسكن.

ملف عز طرف خيط يفترض أن يمتد لنهايته، هناك مجلس الشعب طوال الدورات الماضية والذى وافق على بيع وتصفية الشركات بتراب الفلوس فى عهد عاطف عبيد أو أحمد نظيف وكان البرلمان محللا لعمليات البيع والتصفية لشركات المراجل البخارية والحديد وكل الصناعات الكبرى، وبمزاعم الرأسمالية والاقتصاد الحر تم نهب الشركات وتصفيتها ونقل ملكياتها بأقل من واحد على عشرة من سعرها وهناك من حصل على سمسرة، وهناك عشرات المشاركين من الوزراء وقيادات الحزب الوطنى فى التصفية وتحويل مصانع وشركات الشعب إلى خرابات، ونهب الأموال وتهريبها للخارج، وكانت تلك مسؤوليات مشتركة للحكومة والبرلمان، وعلى سبيل المثال كانت شركة »المراجل البخارية« نموذجا للتخريب والنهب بمعرفة الحكومة ومجلس الشعب والحزب الوطنى، فقد تم هدم منشآت الشركة والاستيلاء على الأرض التى -تقدر بالمليارات- لإقامة منتجع سياحى بدلا من الشركة الوحيدة على مستوى الشرق الأوسط المتخصصة فى صناعة الغلايات البخارية وأوعية الضغط العالى الخاصة بمحطات الكهرباء وشركات البترول والصناعات الثقيلة والمحطات النووية، الشركة تم تأسيسها فى الستينيات.. على بعد 8 كم من ميدان المنيب فى الجيزة على طريق مصر الصعيد بمنطقة منيل شيحة على النيل على الجهة الأخرى من النيل قبالة حى المعادى, لم يرها النهابون أكثر من أراض تصلح لمنتجعات سياحية أو عمارات مع أن المراجل البخارية صناعة من الصناعات التى تعد ذات أهمية قصوى للأمن القومى وكانت عند إقامتها جزء من البرنامج النووى المصرى، ولا توجد شركة مماثلة لها سوى شركة واحدة داخل «إسرائيل»... علامة تعجب.

مع أن أراضى الشركة تم انتزاعها منفعة عامة لايجوز بيعها، فقد تم التلاعب فى القانون والدستور لبيعها وتصفيتها وباعها من يزعمون حرصهم على الدستور والشرعية مع أنهم هم من دمر شرعيتهم بالتلاعب والعدوان على الدستور والقانون. الجريمة لم تكن فقط بيع أراضى الشركة لكن أيضا تشريد «1189 مابين عامل وإدارى وفنى ومهندس »من الكفاءات النادرة» فى هذه الصناعة والاستراتيجية..

تم تخريب شركة المراجل البخارية منذ 1994 حيث تم الإعلان عن بيعها وباع المستثمرون الأراضى الفضاء التى تم تجريفها بأكثر من الثمن المدفوع فيها وكان هذا كله معروضا أمام مجلس الشعب الذى لم يحرك ساكنا، واعتبر من يدافع عن الشركة مدافعا عن الماضى ومعاديا للاقتصاد الحر، مع أن البيع تم بعلم الجميع ومع توافر المعلومات واستغاث عمال الشركة عشرات المرات دون أن يستمع إليهم أحد، فهل يمكن اعتبار كل هذا فسادا إداريا أو ماليا أم أنه فساد سياسى يسأل عنه وزراء ورؤساء برلمانات وأيضا الرئيس نفسه. والأمر نفسه تم مع شركات الحديد وصناعات النسيج. وعمر أفندى الذى تمت تصفيته على الهواء وبفساد واضح وتلاعب دون أن يقدم أيا من المسؤولين للمحاكمة بل إن بعض المتورطين مازالوا فى مواقعهم..

والأمر نفسه فعله وزير الزراعة السابق أمين أباظة فى محالج القطن والتى صفّاها وباعها وبعضها ذهب إلى شركاته هو شخصيا بلا أى رد فعل من البرلمان أو الحكومة، ولما ظهرت قضية تداخل السلطة فى جزيرة آمون أو غيرها تم الالتفاف، وتركز الجدل حول عقد مدينتى فى بطلان بيع الأرض، والتفت الحكومة على الحكم بمعرفة البرلمان ولم يتطرق أحد إلى الفساد السياسى وراء الصفقة وكيف تم توزيع الأراضى بآلاف الكيلومترات على عدد قليل من المسقعين وحرمان ملايين المصريين من حقهم فى المسكن وهو فساد اقتصادى ومالى وفساد سياسى أدى إلى أن يصبح ثلث الشعب فى العشوائيات وتتحول أراضى الدولة إلى تجارة بينما غالبية المصريين بلا شقة مقابل توسع المنتجعات، وكل هذا باسم الاستثمار وهو استثمار يعنى تعظيم ثروة عشرات وحرمان ملايين. كان الفساد متجاوزا لكل قواعد الاقتصاد الحر أو الرأسمالية إلى نظام يجمع بين مساوئ كل الأنظمة مضافا إليها جشع عابر للحدود.

فساد سياسى فى الأساس تسنده التشريعات البرلمانية بأغلبية الحزب الوطنى، وكان البرلمان هو الذى تلاعب فى قانون مواجهة الاحتكار الذى تتسم به الأنظمة الرأسمالية وهو من لوازمها لكنهم انتزعوا صلاحياته، وكان رئيس لجنة الخطة والموازنة أحمد عز قيادى أمانة السياسات أحد الذين أوكل لهم وضع قانون منع الاحتكار، فهل يمكن محاكمة عز بمعزل عن رئيس مجلس الشعب الذى غض النظر عن التلاعب فى القانون.

وهل يمكن تجاهل رفض الضرائب التصاعدية، وهى أيضا من أسس الاقتصاد الحر الذى كانوا يرفعون رايته بينما يمارسون أسوأ أنواع الجشع والذى تجاوز كل القواعد?!.
هناك تحالف تحتى للفساد السياسى وتحالف الثروة والسلطة، لايمكن تصديق أن يقوم أى تحديث أو تطوير دون تغيير للنظام كله فهل يمكن تصور محاكمة للفساد دون إنهاء حلف الحزب الوطنى والبرلمان ولجنة السياسات بقياداته؟.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة