تابعت فى الفترة الأخيرة أكثر من حوار فى برامج متعددة على الفضائيات المصرية مع الشيخ الدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل، المرشح المحتمل للرئاسة، والحقيقة أننى كنت أشعر أنها ليست حوارات بمعناها المعتاد، ولكنها أشبه بتحقيق يتقمص فيه مقدم البرنامج دور وكيل النيابة، بينما يكون الضيف محل اتهام دائم.. هذا التناول هو جزء نستطيع أن نسقطه على المشهد الإعلامى العام، باعتبار أبو إسماعيل أحد المنتمين البارزين للتيار الإسلامى.
فالطريقة التى كانت تدار بها هذه الحوارات تدل على أزمة حقيقية- أو مفتعلة - لدى النخبة وقطاع عريض يطغى على الإعلام فى فهم التيار الإسلامى.. ففى حين كان أبو إسماعيل يتحدث عن مشروعات كبرى تتعلق بالقطاع السياحى، تجتذب استثمارات أجنبية تزيد من دخل السياحة إلى ثمانية أضعاف، كان مضيفوه يحدثونه عن البكينى باعتبار أن مصر لن تقوم لها قائمة من دونه.. وفى حين حاول الرجل توضيح رؤيته عن اقتصاد يعتمد مبادئ إسلامية غير ربوية ومشروعات تنموية حقيقية متحدثاً عن اتحاد البنوك الإسلامية الذى جذب دولا أوروبية، حدثوه عن اختلاط الجنسين ومحلات الخمور.
أراد الشيخ التحدث عن أهمية إقرار قوانين تمنح القائمين على الأجهزة الرقابية الحماية وتفصلهم فصلا تاما عن مؤسسة الرئاسة، فسألوه عن موقفه من "الحبيبة على الكورنيش".. والغريب أن المداخلات الهاتفية كانت غالبا ما تتفق مع مقدم البرنامج وتهاجم الشيخ، وكأن آراء الأخير ليس لها أى مردود فى الشارع.
إن أزمة النخبة والتيارات الأخرى مع الإسلاميين ترتكز على "تسطيح القضايا" ـ المتعمد فى رأيى ـ دون أدنى تقارب مع القضايا الجوهرية، فهم يدركون، كما أدرك الشعب، أن الإسلاميين فى مصر ليسوا "دراويش" ولا مغيبين، ولكنهم سياسيون واقتصاديون يدركون الواقع ومتطلباته.. وأحسب أن سياسة التخويف الإعلامية لا تريد الاقتراب من آراء التيار الإسلامى فى قضايا قد تطمئن الناس.. ولكن واقعيا دائما ما تأتى الهجمات الإعلامية على الإسلاميين بنتائج عكسية، فالشعب لم يتعاط مطلقا مع هذه الاتهامات ولم يصدقها، ولم تكن فى حساباته الآراء الموجهة، والأمثلة لا حصر لها على ذلك، ويكفى هنا أن نقول إن المحاولات المستميتة لتخويف الشعب من الانتخابات نتج عنها مشاركة تاريخية، والدعاية المضادة ضد "الإسلاميين الوحشين"، نتج عنها تقدمهم فى المرحلة الأولى.
لقد كان الإسلاميون فى مصر دائما يتواجدون بين الشعب ويعرفون احتياجاته، وهم يدركون أن الجانب الاقتصادى من أهم عناصر النهوض بهذا البلد، وأن القضايا التى يتحدث عنها الإعلام دائما من نوعية الأسئلة التى كانت تعرض على د.أبو إسماعيل تتعلق بقيم المجتمع، وليست قيم الإسلاميين وحدهم، وأولى بهذه الأسئلة أن تعرض على الأزهر، وليس على مرشح محتمل للرئاسة.. وأعتقد أنه من الأجدى لهذا الوطن أن نكف عن التخويف والتخوين والقضايا السطحية، ونبدأ مناقشات موضوعية عن القضايا الجوهرية التى ترقى بالمجتمع المصرى وتنهض بالأمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م / أحمد
تسلم إيدك
عدد الردود 0
بواسطة:
mashhour
مقال ممتاز
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف
سلمت يدك
والله لقد انصفت
عدد الردود 0
بواسطة:
سلاف
على اساس اية
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد فوزي
رقم واحد : و بالذات النخبة ..
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد امين
بجد .... تسلم ايدك
الحمد لله ان الاعلام لم يفسد كله بعد
عدد الردود 0
بواسطة:
سالم
ولماذا لم تتحدث عن دعوة المحامى ابو اسماعيل عن دعوته للمليونيات التى يذهب شباب ضحايه له
عدد الردود 0
بواسطة:
نور الدين
أتقى الله ...وقول الحق
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
رائع
مقال رااااااااااااااااااااااائع وكلام صحيح
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن عبد الحميد
مقال جميل