يبدو أن جماعة "الإخوان المسلمين" لا يرغبون فى أن يفلت منهم شىء، وكل شىء بالنسبة لهم يجب أن يكون فى وضع السيطرة، فمع احتلال الأحزاب الإسلامية مراكز متقدمة فى الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية الجارية، بدأ الكثيرون فى التخوف من هذا الصعود، وتحديداً العاملون فى مجال الفن والثقافة، حيث عبر البعض عن تخوفاتهم من الآراء التى قد يفرضها التيار الإسلامى المعتدل والمتشدد ونوعية الرقابة التى قد تشهدها الفنون فى الفترة القادمة، فى ظل وجود أغلبية إسلامية بالبرلمان المقبل.
وكالعادة جاء رد فعل الإخوان سريعاً، وبدأ عدد من أفراد الجماعة فى زيارة بعض الفنانين فى منازلهم موجهين لهم رسائل تطمين، ومؤكدين أنهم مع الفن والفنانين، وزاروا بالفعل الفنان عمار الشريعى والموسيقار هانى شنودة، ويبدو أنهم وجدوا أن زياراتهم للفنانين فى منازلهم لن تكون كافية لخلق رأى عام داعم لهم، وللتأكيد على وضوحهم وتفهمهم، لذلك جاءت الزيارة الرسمية التى قام بها كانت جماعة الإخوان المسلمين حيث أوفدت وفدا منهم إلى نقابة المهن التمثيلية، ضم كلاً من د. محمد النجار مسئول لجنة الدراما والسينما باللجنة الفنية لجماعة الإخوان، ود. محمد الزينى مسئول العلاقات العامة باللجنة الفنية، وسيد درويش مسئول اللجنة الفنية لجماعة الإخوان، فى رسالة منهم لدعم الفن الهادف والتأكيد على أهمية دور الفن فى توعية الشعب المصرى، وهى الإثارة التى تثير الكثير من علامات الاستفهام؟ خصوصا فيما يتعلق بتأكيدهم على فكرة الفن الهادف، لأن التصنيف المعروف علمياً هو فن جيد أو سيئ.
ولا أعرف كيف يعتقد البعض من جماعة الإخوان أن هذه الزيارات قد تطمئن البعض العكس صحيح تماما، فهى زيارات مغرضة وهدفها الوحيد التأكيد على أنهم قادمون وبقوة، وسيفرضون شروطهم، وسيكونون أقسى من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، ولن يقبلوا بحرية كاملة للإبداع، والذى أعرفه جيداً أن حرية الإبداع ليست مجالا للمساومة، ولا يجب التعامل معاها على طريقة "جلسات المصاطب"، بمعنى زيارات ودية وكلام فضفاض عن الإيمان بدور الفن والفنانين، بل يجب أن يكون هناك برنامج واضح يؤكدون فيه على حرية الإبداع والمبدعين، وعلى أن الجمهور هو صاحب الحق الوحيد فى الانتصار للأعمال الجيدة دون غيرها، دون وصاية وتقييمات أخلاقية من أحد، ولذلك أستخدم تعبير المنتج الفنان محمد العدل عندما قال معلقاً على زيارة عدد من الجماعة إلى النقابة: "يا نحلة لا تقرصينى ولا عايز عسلك".
ومن يرجع إلى التقرير الذى نشره الزميل عباس السكرى حول هذه الزيارة عليه فقط أن يقرأ تعليقات القراء، والتى تذهب فى معظمها إلى أن ما يقوم به الإخوان مجرد تمثيلية، أو على طريقة مسرحية زيارة السيدة العجوز للكاتب فرد ريش دورينمات، والتى عادت لتنتقم من كل من أذاها أو حتى التزم الصمت، وهى ترتدى ثوبا شديد الإنسانية.