د.محمد فوزى
نشرت بعض الصحف تصريحات نسبتها إلى سيادة المستشار وزير العدل عن تعديلات تشريعية تتصل بقضايا المال العام، وكان جوهرها أن الرد والتصالح مع الجهة العامة صاحبة المال يقتصر أثره من حيث انقضاء الدعوى الجنائية أو غير ذلك على المستثمر، دون المسئول الحكومى الذى يفترض أنه المتهم الأول.. وأن الاتهام هو الحصول على منفعة بغير حق للغير الذى هو ذلك المستثمر.. وأقول بفرض ذلك لأن مفهوم ما نشر كان يعطى هذا المعنى.. وإذا كان ما تقدم هو ما تعنيه تصريحات السيد وزير العدل، فإن لنا أن نختلف معه، لأن ما تقدم يختلف ويخالف الأصول القانونية الحاكمة.. لأننا إذا كنا إزاء اتهام بارتكاب جريمة تربح فى صورة الحصول للغير على منفعة بغير حق.. فإن تلك الجريمة لا تقوم إلا بوجود طرفين.. الموظف العام الذى حصل للغير على تلك المنفعة وشريكه وهو الغير.. أو المستثمر فى قضايا المال المسيطرة على الجو العام الأساسى للمحاكمات الجنائية التى تشغل الرأى العام فى هذه الأوقات.. ولا يمكن أن يكون الموظف العام متهما بتربيح الغير إلا بوجود هذا الغير متهما بالاشتراك معه فى ذلك.. بمعنى أنه إذا تم الرد والتصالح، فإن مؤدى ذلك ليس فقط هو انتفاء ضرر النسبة للجهة العامة صاحبة المال.
وإنما وهو الأهم انتقاء الربح أو المنفعة بغير حق بالنسبة للمستثمر.. وبالتالى انتقاء الجريمة لغياب أحد أركانها التى لا قيام لها بدونه، وهو هذا الربح بغير حق.. وهذا لا يمكن إلا أن يؤدى إلى انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لطرفى الاتهام.. فإذا لم يحدث ذلك واستمر الاتهام قائما على سند من أن الوقعة قد تمت ولا تأثير للتصالح اللاحق بشأنها.. فإن الاتهام يكون قيام الموظف العام بتربيح الغير، وهذا يستلزم أن يكون كلاهما متهما.. ويمكن أن يوضع الرد والتصالح أمام هيئة الحكم التى قد ترى أنه مؤثر فى تقريرها.. بل وقد ترى أن تقضى بعقوبة مع إيقاف التنفيذ.. وهذا شأنها فى جميع الأحوال.. أما القول بتقديم الموظف الحكومى فقط للمحاكمة دون هذا "الغير".. فهو يعنى أننا نطرح للمحاكمة الجنائية جريمة ينقصها ليس ركن من أركانها ولكن طرف أساسى من أطرافها.. تماما كما لو قلنا أنه من الممكن أن تطرح جريمة قتل أمام المحاكمة الجنائية دون أن يكون هناك قتيل.
والمقصود هنا ليس غياب أحد الأطراف، فهذا لا يؤثر فى سلامة الكيان القانونى للجريمة، ولكن نقول أننا إزاء استبعاد أحد الأطراف الأساسية التى لا وجود للجريمة ذاتها إلا باجتماع تلك الأطراف سواء كانت حضورا خلال المحاكمة أو غائبين.. هذا رأى قانون لا يمس كامل احترامنا لسيادة المستشار الوزير صاحب هذا الاقتراح ونحن نختلف معه حول أصل قانونى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة