أعلم بأن الرحيل أحيانا يكون بإرادتك وأخرى بإرادة الخالق، لكن لم يأت أمر الخالق لذلك سوف ارحل بكامل إرادتى وبكامل قواى العقلية قبل أن يسلبها منى أحد، أو يستوقفنى بلطجى ليسرقها منى عنوة.
سوف ارحل إلى الداخل فليس لنا مكان فى الخارج – لكنى اهرب إلى نفسى – احتمى بها، فهى الوحيدة التى سوف أستأمنها على حياتى وعقلى، قد ابنى لى كهفا، خندقا، صومعة، محراب، شريطة أن يكون بعيد عن الناس وأعينهم وأنفاسهم الممتلئة حقدا وكراهية وغضبا، أريد ألا أكون فى ميحط غضبهم المدمر، لن العب معهم فى ساحاتهم فقط ينقلب اللعب إلى معركة حامية يراق الدم فيها، لا أريد أن أشاركهم مأدبة طعام ربما تكون مسمومة أو يكون العشاء الأخير، لا أريد أن أرى أى ابتسامة صفرا ترتسم على الشفاة، لا أريد أن أرى نظرات عيونهم فهى نظرات كاذبة ليس فيها حب ولا رحمة، لا أريد لمساتكم لأنها لن تكون حانية، لا أرغب فى مشاعركم لأنها مزيفة، لا أريد همساتكم فهى فحيح الأفاعى تنتظر الفرصة لتلدغ، نعم ياوطنى سوف ارحل من نفسى إلى نفسى ومن وطن عشت فيه لوطن آخر ليس غريبا عنى ولست غريبا عنه بل هو بداخل حصن آمن، هو ملاذى وحبى وحياتى، بقدر ما أعطيه من سلامة موقف، وتسامح مع النفس، ومصالحة مع الذات، وصفاء قلبى ونقاء روحى هذا ما أبحث عنهم فى وطنى بعيدا عن شكوك ووهم وظنون أنا فى غنى عنها، أنا كغيرى من بنى البشر، وقد يرى الناس فى ما أراه فيهم، لذلك أريد أن ارحل حتى أتوب وأستغفر وأتطهر من تلك الذنوب العالقه والجاثمة على كتفى وفوق صدرى.
لا أريد أن أكون من ضمن القائدين للغضب الجماعى – بل أنى أبحث عن من لديهم الضمير الجمعى لبناء الوطن وعندما أجدهم سوف أقول هذا هو وطنى وهؤلاء أبناء جلدتى وشركاء مصيرى، نعم سوف أرحل حتى لا تمتد يدى إلى أن تصبح معول هدم فى جدار يا وطنى – نعم ارحل حتى لا تكون كلماتى وكتاباتى زارعة لليأس والإحباط والقنوط من كل شيء، سوف أرحل وليس لى من زاد الدنيا إلا سلامة العقل والدين فهما زوادى فى هذه الحياة وهى نعمة ما بعدها نعمه ما نشاهده الآن هى فتنة وقانا الله شرها وشر المشاركة والانغماس فيها، فتنة مصالح وهوى شخصى، فتنة على المثالب والمطالب – وليس على هم وطنى وشاغل قومى ومستقبل أبناء وأحفاد، سوف أرحل عنكم يا بنائى وأحفادى لفشلى فى أن انضم إلى هذه الفئات، ولا يمكننى أن أقاوم هذا التيار أو ذاك بمفردى لكم الله يا فلاذات أكبادى وأحفادى، فاعذرونى وتقبلوا أسفى، لأنه لا دخل للمشاعر الأبوية ولا العائلية وليس لها وجود الآن، فأنا أغرد وحيدا ولا أريد أن يسمع صدى شجونى سواى ولا يرى بكاء عيونى إلا يداى التى سوف تسمح تلك القطرات الندية من على خدودى المتجعدة بفعل الزمن، سوف أرحل وربما أعود يوما سواء كانت محمولا أو على قيد الحياة لكنى من المؤكد بأنى سوف أعود يوما.
سامى عبد الجيد فرج يكتب: عفوا يا وطنى فانى راحل
الأحد، 27 نوفمبر 2011 02:25 ص