جاءت الأحداث الأخيرة التى شهدها شارع محمد محمود لتكون بمثابة الدافع للحديث عن تاريخ الشوارع والميادين التى كان لها دور لافت بعد ثورة 25 يناير، وخاصة بعد أن أطلق بعض الثوار على هذا الشارع اسم "عيون الحرية" فى إشارة إلى مصابى الثورة الذين فقدوا أعينهم فى هذا الشارع من طلقات الخرطوش التى كانت تسددها قوات الأمن إليهم.
وتاريخ هذا الشارع لا يعرفه الكثيرون فاسم هذا الشارع يعود لوزير الداخلية محمد محمود باشا وزير الداخلية فى عهد فؤاد باشا، كما أنه أول مصرى تخرج من جامعة أكسفورد، فهو علم من أعلام السياسة فى مصر، ينتمى إلى الدستوريين حيث كان رئيسا لحزب الدستوريين الأحرار، شكل الوزارة أربع مرات، لم تكن علاقته بالخديوى عباس حلمى جيدة، وذلك بسبب شدة اعتزاز محمد محمود باشا بنفسه وتأكيده الدائم أن أباه محمود باشا سليمان قد عرض عليه ملك مصر قبل الملك فؤاد فرفض.
وكان محمد محمود باشا أول من أطلق فكرة تأليف وفد فى سبتمبر ١٩١٨، للمطالبة بحق مصر فى تقرير مصيرها وفقاً للمبادئ التى أعلنها الرئيس الأمريكى "ولسن" عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، وفى اليوم السابق للثورة، ٨ من مارس ١٩١٩، اعتقل الإنجليز محمد محمود مع سعد زغلول وحمد الباسل وإسماعيل صدقى، ونفوا إلى مالطة، مما أدى إلى تأجيج المشاعر الوطنية وانفجار الثورة.
وتبرع بقصره الخاص (مكتبة الجامعة الأمريكية الآن) لأول مؤسسة تعليمية مصرية تقوم بدور الجامعات فى العصر الحديث بعد جامعة الأزهر لتكون نواة لإنشاء جامعة القاهرة قبل انتقال الجامعة إلى الجيزة، بعد أن اكتتب لها الزعيم محمد فريد.
وشارع محمد محمود ليس وحده من كتب تاريخ الثورة بل يظل ميدان التحرير أول المحطات التى كتبت ثورة 25 يناير، فمنه خرجت بذرة الثورة، وقد حاول البعض تغيير اسمه إلى ميدان الشهداء، إلا إن اسم التحرير ظل ملازماً له، فمنه كان تحرير المصريين من الظلم والقهر والفساد فى عهد النظام السابق، واتفق الجميع على بقاء ميدان التحرير رمزاً للحرية والعدالة الاجتماعية.
ميدان التحرير هو أكبر ميادين القاهرة، سمى فى بداية إنشائه ميدان الإسماعيلية، نسبة للخديوى إسماعيل، ثم تغير الاسم إلى ميدان التحرير، نسبة إلى التحرر من الاستعمار فى ثورة 1919 ثم ترسخ الاسم رسميًا فى ثورة 23 يوليو عام 1952.
ويرمز ميدان التحرير إلى حرية الشعوب وصمودها، حيث شهد عدة مواجهات بين المحتجين والقوات الأمنية التى بدأت منها أحداث ثورة 1919 ومظاهرات 1935 ضد الاحتلال الإنجليزى وثورة الخبز فى 18 و19 من يناير 1977، وصولا إلى ثورة 25 يناير.
ميدان العباسية، أحدث الميادين التى بزغ نجمها الأسبوع الماضى، بعد أن قرر مؤيدو الرئيس المخلوع حسنى مبارك وأنصار المجلس العسكرى تنظيم مظاهرات مؤيدة لاستمرار المجلس العسكرى فى حكم البلاد، فى معارضة منهم لما يحدث فى ميدان التحرير بعد أن أطلقوا على أنفسهم اسم الأغلبية الصامتة.
ميدان مصطفى محمود، ظهر اسم هذا الميدان فى بدايات الثورة، حيث خرجت منه مظاهرات مؤيدة لبقاء الرئيس السابق حسنى مبارك فى السلطة، من قبل مجموعة من الأشخاص أطلقوا على أنفسهم اسم "أنا آسف ياريس"، وكانت مجموعة "آسفين ياريس"، بمثابة الثورة المضادة لما يجرى فى ميدان التحرير، فقد كان أعضاؤها ينظمون تظاهراتهم كل جمعة من كل أسبوع فى ميدان مصطفى محمود للدفاع عن الرئيس السابق.
ميدان روكسى، أيضاً من بين الميادين التى شهدتها ثورة 25 يناير، حيث خرج من هذا الميدان أيضاً مؤيدو الرئيس السابق، والذين كان معظمهم من الفنانين وأبرزهم عمرو مصطفى وسوسن بدر وعفاف شعيب، الذين سخر منهم شباب الفيس بوك لما أبدوه من تعليقات رافضة للثورة.
التحرير والعباسية وروكسى ومحمد محمود أبرز علامات "ثورة الميادين"
الأحد، 27 نوفمبر 2011 01:24 م