جيش للوطن؟! أم وطن للجيش؟! تلك هى المعضلة؟!
فهذا السؤال، يدخل بنا إلى مناطق محظورة، وشائكة، فرضتها علينا بعض نصوص وثيقة الدكتور على السلمى.
أعترف فى البداية أن بعض نصوص الوثيقة، تجسد مبادئ وقيما لا خلاف عليها، ولا يمكن أن نرفضها، أو نعارضها.
لكن المزاوجة بين هذه النصوص، وغيرها من النصوص التى تهدم فكرة مدنية، وديمقراطية الدولة، تجعلنا نقف فى معسكر الرافضين بشدة للوثيقة اللغز.
المشكلة فى تقديرى ليست فى وجود بعض الترتيبات الخاصة لمناقشة موازنة القوات المسلحة، وهو ما يمكن تفهمه فى إطار أنها جيش للوطن.
لكن المشكلة أن تتحول هذه الترتيبات، إلى نصوص دستورية، تجعل الوطن هبة للجيش!!
فكيف لنا أن نقبل أن يتحول جزء من السلطة التنفيذية إلى سلطة فوق كل سلطات الدولة؟!
كيف يمكن أن يناط بالجيش حماية الشرعية الدستورية؟ وما هى حدود هذه الحماية وحالات القبول بها؟!
نفهم أن يكون الجيش حامياً لأمن الوطن، من الخارج، وفى حالات بعينها فى الداخل، كما فعل فى مواجهة تمرد الأمن المركزى عام 1986، لكن كيف له أن يحمى الشرعية الدستورية؟!
مقبول أن تختص لجنة برلمانية بعينها، بمناقشة «الجزء العسكرى»، فى موازنة القوات المسلحة، لكن لا يمكن أن نقبل أن نعود لزمن «المناطق السوداء» فى الموازنة العامة، حيث لا رقابة ولا مراجعة ولا حساب.
وعندما نتحدث عن «الجزء العسكرى» نقصد النفقات الخاصة بالتسليح، والصناعات الحربية، وما يدور فى هذا الإطار من نفقات، بعيداً عن الشركات الربحية، ومصانع الأسمنت والسيارات والغسالات وشركات المياه المعدنية، ومشاريع الخدمة الوطنية، وغيرها مما ينبغى أن يخضع للقواعد العامة دون غيرها.
صحيح أن البعض يرى أن الدوريات العسكرية المتخصصة، تنشر للعالم كله، جميع المعلومات المتصلة بالتسليح والصناعات الحربية والإنفاق الخاص بها، فى كل بلدان العالم، وفى مقدمتها مصر، لكن هذا لا يمنع من إحاطة هذا الإنفاق بقدر من سرية المناقشة والمراجعة، فى إطار لجنة برلمانية مختصة.
لكننا لا نجد مبرراً أن يمتد هذا للنفقات والاستثمارات الأخرى - غير العسكرية - حتى لا يتحول الجيش لدولة داخل الدولة، ويصبح هناك وطن للجيش بدلاً من أن يكون لدينا جيش للوطن.
أهم مبادئ الدولة الحديثة الديمقراطية أن يكون لديها وحدة فى الموازنة العامة، وأن تتسم هذه الموازنة بالعدالة، والشفافية، وهو ما يهدمه تماماً تخصيص موارد بعينها لجهات بعينها، أو أن ترد بعض النفقات «رقماً واحداً» بما يقضى على شفافية المحاسبة، عبر الحساب الختامى للدولة. فى فترات الحروب كان الشعار المقدس هو: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» فكانت الموازنة العامة كلها تخضع لأولوية تحرير الأرض، والمجهود الحربى، وكان الأمر مقبولاً بل حتمياً أن يحاط بكل أشكال السرية التى توفرت بغير نص دستورى، ووفقاً للضرورة.
وخلال 30 عاماً هى كل سنوات حكم مبارك، ظل الرجل يستأثر لنفسه بتفويض مطلق فى إبرام اتفاقيات شراء الأسلحة مجدداً التفويض بهذا عاما بعد عام، دون أن يقدم تقريراً أو بياناً واحداً حول مدد التفويض التى انتهت، والتى كان يتعمد تجديد كل تفويض قبل نهاية مدة التفويض السارى مفعوله لتفادى فكرة المحاسبة.
وليس سراً أن مثل هذا التفويض فتح أبواباً هبت منها رياح فساد عاتية، وشكوك مشروعة، خاصة بعد أن كشفت مصادر عديدة، عن ثروات الرئيس الضخمة وبعضها تكون بفعل عمولات تحصل عليها هو وشريكه حسين سالم لسنوات طويلة.
لم تكن هذه المعلومات سراً، بل كانت العديد من الدوريات الأجنبية، والصحف الخارجية تشير لها، مما حملنى مراراً على إثارة الأمر بوصفه باباً للفساد لابد من إغلاقه.
واليوم ومصر تبدأ عصراً جديداً مازال فيه فأس مبارك فى رؤوسنا، كيف لنا أن نعطى مثل هذا التفويض بنص دستورى؟! كيف لنا أن نقبل أن يكون هناك برلمان يشرع لمصر وآخر يشرع لهيئة أو جهة أو سلطة بعينها؟!
لهذا رفضت وثيقة السلمى.. ولهذا سأشارك الجمعة القادمة.
عدد الردود 0
بواسطة:
مرسال حزب الكنبه
انت مالك ومال الجيش
عدد الردود 0
بواسطة:
nagy
اظن ان نوايا الجيش واضحة ولا احد يزايد عليها
عدد الردود 0
بواسطة:
لأجى فى الخليج
خسارة
خسرناك .....كنت أتمنى أن تكون فى البرلمان القادم
عدد الردود 0
بواسطة:
حريه
انت تعيش علي فتات المجتمع من الاثاره الفارغه
امثالك يعيشون علي الفتات لا علي المبادئ
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
علي المخطي تصحيح خطاء ة
عدد الردود 0
بواسطة:
د عصام
صح
عدد الردود 0
بواسطة:
توفيق
جيش للوطن
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كمال الخشاب
الايعقلون ام هم صم وبكم وعمى
عدد الردود 0
بواسطة:
سيكا المصرى
مقال ممتاز وكلام فى الجون
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد
رائع يا د. ايمن
اصبحت كبد الحقيقة