وقال ثلاثينى من بينهم وقد لبس قبعة بألوان الحزب والغصات فى صوته "هذا يوم ولادتى الحقيقى. اليوم أنا إنسان حر يعيش حياة كريمة دون أن يتعرض للمهانة"، وقال هادى (44 عاما) "أمر رائع أن نعيش هذه الحرية وهذا الانتصار".
وأطلق النهضويون العنان لفرحتهم التى ظلوا يكتمونها منذ الأحد الماضى الذى شهد انتخابات تاريخية حرة فى تونس. كانوا على ثقة من فوزهم غير أنهم لزموا الانضباط وانتظروا فى صبر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رسميا النتائج الجزئية.
وحين صدرت النتائج الجزئية مؤكدة تقدم النهضة، تعالت صيحات الابتهاج أمام مقر الحزب فى حى مونبليزير بوسط العاصمة.
وتعانق الجميع فخورين بفوزهم واختلطت دموع الفرح بالذكريات الأليمة عن عذابات السجون وغربة المنافى. ولوح البعض بأعلام تونس وراية النهضة مرددين "يا نهضة سير هذا عهد الجماهير" و"أوفياء أوفياء لدماء الشهداء".

وقال أحد ناشطى الحزب "فرحتى اليوم لا توصف ولا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عن هذا الموقف، بل هذا الحلم الذى تحقق".
من جانبه شرح هادى "أمضيت 11 عاما فى السجن، كنت طالبا وناشطا. جاء شرطيون وأوقفونى فى غرفتى فى المبيت الجامعى بعد تظاهرة" مضيفا أنه تعرض "للتعذيب والإهانة"، غير أنه أكد "اليوم نسيت كل شىء، حتى التعذيب". وأضاف محاطا بجمع غفير متحلقا حوله "هذا البلد فى حاجة للحرية. ومن أجل بناء بلادنا يجب أن ننسى"، ثم فجأة ساد الهدوء حين بدأ قيادى فى الحزب بإلقاء كلمة يشكر فيها الجميع وتونس ويطمئن مجددا بشأن نوايا حزبه.
وقال عبد الحميد الجلاصى "لم يعد النهضة ملكا لمناضليه ولا لناخبيه، أصبح الحزب الأول فى البلاد أى ملك للشعب التونسى". وألقيت الكلمة باللغة العربية ثم ترجمت إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية.
وقالت أسماء (20 عاما، محجبة) "وضعنا آمالا كبيرة فى النهضة. آمل أن يكونوا فى المستوى. كل ما نريده هو الحرية وتأمين المستقبل". وعلقت ضحى (25 عاما) "لقد نجح النهضة لأن الشعب يعرف أن لديه مصداقية، لأن مناضليه هم من الشعب مثلنا". وقالت صديقة لها كانت برفقتها "سنناضل من أجل حرية الجميع. منع الخمر غير وارد ولا إعادة النساء إلى البيوت".
أما سعيدة (42 عاما، ربة بيت) فتعتبر أن الأولوية الآن "هى البطالة، لدينا آلاف الشباب بلا عمل ويتعين منحهم أملا فى المستقبل". وبعد الخطاب والكلام فى السياسة، عادت الموسيقى لتصدح بأغان مختارة وسط مشاعر بأن تونس كلها أصبحت ملكهم. وقدم أحمد (23 عاما، طالب) المرتدى جينز وحذاء رياضيا وهو يركض "جئت حالما استطعت وحال معرفتى بالنتائج". وبدا فخورا بالحملة الانتخابية التى ساهم فيها وجولاته العديدة فى العاصمة لحشد الناخبين. وقال إنه أصبح الآن "يحب العمل فى السياسة" وحين سئل عن السبب أجاب "لأنى أحب بلادى".
ولكن ماذا إذا لم يف النهضة بالوعود التى أطلقها؟ "سنقول له ارحل".