قبل ثورة 25 يناير كنت لا أحب ولا أود أن أشاهد التليفزيون المصرى ولا قنواته الفضائية، بما تبثه من برامج أو نشرات إخبارية، كانت معظمها عن رئيس الدولة والسيدة سوزان مبارك والأستاذ جمال والسادة رئيس الوزراء وباقى الوزراء، ثم تعرج على الأحداث العربية والعالمية، إلا أن السمة الغالبة فيها هى الأخبار الحكومية وشبه الحكومية، وكنت واحدا من كثيرين يطوفون على القنوات الفضائية الإخبارية منها والمنوعة كالجزيرة والعربية والفرنسية والـ bbc وبعضها من القنوات التى لنا عليها مآخذ، وللحقيقة فإن كل القنوات لابد وأن تكون عليها مآخذ واختلاف وخلاف مثلها مثل البشر.
ولكن بعد ثورة 25 يناير بدأ يتسلل إلى نفسى حب استطلاع ما يقوله التليفزيون الرسمى وقنواته الفضائية عن مرحلة ما بعد الثورة، والتغطية التى يقوم بها، وهل هى مشابهة لما كانت عليه من قبل أم حدث تحول فى الرؤى والرؤية على غرار ما حدث فى عدد من القنوات الفضائية الأخرى التى تتشدق بأنها قنوات مستقلة، ويكاد يحلف مالكوها ومذيعوها بالليل والنهار أنها قنوات مستقلة لا يهمها إلا مصلحة الوطن والمواطن، وهى أبعد ما تكون عن ذلك، بل لاحظت ولاحظ غيرى أن أجندتها يأتى فيها الوطن والمواطن فى ذيل قائمتها، وأما فى أعلى القائمة فيأتى الممول ثم تأتى فئات وجماعات على حساب فئات وجماعات أخرى، وإذا كنا نحن الإعلاميون ننادى بعدم التحيز والنزاهة والابتعاد عن الانتصار لرأى ضد الآخر، إلا أن الملاحظ أن البعض فى هذه القنوات من مذيعين وإعلاميين ينفشون ريشهم وتراهم كالغضنفر يزأر على بعض الشخصيات، وبالمقابل فإنهم أمام شخصيات أخرى يخفضون جناح الذل، وتجد ريشهم الذى كان منفوشا من قبل يرقد مستريحا تراهم كالدجاجة التى لا ترفع صوتها فى حضرتهم إلا بالأدب الجم. وهذه من المصائب التى حلت على البعض من الإعلاميين والصحفيين، وخذ معهم بعض الناشطين الذين يديرون وجوههم قبل المشرق والمغرب باتجاه الدولار ومن أين تأتى ريحه الطيبة، وهل ستأتى هذه الريح الطيبة الخضراء من الخارج؟ فيرفع هؤلاء العقيرة بحقوق الإنسان والاضطهاد الذى ألم ببعض الأقليات وبعض الحركات، مع تصوير وقفاتهم على الفضائيات أو على الفيديو وتحميلها على قنوات التواصل الاجتماعى ليراها صاحب التمويل، وهم مع هذا يتشدقون بوطنيتهم وحب بلدهم وهم بهذه الأفعال أبعد ما يكونون عن الوطنية التى يتشدقون بها ليلا ونهارا فى استعراض زائف كاذب.
المهم أن ما حدث من تليفزيون الدولة من تحول كان عنيفا فى البداية فرأينا برامج وندوات ومؤتمرات يدعى إليها من لا يستطيع المرور من أمام ماسبيرو من قبل، ويقول ما يراه ويؤمن به من آراء بلا رقيب أو حسيب، ويطرح من خلالها ومن نشرة أخبارها كل ما يمكن أن تستغربه من تليفزيون رسمى مملوك للدولة ويتكلم باسمها، إلا أنه وبعد فترة وكما يقولون "راحت السكرة وجاءت الفكرة"، وبدأ القائمون على التليفزيون وقنواته الفضائية يدركون أنه تليفزيون مملوك للبلد وليس مملوكا لرجل أعمال أو جماعة معينة، أو تليفزيون للمعارضة، وأنهم بطريقتهم السابقة يسيرون فى ركب القنوات المستفزة للوطن وللمواطن وللقائمين على هذا الوطن من مجلس عسكرى وحكومة ووزراء لا يجدون من يدافع عنهم فى القنوات الخاصة والتى تعلن أنها "مستقلة"، فلا أقل من أن يجدوا تليفزيون بلدهم وقنواته يوضحون من خلالها رؤيتهم ويدافعون عن وجهة نظرهم، إلا أن البعض استكثر على التليفزيون الرسمى أن يكون رسميا وغضبوا غضبا شديدا أن تكون نشرته الإخبارية تذيع خبرا عن افتتاح المشير طنطاوى لأحد المصانع، وأن التغطية لبعض المظاهرات لم تكن على هواهم، فانبروا لمهاجمته ومهاجمة القائمين عليه ومذيعيه ومذيعاته، ولم يشفع عندهم أن هؤلاء زملاء مهنة، ولكن ماذا نقول لمن يريدون ديمقراطية مفصلة على مقاسهم هم فقط لا تتسع للآخرين من زملائهم وزميلاتهم؟، وهم بهذه الأفعال كأنهم يريدون من التليفزيون الرسمى أن يكون كقناة الجزيرة أو قناة العربية أو الحرة، وهذا هو المستحيل بعينه فكيف تقارن تليفزيون أو قناة مملوكة لدولة ما بقناة حرة متحررة من كل شىء أو مستقلة عن الوطن، ولكن من الإنصاف مقارنته مثلا بتليفزيون قطر أو تليفزيون السعودية أو دبى، فكل دولة لها إعلامها الذى يدافع عنها ويبين ويوضح سياستها للغير، ويبث البرامج التى تبعث للعالم أنها أجمل دول العالم وأفضل دول العالم فى الاستقرار والأمن، وهذا حقها أم أنكم تستكثرون على بلدكم إعلاما خاصا به، وتريدونه أن يدخل حظائركم، وإذا لم يدخل فهو ليس إعلاما.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة