كان يدق باب محل إقامتى فى لندن فى السابعة صباح كل يوم، حاملا معه وردتين بنفسجيتين، واحدة لى، والثانية لزوجتى، حيث كنا نقضى شهر العسل فى مدينة الضباب فى سبتمبر 1987.
كنت أشعر بخليط من مشاعر الامتنان، والحرج، والخوف عليه من التحرك منفردا، وسيرا على الأقدام، فى هذا الوقت المبكر، فى شوارع لندن، وهو «المستهدف»!!
رغم هذا كنت أنتظر زيارته اليومية، الصباحية، المبكرة، كى نطلق أقدامنا لرحلة سير لمدة 30 دقيقة نمارس فيها رياضة «بدنية، وذهنية» نتبادل خلالها أطراف الحوار والحديث الذى بدأ بيننا، فى اللقاء الأول، الذى جمعنا فى عام 1986 ببلجراد.
اللقاء الأول كان بعد أسابيع قليلة من انتقال الدكتور خالد جمال عبدالناصر لإقامة شبه جبرية فى العاصمة اليوغسلافية، إثر ورود اسمه على قائمة المتهمين فى قضية تنظيم ثورة مصر، الذى قاده المرحوم، محمود نور الدين، الذى فارق الحياة، فى ذات المكان الذى أخط منه هذه السطور.. وفى ظروف أظنها مازالت غامضة!!
اللقاء الأول بينى وبين الدكتور خالد جرى ترتيبه برعاية المرحوم العزيز الأستاذ أحمد الخواجة - نقيب المحامين - وبتنسيق - قلق - مع المرحوم أشرف مروان، الذى كان متحفظا على رغبتى فى إجراء أول حوار مع الدكتور خالد عبدالناصر بعد اتهامه فى قضية ثورة مصر وسفره المؤقت إلى بلجراد.. وهو الحوار الذى رفضت «الوفد» نشره فنشرته بمجلة «كل العرب».
عندما وصلت للمنزل البسيط، والبعيد عن المدينة، الذى كان يقيم فيه خالد عبدالناصر وحيدا - قبل وصول حرمه وبناته لاحقا - لم أجد فى البداية ما أقوله للدكتور خالد عندما بادرنى مندهشا وحزينا من أن والدته باتت صورتها تنشر الآن فى الصحف مقرونة بوصفها أم المتهم!! بدلا من وصفها بحرم الرئيس جمال عبدالناصر!!
قلت لخالد يومها إنها لم تعد فقط حرم الرئيس عبدالناصر فقد أصبحت أيضا والدة «البطل» خالد عبدالناصر!! فقال لى: لست بطلا!! ولا مجرما!! أنا - خالد فقط - مصرى، يحب ويكره ما يحبه ويكرهه كل مصرى!!
عندما انتهيت من الحوار الطويل، الذى استغرق إتمامه ثلاثة أيام متواصلة!! اكتشفت أن الذى كتب بالفعل هو عقد صداقة وحب وألفة وأوراق كثيرة فيها أسئلة وإجابات مختلفة شارك فى بعضها الصديق حمدين صباحى، الذى لحق بى فى آخر أيام زيارتى لبلجراد وبقى بعد سفرى بجانب خالد.
كان الدكتور خالد يكبرنى بسنوات لكنى كنت أشعر منذ اللقاء الأول أنه صديقى وابنى وأخى.. كائن شديد العذوبة والرقة والخجل والتواضع والأدب.
اللقاءات التى جمعت بيننا، والتى تصادف أن جميعها كان خارج الوطن «فى بلجراد ثم لندن» لكن كانت هموم الوطن هى الحاضرة دائما، كنا نختلف فى الرأى قليلا، ونتفق كثيرا، لكن الحب الذى جمع بيننا، لم ينقص أبدا.
وبعيدا عن الاتصالات التليفونية الموسمية فى الأعياد والمناسبات ما كنت يوما أمر بأزمة سياسية أو صحية إلا ويبادرنى الدكتور خالد باتصال تليفونى قد يمتد بيننا لساعات طويلة أشعر بعده أننا لم نفترق يوما واحدا!!
شعرت أن قلبى يتمزق فأنا مدين لصديقى - ابن الرئيس - بورود كثيرة قدمها لى، وكنت أتمنى أن أقدمها له، مشفوعة بدعواتى، لإنسان بقى دائما فى قلبى!!
وبعد أن صدر ذلك الحكم الباطل ضدى - منذ أيام قليلة - تلقيت اتصالات عديدة، من أشخاص أعتز بهم جميعا فى مقدمتهم الدكتور البرادعى، وعمرو موسى، وحمدين صباحى، وحازم أبوإسماعيل، وعبدالله الأشعل.. فضلا عن عدد كبير من رؤساء الأحزاب وكنت ممتنا لروحهم الجميلة لكنى ظللت أنتظر اتصالا من صديقى القديم «العزيز» خالد عبدالناصر..
> فقط الآن أدركت أنه رحل!!
عدد الردود 0
بواسطة:
مي وهبه
رحمه الله
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى حر
نت رجل حر كماتقول أو يقول مؤيدوك ولكن ؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
سما
مليار رحمه على زعيم الوجود ناصر وابنه
عدد الردود 0
بواسطة:
نصر
شكرا لوفاء أيمن نور
شكرا للوفياء فى زمن عز فيه الوفاء
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى
نعم الوفاء يا نور
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر يونس
الوفاء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الى التعليق رقم 3 - واين الله خالق جمال زخالد
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعد زغلول
الوفاء و التواضع سمة الرجال من أمثال ايمن نور
عدد الردود 0
بواسطة:
hisham
ومين تانى ؟
ما جالكش تيلفون من الملكه حتبشسوت بالمرة ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو العربى
التاريخ الاسود