د.حمزة زوبع

انتخابات أو لا انتخابات ليس هذه هى الديمقراطية!

الخميس، 20 أكتوبر 2011 10:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعتقد البعض ومعهم بعض الحق أن الانتخابات المقبلة ستفتح أبواب التغيير الكامل والشامل على مصراعيها، وأن مصر وبمجرد إجراء الانتخابات ستتحول إلى بلد ديمقراطى من الطراز الأول، وهذا بالطبع وهم كبير وخيال واسع ورحب، ولكنه قد يكون وهماً مفيداً، لأن الأمل فى الغد هو جزء من عملية التغيير ذاتها، وبدون أمل وطموح وخيال ورؤى لن يتغير شىء. ولكن نحذر من الإفراط فى الأمل والانخداع بالسراب، خصوصا إذا حسبه الظمآن ماء!

الانتخابات المقبلة هى أول بالون اختبار حقيقى لقدرة الساسة فى مصر من مختلف التيارات على المنافسة من ناحية، ومن ناحية أخرى قدرة هذه التيارات على قبول الأمر الواقع، وهو نتائج الانتخابات وإتاحة الفرصة لمن يحصل على الأغلبية أن يقود البلاد خلال المرحلة الحرجة المقبلة.

ستكشف الانتخابات عن قدرات كامنة فيمن سيقود البلد، أو على العكس ستفضح عوراته على الملأ، وستظهر قدرة المعارضة، إما على المضى فى نفس النهج القديم (الصراخ والعويل)، أو تبنى نهج جديد يقدم البديل والبديل القوى والمنافس الذى يدفع من فى الحكم إلى العمل بجدية أكثر، ويقنع الناخبين بأحقية المعارضة فى الفوز مستقبلا، ليس لضعف أداء من فاز أولا، بل لقدرة المعارضة على إقناع الرأى العام بجدية وجدوى مشاريعها البديلة.

والانتخابات المقبلة هى اختبار حقيقى للشعب المصرى فى قدرته على المشاركة الإيجابية من ناحية، ومن ناحية هى امتحان لقدراته على الاختيار أثناء الانتخابات، والمتابعة بعدها، والمحاسبة مع نهاية الفترة البرلمانية، وبدون هذه الثلاثية تفقد الديمقراطية قدرتها على التأثير، فلا معنى لكى تختار ولا تتابع، ولا معنى للاثنين إن لم يكن بمقدور الناخب أن يعاقب أو يكافئ من منحه (منحهم) صوته الانتخابى الذى يتحول من مجرد صوت فى لجان الانتخابات إلى سوط يجلد به من خان الأمانة، ولم يف بما وعد به.

أمامنا شوط كبير وطريق قد لا نرى منتهاه اليوم، ولكننا نخشى من اختزال الديمقراطية فى العملية الانتخابية، فتتوقف عملية التثقيف السياسى والتعبئة الشعبية، ويتم اقتصار المشهد السياسى فى جلسات وحوارات وندوات تعقد تحت قبة البرلمان أو قبة مجلس الشورى كما كان الأمر من قبل.

الديمقراطية الحقة تستوجب تأهيل الجميع على فكرة التسامح والقبول بالآخر، وهذا الآخر قد يصبح أنا حين أكون فى المعارضة أو هو حين يحل مكانى.

ولعل بعضنا تابع مرحلة التحول التى مرت بها أوروبا الشرقية فى نهاية الثمانينيات، وشهد كيف أن الأحزاب الديمقراطية الوليدة لم تصمد فى الانتخابات الثانية أمام بقايا عصر الديكتاتورية، رغم أنها اكتسحتها فى المرة الأولى، وذلك بسبب اختزال العملية الديمقراطية فى الشعارات والتصويت والبرامج الحوارية، ونسيان ملفات مهمة مثل البناء والتنمية والعدالة، وهى أمور تلمس حاجة المواطن بشكل يومى، وعلى مدار الساعة، ولن يغنى عنها فوز هنا أو اكتساح هناك.

نحتاج إلى نفس طويل بدلا من الصراخ والعويل، نحتاج إلى برامج بديلة، قصيرة الأمد وطويلة، نحتاج أولا وأخيرا إلى أن نفهم أن العمل السياسى ليس العمل الحزبى فقط لا غير، فقد تحولت حركات اجتماعية إلى أحزاب سياسية كانت بمثابة رمانة الميزان بين القوى السياسية الكبرى.

نحتاج أن نبدأ وفى أذهاننا أننا على أول الطريق، سواء من فاز بالأغلبية أو من حرم منها.

فى رأيى المتواضع أن هذه الأيام – الحملات الانتخابية – فرصة لا تعوض لتعزيز مفهوم الديمقراطية قبل تلميع صور المرشحين، وأسماء المنتسبين لقوائم الأحزاب والتكتلات.

نحتاج إلى حركة توعية كبيرة تنطلق فى كل أرجاء الوطن تشرح وتوضح وتهيئ الأجواء، وتعد الناس لمرحلة لن تقل أبداً عن خمس سنوات قبل أن ننعم ببشائر الديمقراطية.

آخر السطر:
أبادلكم حبا بحب
وتقديرا بتقدير
وإن جرت على غير ما نريد المقادير!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة